توم سيجيف

وجَّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اتهاما للمفتي الفلسطيني الأسبق أمين الحسيني قال فيه، إنه حرض الزعيم النازي أدولف هتلر على حرق اليهود في الأفران فيما عرف لاحقا باسم المحرقة أو "الهولوكوست"، ويأتي هذا الاتهام في لحظة شديدة الدقة، من الناحية التاريخية. من المؤكد أن علماء التاريخ تحيروا في التوصل إلى اللحظة التي قرر فيها هتلر حرق اليهود في أوروبا، وتُعدّ واحدة من أكثر اللحظات المثيرة للاهتمام في تاريخ الحرب العالمية الثانية بأسرها.


لقد عُيِّن أمين الحسيني من السلطات البريطانية في منصب المفتي الأكبر عام 1921، وهو منصب يُشكل أكبر مرجعية دينية وسياسية بين عرب فلسطين في تلك اللحظة.
يزعم نتانياهو أن الحسيني التقى أدولف هتلر عام 1941 في برلين، وكان هتلر حينها يريد إبعاد اليهود فقط، لكن الحسيني قال له إنهم سيذهبون إلى فلسطين فرد عليه هتلر قائلا: "وماذا ينبغي أن أفعل؟" فأجابه "أحرقهم".


ومن سُخرية القدر، أن نتانياهو لم يقُل لنا كيف كان رد أدولف هتلر على الاقتراح، لكن عموما أستطيع أن أتخيل أنه قال شيئا من قبيل: "يا لها من فكرة، كيف لم تخطر على بالي؟".


ومما يُذكر أن حكومات إسرائيل استخدمت "المحرقة" دوما بشكل سياسي، كما أن كل قادة العرب منذ 1948 تم تشبيههم بهتلر على الأقل مرة واحدة. كما أن كل الدول العربية تشبه إسرائيل بالنازي ويرفض العرب الاعتراف "بالمحرقة" كجزء من هوية إسرائيل، وببساطة إن لم يتمكن كل شخص من تفهم وجهة نظر عدوه، فلن يكون هناك سلام.


وبكل تأكيد أن نتانياهو نفسه استخدم نفس الإيحاءات في كلمته عن إيران في الكونجرس الأميركي سابقا، وفي كلمته في الأمم المتحدة، كما أن قصة المفتي أمين الحسيني نفسها ليست جديدة كليا عليه، فقد جاءت في أحد كتبه.


تعتمد قصة نتانياهو على أحد مساعدي القائد النازي السابق أدولف إيخمان الذي قال إن الحسيني زار معسكر "أوشفيتز" بصحبة إيخمان.
وباختصار فإن الحوار الذي جاء على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يتخطى جميع ما زعم سابقا.