يوسف الشريف


يتوجّه الناخبون الأتراك اليوم إلى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان تُعقد الآمال عليه لإنقاذ البلاد من أزمتَي الفراغ الحكومي وتداخل صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان مع الحكومة، باعتباره يصر على فرض نظام رئاسي «كأمر واقع» من خلال حكومة ينفرد حزبه «العدالة والتنمية» في تشكيلها، في حين تتمسّك أحزاب المعارضة بضرورة التزام أردوغان الذي تسميه «السلطان الاستفزازي» دور الرئيس «الشرفي» المحدود الصلاحيات تنفيذاً للدستور.


وعشية الانتخابات سرّبت مصادر إعلامية وجود قرار أمني سرّي سيعلن اليوم، ويقضي بمنع دخول مراقبين محليين مستقلين إلى مراكز الاقتراع، ما يثير اتهامات ومخاوف جديدة من احتمال حصول تزوير أو استعدادت لتنفيذه، علماً أن حوالى 30 ألف شاب تطوّعوا لمراقبة مراكز اقتراع لا تستطيع أحزاب المعارضة إيفاد مراقبين إليها.
وتتوقع استطلاعات الرأي مشاركة قياسية في الانتخابات بنسبة تناهز 91 في المئة، وتزيد 4 نقاط عن حجمها في اقتراع 7 حزيران (يونيو) الماضي، حين فقد «العدالة والتنمية» الغالبية البرلمانية. كما ترجّح نتائج مشابهة لانتخابات حزيران على صعيد فشل أي حزب في كسب غالبية البرلمانية وفي تشكيل حكومة منفرداً. لكن تجاوز نسبة المترددين في حسم خيار التصويت 8 في المئة قد يقلب الصورة رأساً على عقب، ويفجّر مفاجآت.


ويبدو حزب الشعب الجمهوري المعارض الأكثر الثقة بتحسين أدائه، مع ترجيح استطلاعات الرأي حصده 3 نقاط تُضاف إلى نسبة 25 في المئة التي حصل عليها في انتخابات حزيران، وربما 5 نقاط إذا زاد الغضب من حزب «العدالة والتنمية» الذي تتراوح أصواته بين 38 و43 في المئة، وفق استطلاعات رأي مختلفة.
واللافت أن شركة استطلاع مقرّبة من الحزب الحاكم توقّعت نيله 47 في المئة من الأصوات وتشكيله حكومة منفرداً، وهو ما استغربه قادة في الحزب في تصريحات إعلامية.
ويتوقّع أن تتراجع نسبة التأييد الممنوحة للتيارين القومي والكردي بسبب سياساتهما خلال الأشهر الأربعة الماضية، لكن حزب الشعوب الديموقراطي الممثل للأكراد سيظل قادراً على تجاوز نسبة 10 في المئة من الأصوات للبقاء في البرلمان. أما حزب الحركة القومية فقد يكون الخاسر الأكبر في ظل غضب الناخبين من رفضه تشكيل حكومة ائتلافية سواء مع «العدالة والتنمية» أو مع أحزاب المعارضة، ومن تحالفه مع «العدالة التنمية» في انتخابات رئاسة البرلمان.


وتجرى الانتخابات في ظروف سياسية أمنية وسياسية صعبة جداً تشكّل ضغطاً على رأي الناخب، فحكومة «العدالة والتنمية» تشترط عودتها إلى الحكم منفردة كي تستأنف الحوار مع حزب العمال الكردستاني وتوقف قتاله، وتُبسط سيطرتها على الأمن في مواجهة تهديدات تنظيم «داعش».
وحذّر قياديون من أن تشكيل حكومة ائتلافية بعد الانتخابات سيعني استمرار القتال مع الأكراد وتدهور الوضعين الأمني والاقتصادي. أما في حال فشل الأحزاب في تشكيل حكومة ائتلافية فقد يأخذ الرئيس زمام الأمور ويشكّل حكومة موقتة قد تتحول إلى دائمة.