&&زينب عبد الرزاق

& &
بهاء طاهر سيد الزهاد وشيخ شيوخ الحفاظ على الكبرياء ,وفارس فرسان الستينيات.. كتاباته دائما تحتفى بضعف الانسان وتساؤلاته واعتراضاته..,كتاباته هى التى علمتنا كيف نقترب اكثر من انفسنا بصدق,كتاباته ايضا تهب لمن يقراها اعمارا اخرى وحيوات أجمل..بهاء طاهر صاحب المواقف الوطنية المشرفة ..ذهبنا اليه لنحتفل معه بعيد ميلاده الثمانين..نحتفى بوجود سفير البهاء والنقاء معنا..

&


وفى جلسة امتدت ساعتين فى يوم شتائى ممطر..فى منزله الرحب المزين بالحب والهدوء والكتب واللوحات الفنية المختارة بعناية واحساس.. دار الحوار حول الشأن العام السياسى والاجتماعى والثقافى ..سألته عن العام الجديد وأخطر التحديات التى تواجه مصر والمصريين؟وعن احلامه الخاصة والعامة؟وعن خطوات الرئيس السيسى الخاصة بالحفاظ على عنصرى الامة؟وعن حادث شارلى ابدو وموجة الارهاب القادمة فى العالم؟ والكيل بمكيالين فى العالم؟وفكرة العدالة التى لا تتحقق؟ وهل ما زال مؤمنا بأهمية الديمقراطية؟وهل حقا هى تصلح للتطبيق لكل المجتمعات؟عن انتخابات مجلس الشعب؟وموقف رجال الاعمال من صندوق تحيا مصر؟وعن القمامة فى شوارع المحروسة؟وانتشار القبح؟سألناه ايضا عن الصدق وعن الحب وعن الألم وعن مشوار العمر؟واليكم نص الحوار:

&

&

&

عام 2014أطلقت عليه سكة السلامة أم سكة الندامة .. ومع بداية 2015 ما العنوان الذى تطلقه على هذا العام؟

الحمد لله أننا سرنا فى سكة السلامة.,فى رأيى ان 2015 عام أخطر من 2014... لان هذا العام لابد أن يبدأ البناء.. وهل سيتم هذا البناء على الإنجاز الذى تحقق أم ستتعثر الخطوات.. لأن من الفشل الذريع الوقوف فى نفس المكان... إما نتقدم إلى الأمام أو الرجوع للخلف.أنا أسمى 2015 بعام التجربةا.

&

لكن بالتجربة القائمة على النجاح أو الفشل؟

صحيح، أما التقدم للامام أو للخلف.وأيضا هناك مسئولية على وزارة التربية والتعليم فلابد من تنقية وتطوير المناهج التعليمية وتغيير للرؤية.. من الخطأ الشديد أعتبار مناهج الدين مجرد نصوص يتم حفظها وفقط.., والتلاميذ غير مدركين لمعانى هذه النصوص..لابد أيضا أن يكون هناك تجديد فى طريقة التعليم..وفى رأيى ان السبب الرئيسى لنجاح أنصار الاسلام السياسى يعود إلى قدرتهم على العمل مع الناس على أرض الواقع, فتجد أن السلفيين منتشرون فى الجوامع وفى القرى والمحافظات ويخاطبون الناس باللغة التى يفهمونها ويقدمون لهم الخدمات..

&

ــ الرئيس السيسى وجه خطابا مهما فى المولد النبوى حث فيه على تجديد الخطاب الدينى ومراجعة الأفكار، فكيف قرأته؟

بداية بشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب رجل عظيم جدا وأنا أوجه له تحية من خلال الأهرام، وأرى أنه يقوم بواجبه على خير ما يمكن أن يقوم به ولكن الأمر ليس فى يد شيخ الازهر فقط، والأزهر هو منارة الدين الاسلامى فى العالم.

