علاء عريبى


بالطبع يلفت انتباهكم دفع قيادات الإخوان بالسيدات والفتيات إلى الشوارع للاحتجاج، ويلفت انتباهكم كذلك اعتماد القيادات بشكل كبير عليهن فى تصدر المظاهرات، لماذا؟،

ومنذ متى أصبح للمرأة الإخوانية دور فى العمل السياسى العنيف؟، نعلم جيدا أن الجماعة خصصت منذ مؤسسها حسن البنا قسما للأخوات المسلمات، تولته السيدة لبيبة احمد مؤسسة جمعية نهضة السيدات المصريات، اقتصرت وظيفة هذا القسم على العمل الدعوى والتربوى، وفى شهر يوليو عام 2011 عقد أول مؤتمر للأخوات المسلمات منذ 60 سنة برئاسة محمد بديع وخيرت الشاطر، وكان الهدف منه حسب تصريحات المرشد: laquo;تقوية العمل العام المجتمعي، ورعاية الأسر اقتصادياً لرفعها من تحت خط الفقر حتى نبني الأسرة الإسلامية المنتجة الناشرة لقيم الخير والسلامraquo;، بمعنى التأكيد على دور المرأة كأم ومربية وراعية للأسرة الإسلامية، وكان الهدف كذلك استغلال القدرة التصويتية للنساء فى الانتخابات، والدفع ببعضهن فى البرلمان تمشيا مع السياسات السائدة فى البلاد، لكن أن يشاركن فى المظاهرات والاعتصام والمواجهات فهذا لم نره بشكل واضح سوى مع اعتصامي رابعة والنهضة وفى المظاهرات التى تجوب الشوارع منذ اسابيع؟، لماذا؟، هل يدفع قيادات الجماعة بالسيدات والفتيات للمظاهرات والاعتصام لقلة اعداد الرجال؟، هل لكى يحتموا فى النساء؟.
الاحتمال الأقرب فى ظنى أراه فى تصريح للسيدة أميمة حسن زوجة الدكتور أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، فى عام 2009 خرجت لأول مرة في تاريخ الجماعات والتنظيمات المتشددة والتكفيرية، برسالة إلى أسرتها فى مصر وإلى المسلمات بشكل عام، حيث حثتهم على التمسك بالحجاب وليس النقاب وليس بالنقاب.
وأيامها كتبت وحاولت العثور على تفسير لسؤالين، الأول: لماذا سمح فقيه وقائد الجماعة لمرأة(حتى لو كانت زوجته) بالظهور والتصريح صوتيا على الملأ؟، لماذا المرأة الآن وليس الرجال؟، والسؤال الثانى هو: لماذا تراجع فقهاء القاعدة من النقاب إلى الحجاب؟، لماذا سمح الفقيه الذكورى للحريم بإظهار الوجه والكفين؟.
المرأة فى فقه القاعدة والجماعات المتشددة كانت ومازالت مجرد عورة، وظيفتها الإنجاب والتربية الإسلامية، وخروج زوجة الظواهري ومخاطبتها المسلمات والأمة بأسرها، دلالته الوحيدة فى ظنى أن المرأة قد حظيت ببعض المميزات فقهيا واجتماعيا، منها الاستماع لصوتها ومخاطبتها المسلمات عبر الوسائط الإعلامية، ومنها خلع النقاب والاكتفاء بالحجاب وإظهار الوجه والكفين.
إلى هنا قد يكون التفسير منطقيا، لكن لماذا الآن (يوليو 2009) وليس سنة 2008 أو 2005؟، لماذا سمح اليوم بخروج السيدة أميمة إلى الأمة وليس قبل سنوات؟، وهل هذا الخروج فقط لزوجات القيادات أم لسائر زوجات أعضاء التنظيم؟، وهل من المنتظر أن يخرجن في رسائل صوتية وتلفزيونية؟، ولماذا سمح لنا اليوم قائد وفقيه القاعدة بسماع صوت زوجته؟.
‬في ظني أن أقرب تفسير لهذا الموقف ‬ضعف قدرة الرجال،‮ ‬وضعف القدرة هنا‮ ‬يشمل القدرة الجسدية(الشيخوخة والمرض والعجز الجنسي‮) ‬ويشمل قدرة الإنفاق ‬ويشمل قدرة الحماية،‮ ‬فعندما‮ ‬يمرض الرجل أو‮ ‬يطعن في‮ ‬السن أو‮ ‬يعجز في الإنفاق أو حماية أسرته،‮ ‬يعلو صوت المرأة وتتمرد وتقفز بسرعة لشغل المساحات التي‮ ‬خلت بعدم قدرة الرجل،‮ ‬ويضطر الرجل أمام ظهور قدرتها إلي تمرير بعض ما كان لا‮ ‬يسمح به في‮ ‬قدرته،‮ ‬وتترك إدارة الدفة لها في‮ ‬أغلب الأحوال،‮ ‬وقد فقد العديد من قيادات تنظيم القاعدة القدرة بسبب الشيخوخة أو المرض أو الافتقاد للأمان بسبب الحياة الصعبة التي‮ ‬يعيشونها،‮ ‬وهنا من الطبيعي أن يدخل بعض التعديلات على خطابه الفقهي بما يتوافق والظروف الشاقة المحيطة.


ربما بسبب تضييق الخناق حول قائد التنظيم ورفاقه من الرجال دفع بالسيدة حرمه لتوصيل الرسالة الشفرة إلى أتباعه في مصر والوطن العربى، وربما لطعن الظواهري فى السن ودخوله مرحلة الشيخوخة هو ما دفع زوجته إلى اقتناص بعض من المكاسب الفقهية.
على أية حال المحنة التى يمر بها قيادات الجماعة فى الفترة الحالية هى التى دفعتهم إلى الدفع بالنساء إلى تصدر المشهد السياسى، وهذا فى ظنى سوف يقوى مركز المرأة داخل الجماعة، كما انه سيدفعها لانتزاع بعض المكاسب الفقهية والوظيفية داخل التنظيم، فالمرأة التى تشارك زوجها فى الانفاق على البيت من الصعب أن يتجاهلها فى اتخاذ القرارات الخاصة بالأسرة، والمرأة التى تنفق أكثر من زوجها هى التى تمتلك الدفة وحق اتخاذ القرار.