& عزة جرجس


في خطوة اعتبر بعضهم أنها ستفتح الطريق أمام استقلال الإعلام في مصر، ألغى رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، قبل أكثر من عام، وزارة الإعلام التي تأسست في خمسينات القرن الماضي، وما إن استقال محلب حتى ترددت إشاعات قوية بعودتها، ولكن جاء التشكيل الوزاري الجديد برئاسة شريف إسماعيل من دون مقعد لوزير الإعلام.


درية شرف الدين، آخر وزيرة للإعلام في مصر، تقول لـ «الحياة» أنه بعد إلغاء الوزارة أصبحت الساحة الإعلامية «فارغة»، مضيفة: «لا بد من جهة تُدير الإعلام في مصر أياً كان اسمها. لا يمكن ترك أي مجال بلا تنظيم أو قواعد. ونحن لا نتحدث عن قواعد مقيدة ولكن منظمة». وترى شرف الدين أنه عقب إلغاء الوزارة كان لا بد من إنشاء المجالس والهيئات التي نص عليها الدستور لتحل محل وزارة الإعلام، لكن ذلك لم يحدث فحدث ما سمته «الفراغ» السائد الآن.
وتنص المواد 211 و212 و213 من الدستور المصري الذي تم إقراره مطلع العام الماضي، على إنشاء هيئات ثلاث لتنظيم المجال الإعلامي في مصر هي: المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام المسموع والمرئي والرقمي.


من جهة أخرى، أوضح صفوت العالم لـ «الحياة»، وهو أستاذ في جامعة القاهرة وأحد أعضاء اللجنة التي شكلها محلب لوضع قوانين إنشاء الهيئات الثلاث، والتي من المفترض أن تحل محل وزارة الإعلام، «أنهم أنهوا التشريعات منذ شهور وقاموا بتسليمها إلى رئيس الوزراء، وأن اللجنة التشريعية الأخرى المكونة من إعلاميين وصحافيين أنهت هي أيضاً مشاريع القوانين الخاصة بالصحافة والإعلام قبل شهر».
ويقول العالم أن «حالة من الفوضى تسود الإعلام في مصر بعد غياب الوزارة وعدم تشكيل هيئة منظمة له كما نص دستور»، ولا يستبعد أن يعيد الرئيس عبدالفتاح السيسي الوزارة من جديد وذلك بعد تصريحه في أكثر من لقاء أن له تحفظات حول أداء الإعلام في مصر، «الدستور نص على تشكيل المجلس الأعلى للإعلام، لكنه لم ينص على إلغاء الوزارة».
ويرى العالم أن الإعلام في مصر «يرتبط غالباً بالنظام السياسي وأنه قد يظل تحت طوعه في حال لم تكن هناك قوانين تجعله مستقلاً عن الدولة»، لافتاً إلى أنه ليس هناك أي جديد طرأ على الساحة بعد إلغاء الوزارة التي تحول خمسة آلاف موظف كانوا يعملون بها للعمل بمبنى الإذاعة والتلفزيون «ماسبيرو».


ويزداد الوضع سوءاً في ماسبيرو، فوفقاً لما جاء في قرار ربط موازنة الهيئة القومية لاتحاد الإذاعة والتلفزيون للعام المالي 2015 - 2016، والذي نشر في الجريدة الرسمية في تموز (يوليو) الماضي، فإن إجمالي الخسائر العامة للهيئة المقدرة في العام المالي الجديد تصل إلى 4.140 بليون جنيه مقابل 3.6 بليون العام الماضي. كان الإعلامي حمدي الكنيسي، رئيس نقابة الإعلاميين تحت التأسيس، من مؤيدي إلغاء الوزارة، لكنه في المقابل قال لـ «الحياة» أنّ قرار محلب بإلغائها كان «مفاجئاً وبلا تمهيد وكان من المفترض وجود خطة محددة لتسيير الأمور حتى إنشاء المجلس الأعلى للإعلام».
ويرى الكنيسي أن حالة «التخبط والارتباك» التي تسود الإعلام حالياً، جعلت بعض الناس يطالب بعودة الوزارة، معتبراً أنه لا بد من تشكيل الهيئات المنظمة للصحافة والإعلام الواردة في الدستور «في أسرع وقت»، بخاصة بعد انتهاء اللجان التشريعية من تسليم مشاريع القوانين الخاصة بها، مستبعداً قدوم الرئيس على إعادة الوزارة من جديد التزاماً بما نص عليه الدستور، وفقاً له. فيما يقول صفوت العالم أنه يتخوف من أن يتحول أداء المجلس الأعلى للإعلام الذي سيظهر في الفترة المقبلة، ليصبح «روتينياً» ويترك الإعلام كما هو.