هذه المسألة فى يد جهات عديدة أهمها الاعلام وخاصة بعض القنوات الفضائية التى تبث ما تريد دون أى احترام للثوابت وللمعايير الموضوعة ولكننى أرى أن الرئيس السيسى يواجه كل هذه المعوقات بشكل ايجابى ، وناجح فى ذلك واتمنى ان يستمر فى هذا النجاح، وعندما نقارن بين وضع مصر والبلاد العربية نجد أن وضع مصر آمن جدا.,وفى رأيى أن مصر دائما تصنع رئيسها مصر بلد كبير.. الرئيس فيها لايصنع الشعب ولكن العكس ،وذلك من خلال مساندة الشعب للرئيس ومساعدته على التقدم والنهوض.. وهذا حدث مع الرئيس عبدالناصر والرئيس السادات، فى الحقيقة مصر بالذات هى التى ترفع رئيسها، لا أحد ينسى أن الرئيس مرسى فى أول خطاب له قال أهلى وعشيرتى ولم يقل أيها المواطنون.. ابناء الشعب المصري!!ولذلك تجد أن الرئيس مرسى لم يكن على مقاس مصر كان على مقاس الأهل والعشيرة !! ولذلك سقط سقوطا مدويا.

ولكن هناك مواقف سلبية مثلا من معظم رجال الاعمال، من الاخوان المسلمين واتباعهم.. تختلف تماما عن اللغة القديمة التى مازالت تتعامل بها معظم أجهزة الاعلام، من يريد أن يحدث تغييرا عليه أن ينزل للناس ويعيش معهم ويقف على احتياجاتهم الحقيقية ويلبى مطالبهم..،فى الحقيقة حتى الآن لم نجد صيغة خطاب مناسبة لمخاطبة الشعب، اتحدث هنا عن المثقفين وأجهزة الدولة المختلفة, ليس كافيا ان يكون على رأس السلطة الدينية رجل عظيم مثل الشيخ أحمد الطيب لكن ايضا لابد أن يكون باقى الشيوخ على مستوى ممتاز.وبصراحة اكثر.. يجب أن يكون رجال الدين مقتنعين داخليا بأهمية التجديد وتغيير اسلوبهم.,اتذكر وأنا صغير كنت أصلى فى جامع وكان الامام يلقى خطبة الجمعة من كتاب يضم الخطب

&

وما أكثر المخاطر التى تواجه المصريين فى العام الحالي؟

أكثر هذه المخاوف التى تقلقنى عدم وجود انسجام اجتماعى مازلنا شيعا وفرقا، شباب الثورة، الإخوان، الحزب الوطني، لكن فى العمق، والذى أطمئن له هو أحساس المصريين بالوحدة والذى يظهر دائما فى الأزمات والمواقف الصعبة..، عنصر الأطمئنان لدى هو اللاوعى المصري... الذى يحمى هذا الوطن... وجربناه كثيرا...

التحدى الثانى هو درجة مساندة الشعب للرئيس، ومساندة الرئيس للشعب.. وذلك من خلال القرارات التى سيلقيها بالترتيب ، ليس له أى علاقة بالاحداث التى تدور فى المجتمع.. يقرأ الخطب بشكل مسلسل من الكتاب فقط!! أرجو ان يكون نموذج هذا الشيخ غير متكرر!! من الصعب جدا ان تلقن الخطب فى الجوامع وتلقن الدروس فى المدارس!!فى رأيى أيضا أن ذهاب الرئيس السيسى إلى الكاتدرائية المرقسية يوم قداس عيد الميلاد تحرك ممتاز، نعود مرة أخرى إلى اللاشعور عند المصريين هنا الرئيس يخاطب بشكل غير مباشر لوسطية المصرية للحفاظ على عنصرى الأمة ونسيجها ووحدة هذا الشعب..,وفى رأيى كلنا أقباط.. يعنى مصريين فقبطى معناها مصري.

&

الحادث الارهابى الذى تعرضت له باريس هل هو بداية موجة جديدة لاضطهاد الغرب إلى الإسلام ولصق كل ما هو إرهابى بالدين الإسلامي؟

