&خليل علي حيدر
&
&&
يرى بعض المراقبين ان شكوك العراقيين السياسية أعمق من حبهم لوطنهم، وان النفور والعنف أوسع من التفاهم، ولكن هل العراق إن انقسم سينعم داخل طوائفه وقومياته بالسلام والاستقرار؟
جهد التقارب مطلوب من الجهتين، الشيعة والسنة، كما يقول رئيس الوزراء السيد حيدر العبادي. «نحن لا نشك في اشقائنا ومواطنينا من المكون السني. عليهم اولا ان يوحدوا جهودهم، وعلينا العمل على تنظيف جبهاتنا وجعلها آمنة وعصية على الاختراق، ويتحقق هذا عبر مصالحة وطنية مجتمعية». (القبس، 2014/12/23).
توحيد العراقيين، يقول كاتب في صحيفة النيويورك تايمز، «اصعب من محاربة داعش»!
لم يشهد العراق الحديث، يضيف المقال، منذ قيامه قبل حوالي قرن مضى من ثلاثة اقاليم عثمانية هي الموصل وبغداد والبصرة، تحديا شعبيا لدولته الموحدة هذه اكثر مما يشهده اليوم. وقد امر رئيس الحكومة د.العبادي القوات المسلحة بألا ترفع اعلام الميليشيات والاعلام الدينية الشيعية تجنبا لاثارة غضب السنة الا ان احد الجنود العراقيين بـ«المنطقة الخضراء» التي تضم مباني الحكومة وكبار المسؤولين يقول: «عندما وصل امر انزال الاعلام الدينية رفض الناس الاستجابة، وبقيت اعلام الامام الحسين السوداء والخضراء اللون مرفوعة». وتقول «وفاء محمد»، وهي امرأة شيعية من جنوب العراق، «لم يعد هناك احد يبكي على العراق، بل هم يبكون من اجل طائفتهم أو ديانتهم، ونادرا ما تجد شخصا يهتم بالعراق». («الوطن»، 2014/12/25) «فوجئ» شيعة العراق بقيام الدولة بعد الحرب العالمية الاولى، ثم جاء الدور لأهل السنة كي تفاجئهم الاوضاع بعد 2003!
يقول نائب الرئيس العراقي السابق طارق الهاشمي: «من المؤسف ان العرب السنة انقسموا انقساماً حاداً منذ بواكير غزو العراق عام 2003 حول جدوى ومشروعية الانخراط في العملية السياسية والدستور والتعامل مع المحتل، وتواصلت تداعيات هذا الانقسام حتى يومنا هذا، وانسحبت على ملفات حساسة ومهمة تعني بالحاضر والمستقبل».
ماذا عن الاوضاع بعد عشر سنين؟
يضيف: «ولا يزال العرب السنة منقسمين على مشروع الحرس الوطني، والحرب على الارهاب، والاقليم السني المقترح وغير ذلك، بينما الحاجة ماسة للاتفاق وتوحيد وجهات النظر، لكن لا امل في تحقيق ذلك الا من خلال منظومة جامعة يجري في اطارها حوار صريح وجاد ومتواصل، وتنبثق من مؤتمر وطني للعرب السنة».
ان ترتيب البيت السني، يقول السيد الهاشمي، «حاجة موضوعية وضرورة وطنية. وبفعل التطهير الطائفي الذي لم يتوقف وحالة الانقسام والتشرذم تراجعت اهمية المكوِّن السني وتراجع معها دور ممثلي العرب السنة في العملية السياسية حتى باتت المحافظات السنية ساحة حرب استنزاف.. لأن الاستقطاب المذهبي والعرقي قائم وبات حقيقة ماثلة حتى لو لم ينتظم العرب السنة، حيث البيت الشعبي منظم وكذلك البيت الكردي. ولا أنكر ان الخلافات داخل البيت السني كثيرة، لكن الى جانب ذلك هناك مشتركات وثوابت لا يختلف عليها احد». (الحياة، 2014/12/17).
التنظيمات الارهابية التي غمرت العراق بعد 2003، المكونة من فلول البعث والجماعات الجهادية السلفية والمسلحين، والتي بررت وجودها كـ«مقاومة وطنية شريفة» ضد الامريكان، وتوعدت المشاركين في العملية السياسية ورجال الجيش الجديد والامن، وارتكبت ابشع الجرائم الارهابية ضد الشيعة، سرعان ما شملت اهل السنة في تفجيراتها، كما ادت نشاطاتها الدموية الى نزول ميليشيات شيعية للانتقام والثأر. ولم يتحسن وضع اهل السنة مع هيمنة تنظيم القاعدة ومذابح الزرقاوي، فكانوا من ضحاياها. وهكذا تنظيم داعش الذي تولى ذبح المئات من مقاتلي عشيرة «البونمر».
ويقول المحللون ان اضطرار العشائر السنية للاختيار بين الولاء لداعش أو معاداته، ولّد الكثير من العداوات الدموية ومستوى مخيفا من اعمال القتل والذبح، مزقت النسيج السني الاجتماعي بشكل غير مسبوق. ويقول الشيخ نعيم القعود ان مقاتلي القاعدة كانوا اجانب غير عراقيين يقاتلون بأسلحة خفيفة وقنابل بدائية، كما ان اعمالهم الوحشية وحدت العشائر ضدهم. «لكن لدى داعش اليوم ترسانة كبرى من الاسلحة الثقيلة والعربات العسكرية. كما تضم صفوف داعش العديد من العراقيين السنة».
هل ثمة مخرج طائفي لمشاكل العراق؟
يتساءل «عمر الشاهر» الصحافي العراقي المتخصص بالوضع في محافظة الانبار: «هل يدري سنة العراق ان مدنهم دُمِّرت؟ وان سكانها شُردوا؟ هل يدري هؤلاء عن حجم الثارات التي انزرعت في قلب المجتمع؟ ماذا يجب ان يحدث في مناطقهم كي يتيقنوا ان وراء الامر شرا عظيما؟ كم عليهم ان ينزفوا كي يصدقوا ان الدولة هي البديل؟». (الحياة، 2014/12/14).
ثمة تنظيمات ارهابية اخرى في العراق بانتظار انسحاب داعش لتحل محله، وترث مناطق سيطرته! احد سكان «الرمادي» يقول في المقال نفسه: «هناك جماعات جرى تأسيسها على نهج السلفية الجهادية، تنتظر انسحاب داعش – من الرمادي – أو تقهقره في منطقة ما، لتسارع الى احتلالها قبل دخول الجيش. وقد تشتبك معه من اجل السيطرة. وعمليا الجيش العراقي ومن يسانده يواجه هذه الخريطة المعقدة من القوى التي يستثمرها داعش بنجاح. وفي وقت لاحق يقوم داعش بعقد تسوية مع تلك الجماعات من اجل استعادة المناطق التي فسرها»!
&
&
التعليقات