عدنان حسين


في واشنطن يدور الآن جدل حول ما وصفه بعض أعضاء الكونغرس الاميركي فشلاً للرئيس باراك اوباما في الحفاظ على ما حققته القوات الأميركية في العراق قبل انسحابها الكامل منذ سنتين.
منتقدو أوباما يلومونه لأنهم يرونه قد تسرّع في الانسحاب ولم يعقد اتفاقاً مع الحكومة العراقية للابقاء على قوة يُمكنها التدخل في الظروف الطارئة، كالظرف الذي نشأ أخيراً في الانبار بعد تحرّك القوات العراقية لفضّ الاعتصامات بالقوة.. وما حدث في الانبار هو ان quot;داعشquot; وسواها من المنظمات الارهابية سيطرت على المدن الرئيسة في المحافظة بيسر وسرعة، ومنتقدو أوباما عدّوا هذه السيطرة إهداراً مجانياً لدماء الجنود الأميركيين الذي رابطوا في العراق منذ 2003 حتى نهاية 2011.


يحق لنا، نحن منتقدي رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، أن نقول كلاماً أقوى من هذا، فاستخدام القوة المسلحة في الانبار الذي كانت من نتائجه سيطرة المنظمات الارهابية على الفلوجة والرمادي وغيرهما على نحو مذهل، أهدر، فضلاً عن الدماء العراقية، سمعة الدولة وقواتها المسلحة، إضافة الى انه نقل المشكلة برمتها الى مستوى أكثر تعقيداً، وضاعف من منسوب التعصّب الطائفي.


ربما كانت هناك اهداف سياسية لاطراف سياسية مختلفة من دفع ازمة الاعتصامات في الانبار باتجاه المواجهة المسلحة، بيد ان هذا العمل كان بمثابة مقامرة، فقد ازهقت ارواح كثيرة بين المدنيين والعسكريين من دون أن تنتهي الى حل نهائي للمشكلة. والحل النهائي غير ممكن بالركون الى القوة العسكرية وحدها من دون ان يكون الهدف الدفع باتجاه الحل السياسي، فالمشكلة جذرها سياسي، وما من حل أمني دائم وراسخ لمشكلة سياسية.
الحل السياسي ممكن لمشكلة الأنبار التي هي في الاساس جزء من مشكلة أكبر. وبرغم جوانب سلبية عديدة لما حدث أخيراً، ثمة جانب إيجابي يتمثل في طرح وتداول افكار ومبادرات للحل.. رئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم طرح مبادرة، وسكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني فاضل ميراني لمّح الى مبادرة من قيادة اقليم كردستان. الأجواء إذاً مهيأة نسبياً لتدشين امكانيات الحل. وبالطبع فأن هذا يتطلب الحوار المباشر بين مختلف الأطراف والقوى، وهو حوار يتعيّن أن يشمل الجميع من دون استثناء غير المنظمات الارهابية، وان يذهب الجميع الى الحوار بنيّة الحل وليس بأي نية أخرى وبارادة الحل وليس من دون هذه الارادة.


قبل سنة، عندما كانت اعتصامات الانبار في بدايتها، كان الحل ميسوراً أكثر من الآن، والآن هو ميسور أكثر مما بعد شهرين أو ثلاثة أو سنة، وما من سبيل الى الحل الذي يحول دون سفك المزيد من الدماء ودون ازهاق المزيد من الارواح ودون إحداث المزيد من الخراب، غير الحوار الذي لابدّ أن ينتظم في مؤتمر أو لقاء وطني.