فى رأيى الأزمة بدأت من بداية نشر الرسوم المسيئة لسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام... وهذه المجلة كانت منتظمة فى الدعاية السوداء للرسول (صلى الله عليه وسلم) وللدين الاسلامي.. لابد ألا ننظر للنتيجة وننسى السبب الرئيسى.. أن رأى اصحاب السياسة التحريرية للمجلة على خطأ وكذلك المنظمون للعملية الإرهابية والفهم الخاطىء للاسلام على خطأ ايضا ،الخطأ من الطرفين ففى القرآن الكريم «ادفع بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم» يقل الله سبحانه وتعالى أضرب من اساء اليك وقال الله فى كتابه العزيز اادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن.الدين الاسلامى يحث على ان نكون فى حوار دائم حتى مع أعدائنا .. هذا هو الإسلام الصحيح،ولكن العنف والقتل هذامن فصيل «الحشاشين» وحسن الصباح الدموي، الإرهاب موجود فى كل مكان.. ولم تهدأ حدته.. وما يحدث فى سيناء من تفاقم بؤر الإرهاب ومحاربة الجيش المصرى له، وانا هنا اتساءل العالم بأسره ينتفض حزنا وغضبا على حادث مجلة «شارلى أبدو» لماذا لا ينتفض حزنا على ما يحدث فى سيناء كل يوم من قتل للجنود والضباط المصريين!! وتصدى مصر لهذه الموجة من العنف والارهاب منذ سنوات.. حتى لا نجد كلمة تعاطف واحدة لمصر..

&

ضحايا الإرهاب فى سيناء أكبر عددا من ضحايا الارهاب فى شارلى إبدو.. إلى متى سيستمر الكيل بمكيالين فى الحكم على نفس القضايا؟

للاسف.. وهذه كارثة والمثل الصارخ ما يحدث لفلسطين..، لا أحد يستطيع ان ينسى ما حدث فى حرب غزة الأخيرة هو تدمير كامل للبنية الاساسية للبلد ومقتل اكثر من 2000فلسطينى واصابة أكثر من 6000 اصابات بالغة الخطورة!!، لم يكن هناك أى رد فعل عالمى قوى مساند لهذه المأساة الانسانية.. للاسف ـ الكيل بمكيالين افة هذا العصر للاسف .. هناك دماء غالية وهناك دماء رخيصة.

&

ولكن استمرار الظلم وسيادته فى العالم سيخلق عالما شديد التوتر وملتهبا بالبؤر الساخنة؟

ـ أنت تتحدثين بمنطق العقل، وهذا المنطق العقلانى غير موجود فى عالم السياسة كان فى ارتياح أن هذا الارهاب وهذا الصراع مستوطن فى الشرق الاوسط فى سوريا ولبنان واليمن ومصر وليبيا.. لكن طبيعة الاشياء تحتم على حتمية وصول هذا اللهب الارهابى إلى بلاد أوروبا وأمريكا وقد وصل...,أتمنى طبعا ـ أن يخمد هذا اللهب المدمر فى كل مكان فى العالم ويطفيء..

&

ـ هل علينا أن نفكر فى مفهوم العدالة باعتبارها فقط فكرة سماوية مكانها الكتب الدينية والفلسفية فقط؟

أطلاقا ـ ينبغى أن يكون كفاحنا الاساسى هو ترسيخ فكرة العدل، ينبغى ان يكون هذا هو صراعنا الاساسى أننا نرفض ان يكون الظلم هو المعيار الذى يقاس به..ليس لان الظلم قوى فالعدل يتراجع!!,والصراع فى الدنيا منذ بدء الخليقة قائم من أجل الوصول للعدل وتحقيقه..

&

ـ هل تابعت قصة الاطفال الثلاثة عبد المسيح وجمال وعبد الرحمن من قرية الفشن فى بنى سويف حيث تم ضبط الأطفال وحبسهم وايداعهم فى دارالاحداث لمدة عامين حتى تنتهى محكمة جنايات الاحداث من الحكم عليهم بسبب اتهام صاحب المخبز هؤلاء الاطفال بسرقة خمسة أرغفة من الخبز!!؟

هذه الحادثة شبيهة تماما بقصة البؤساء لفيكتورهوجو هذه القصة التى تصف وتنتقد الظلم الاجتماعى قصة جان فالجان الذى يسجن لمدة 19 سنة بسبب سرقة رغيف خبز!!,وانت تتحدثين عن قصة الاطفال الثلاثة تذكرت قصة جان فالجان لهوجو.. لو أن الثقافة العالمية عموما تهتم بأن هذه المواقف الاساسية تتحول الى جزء من مناهج التعليم ـ كانت الدنيا تغيرت كثيرا.. لو تعلمنا منذ الصغر بشكل ملموس معانى العدالة والخير والمساواة.. كان العالم سيتغير.. لانه غير مؤثر الكتابة عن هذه المعانى فقط .. الأهم والمؤثر ان يعيش الصغار هذه القصص ليس بالتلقين وانما بالمحاكاة ومعايشة الاطفال لهذه المفاهيم من خلال قصص يدرسونها.

&

ـ فكرة كأننا نعمل كأننا نحقق العدالة! كأننا متدينون كأننا وسطيون!!

للاسف الشديد، لذلك يجب على الاعلام ووزارة التربية والتعليم وعلماء الدين التحرك لوضع مناهج وأطر جديدة ،لابد من البعد عن الانشاء ,ونسعى لتطبيق جوهر الاشياء فى حياتنا العادية اتذكر ان من حوالى عشرين سنة تقريبا كتبت جريدة الليموند الفرنسية.. جملة لا انساها.. الحكومة المصرية تتظاهر انها تمنح الموظفين مرتبات وفى المقابل الموظفون يتظاهرون انهم يعملون!!

&

تم إلغاء مولد أبو حصير بحكم المحكمة هذا المسمار اليهودى الذى اقتلعته ثورة 25يناير ما تعليقك ؟

أولا لا تعليق على أحكام القضاء، أرى من الخطأ السماح فى البداية بإقامة هذا المولد، الصهاينة دمروا مساجد وأضرحة أولياء كثيرة جدا فى فلسطين ،ولا أحد استطاع ان يقف أمامهم؟ وأنا اسأل لماذا نقيم مولدا لشخص اساسا مشكوك فى حقيقته، واقامة المولد من عدمه مسألة فى منتهى التفاهة بالمقارنة بما يتم تدميره فى فلسطين.

&

ـ كلنا شهدنا فيديو استشهاد نقيب الشرطة ضياء فتوح.. المفترض ان الضابط يرتدى البدلة الواقية التى تم استيرادها من الخارج والمعلومات المحلية تقول ان البدلة بـ 600ألف جنيه فكيف لهذه البدلة ألا تستطيع تحمل انفجار قنبلة واحدة بدائية ؟

ـ هذا الشهيد حزنت عليه جدا.. كيف لا تحمى هذه البدلة الواقية الضابط من انفجار القنبلة؟ لا إجابة عندى الإجابة لابد أن تخرج من وزارة الداخلية.

&

ـ الكاتب سلمان رشدى قال أخيرا ب الأديان أفكار تستحق النقد وان الدين هو شكل من اشكال انعدام المنطق من العصور الوسطى.. بماذا ترد عليه؟

هو عبر بشكل سيئ جدا عما قاله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام يبعث على رأس كل مائة عام من يجدد للأمة إيمانها.. نعم لابد ان يكون باستمرار تجديد للخطاب الدينى على ضوء العصر الموجود.. لكن سلمان رشدى عبر بشكل غير لائق..

&

ما أحلامك لمصر هذا العام؟

أبسط الأحلام التى أتمنى تحقيقها فى مجال تخصصي، إذا كان الرئيس تحدث عن تجديد الخطاب الديني، أنا أتحدث عن تغيير الخطاب الثقافي.. مازلنا نتعامل مع الثقافة كأنها أمر شرفي.. جوائز ومهرجانات واحتفالات.. لكن لم نفكر أبدا كيف تتحول الثقافة إلى جزء من حياة المجتمع، أتذكر وأنا تلميذ فى ثانوى كان فى هذا الوقت د. طه حسين وزيرا للمعارف، وكان من رأيه وهذا كتبه فى كتابه العام بمستقبل الثقافة فى مصرا سنة 1937 كان رأيه ان القراءة الحرة تكون بمثابة ثلث المناهج التعليمية وهذا تم تطبيقه فى العام ونصف العام الذى كان فيه وزيرا وقد وزعت علينا فى المدارس.. كتب مجانية للقراءة فقط.. وبفضل هذه التجربة بدأ ناس كثير جدا يهتموا بالقراءة والثقافة، أنا لا أذكر منذ سنوات طويلة أن هذا الأمر تكرر إلا مرة واحدة.. قد قرروا دراسة أحد كتب العبقريات لعباس محمود العقاد ورواية بكفاح طيبةا لنجيب محفوظ، فى الخارج يعلمون التلاميذ اللغة من خلال كلمات لكبار الكتاب.. مثلا يشرحون جملة للطلبة استعملها ألبير كامى فى رواية كذا.. وهنا يبقى جزء من ثقافة التلميذ أن هذه اللغة صنعها كبار الأدباء والمثقفين.. لكن الآن للأسف يتم فرض على التلاميذ نصوص عفا عليها الدهر ونصوص صعبة جدا ولا نحاول أن نجعلهم على صلة بثقافتهم المعاصرة ابدا.

&

ما اقتراحك لهذه الأزمة القديمة المستمرة؟

اقترح أن يقرأ المسئولون كتاب مستقبل الثقافة فى مصر لطه حسين وينفذوا أفكاره بحذافيرها لأنه لا يوجد برنامج لتغيير ثقافة مصر إلا برنامج طه حسين الذى كتب سنة 1937.

&

ما أهم محاور هذا الكتاب؟

الاهتمام بالمعلم وبطريقة التعليم وبأن التعليم لا يعتمد على أسلوب التلقين وانما يكون نوعا من التدريب على الديمقراطية.. وأنا فى رأيى انه كتاب ثورى لأنه ليس كتابا عن التعليم وانما كتاب عن الديمقراطية كيف يمكن تطبيق الديمقراطية فى حياة أى مجتمع فهو فى هذا الكتاب يتحدث عن كيف يتم تحويل الديمقراطية إلى أسلوب حياة وليس مفاهيم مكتوبة داخل الكتب.

&

هل مازلت مؤمنا بضرورة الديمقراطية لكل المجتمعات؟

بكل تأكيد.. وبدون تطبيق الديمقراطية.. تضيع المجتمعات ولن يتم القضاء على الفقر ولا على الأمية إلا بتطبيق الديمقراطية وهو ان يكون كل الناس جزءا من عملية التغيير.

&

هل تصلح الديمقراطية للمجتمعات التى ترتفع فيها نسب الأمية؟

طبعا ـ أنا زرت الهند ووجدت أن لديها أكبر ديمقراطية فى العالم. رغم أن نسبة الفقر هناك رهيبة والأمية أيضا.. لأن غاندى ونهرو كل واحد فى مجاله.. أقتنعوا تماما أن طريقة التغيير الوحيدة هى التعليم.. وان التعليم هو الطريق الوحيد لانقاذ الهند من الوضع السيئ الذى تعيشه ولا أحد ينكر ان أكبر الديمقراطيات عددا فى العالم هى الهند.

وكما نرى يكون الحاكم من حزب المؤتمر الهندى الذى ينتمى لحزب نهرو وغاندى ورئيس الحكومة هو الذى يجرى الانتخابات فيكسب الانتخابات أمام حزب المؤتمر وهذه هى الديمقراطية.

&

ماذا إذن الديمقراطيات فى غالبية البلاد العربية كلمة بدون واقع؟

ليتنا طبقنا أفكار طه حسين منذ هذا الوقت.. لو كانت طبقت كنا أنقذنا الوطن من براثن التطرف الديني.. هذا الكتاب كان سيعلم المصريين احترام الاختلاف وان الرأى يتم الرد عليه بالرأى وليس بالقنبلة والعنف.

ـ نحن لا نجيد التعامل إذا اختلفت الآراء، الاختلاف يحول البشر إلى أعداء على كل المستويات على مستوى النخبة، المثقفين، السياسيين..صحيح نحن لا نجيد ثقافة الاختلاف رغم أن المثقفين دائما يرددون مقولة فواتير :اختلف معك فى الرأى لكننى مستعد لأن أدفع حياتى لتقول رأيك.. لكنهم يرددونها فقط ككلمة.. ولكن لا تطبق!!

&

الآن الاختلاف لدينا يفسد الود والقضية متى كانت لدينا ثقافة الاختلاف؟

أكرر لابد أن نعود لكتاب مستقبل الثقافة فى مصر ونطبق خطته فى كيف يتحول التعليم إلى مدرسة لتعليم الديمقراطية.

ـ تشهد الأيام القادمة انتخابات مجلس الشعب وهى انتخابات شديدة الأهمية والحساسية.. والجميع متخوف من سيطرة اصحاب الأموال واصحاب اللحى على المجلس.. هل تشعر بالقلق من هذه الانتخابات البرلمانية؟

أنا دائما أقول عن نفسى أننى ناصرى لكننى لم أر فى حياتى انتخابات ديمقراطية إلا الانتخابات التى سبقت مباشرة ثورة 1923.. والتى فاز فيها حزب الوفد، لأنها فعلا كانت انتخابات حرة فى إدارتها وفرزها واعلان نتائجها وهذا للأسف انتهى مع قيام ثورة 23 يوليو!!عموما الأساس فى الديمقراطية فى البلاد الحديثة هو قوة الأحزاب، وأنا أتساءل هل لدينا أحزاب قوية؟ للأسف لا توجد لدينا أحزاب قوية الأحزاب لدينا كرتونية، منذ انتهاء حزب الوفد القديم لم تعد لدينا أحزاب حاول الرئيس عبدالناصر ان ينشئ حزبا يلتف حوله الشعب كله ـ مثل الاتحاد القومى والاتحاد الاشتراكى ولكنه فشل، لم يحدث حليف لحزب الوفد القديم حتى الآن. وهو كان حزب من الشعب ويعبر عن الشعب ويلتف حوله الشعب.

المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الاعمال المصريين صرح بأن رجال الاعمال لايمكنهم التبرع بـ 100 مليار جنيه لصندوق «تحيا مصر» فى ظل انهيار الاقتصاد. ما تعليقك؟

لم أسمع بهذا التصريح، ولكننى أعرف جيدا رجل اعمال اسمه طلعت حرب فى بداية العشرينات من القرن الماضى ومصر خارجةمن الحرب العالمية الأولى منهكة وتمر بظروف اقتصادية فى غاية التعاسة، فبدأ يفكر بنفسه كيف النهوض بهذا البلد فكر ونفذ اسسا عملاقة للنهوض بالاقتصاد المصري.. بنك مصر واستديو مصر. فعلا طلعت حرب كان رجلا يحب هذا البلد ويريد النهوض باقتصادها وان اتسأل الآن من من رجال الأعمال الان يشغل باله ويسعى لتغيير الوضع البائس الذى يعيشه الاقتصاد المصرى الى وضع أفضل مما هو عليه، أعتقد لايوجد.. وهذه كارثة كبيرة وللاسف ليس من ثقافتنا التفكير فى الغير أو الآخر. واستطرد قائلا :رغم أننى لست رجلا غنيا لكننى رأيت ان قريتى الصغيرة محتاجة ان يكون بها قصر ثقافة لتنوير ابناء القرية وكنت قد ورثت قطعة أرض صغيرة من والدى تبرعت بها لتتحول الى قصر للثقافة وفعلا تم بناء قصر للثقافة جميل هو تحفة معمارية بناه أحد تلاميذ حسن فتحي، ولكن للاسف حاليا تحول إلى خرابة!! مثله مثل معظم قصور الثقافة فى مصر وأنا اسأل هذا الاهمال لمصلحة من؟

&

ما أكثر الألغاز التى تحيرك فى الشارع المصري؟

حجم القمامة فى شوارع الجيزة والقاهرة أنا فى حياتى لم أر هذه القمامة والقذارة إلا الفترة الأخيرة، جبال من القمامة فى كل مكان!!اتذكر انه عندما كان محمود فوزى رئيس وزراء مصر فى عهد السادات وبدأ عمله بأنه يريد إخفاء القمامة من شوارع القاهرة.. ولكن لم ينجح للاسف بسبب الجهاز البيروقراطى المصري!! وهو جهاز يدمر ولايبني!!

فى الحقيقة القاهرة كانت من اجمل وأنظف مدن العالم قبل ثورة 23 يوليو، وقال لى صديق معمارى إن هناك مجلة معمارية ألمانية.. مهتمة بالعمارة فخصصت عدد خاصا عن واجهات مبانى القاهرة باعتبارها تحفة معمارية فى الثلاثينات.

&

فى رأيك لماذا عشش القبح احياء القاهرة والجيزة والاسكندرية.. مصر المدينة؟

- هذا يفضل السياسات الخاطئة فى السبعينيات عندما تركت الدولة الحبل على الغارب إلى اللصوص ليفعلوا ما بوسعهم أنهارت قيم كثيرة فى المجتمع. هذه السياسة اسماها الراحل احمد بهاء الدين سياسة « بالسداح مداحا».

&

ـ كيف ترى توقيع القيادات الاخوانية على استمارات التوبة التى صاغتها لهم الاجهزة الأمنية؟

فكرة ساذجة جدا لأن الاخوان المسلمين مؤمنون منذ أكثر من 70 سنة بالسمع والطاعة. هل هذه الورقة ستغير معتقداتهم الراسخة!! تغيير أفكار
&