صالح عبد الرحمن المانع
أثبتت الدول الخليجية والعربية المتحالفة في عاصفة الحزم ضد العدوان الحوثي على الشعب اليمني الشقيق، أنّ القوة تكمن في التحالف وشد أزر بعضنا بعضاً في السرّاء والضرّاء. وكما كنا فخورين بمريم المنصوري وزملائها من الطيارين، فإننا تعاطفنا كذلك مع حمد الحربي، ووداعه لأطفاله قبل قيامه بمهام الواجب في الدفاع عن وطنه ومقدساته.
&
فالدول الخليجية أثبتت أن الوحدة الخليجية ليست ضرباً من التأمّل والتنظير الفكري، بل هي تلاحم بين أبناء الخليج لنصرة بعضهم بعضاً، ونصرة أشقائهم في اليمن. وقد حاول الحوثي والمخلوع صالح أن يزجّا بهم في معارك غير متكافئة أحرقت الأخضر واليابس من قوة اليمن العسكرية التي بنتها دول الخليج العربي نفسها خلال عقود طويلة.
كما أنّ الموقف العربي والإسلامي الذي وقفته كل من حكومة جمهورية مصر العربية وشعبها، والأردن والسودان والمغرب، وحتى دول بعيدة مثل ماليزيا والسنغال وتركيا وباكستان، وغيرها من الدول، موقف يستحق التقدير، حيث آزر دول الخليج العربية في هذه الحملة العسكرية ضد الحوثيين.
والحملة العسكرية لم تكن يوماً هدفاً بحدّ ذاتها، بقدر ما كانت ذات طابع شرعي تدافع عن الاستقرار والسلام في هذه البقعة المهمة من العالم، حتى يمكن لشعوب المنطقة أن تعمّر بلادها وتبني مدارسها ومصانعها وجامعاتها لخدمة الإنسان وحياته ورفاهيته، بدلاً من صرف الأموال على مغامرات عسكرية قام بها عبدالملك الحوثي وأتباعه، ومن يدعمهم من خارج الحدود، لبناء إمبراطورية مزيفة فشلت في خدمة أبناء بلادها قبل أن تحاول التوسّع في بلدان عربية بعيدة.
كما أنّ أحلام علي عبدالله صالح في إعادة نفسه إلى السلطة، وتمكين ابنه من حكم اليمن، قوبلت برفض شديد من اليمنيين أنفسهم، قبل بلدان الجوار العربي، والمجتمع الدولي.
ولعلّ عاصفة الحزم، هي بحق حرب كلاسيكية محكمة، فالتخطيط والاستعداد لها جاء قبل أشهر عدة من تنفيذها. وكان قيام الحوثيين بضرب عدن والتقدّم لاحتلالها، بمثابة الخطّ الأحمر الذي أجبر المملكة العربية السعودية وشقيقاتها من الدول الخليجية والعربية، على أن تقوم بنصرة الحكومة الشرعية، ومحاولة إعادة الحوار اليمني إلى سابق عهده، قبل أن تنقضّ عليه حفنة قليلة من الحوثيين وأتباع علي صالح.
وبقدر ما نجح التحالف العسكري الخليجي والعربي في عمليات قصف قوات الحوثي ومستودعاتها العسكرية، فإنّ الجهد السياسي والدبلوماسي المصاحب، كان بحق مدعاة للفخر والاعتزاز. فالدول الخليجية نجحت أولاً في بناء تحالف قوي وواسع، وفي سريّة تامة. وقامت بعملياتها العسكرية الأولى في توقيت مباغت، وهو ما جعل الأعداء يتململون في مقاعدهم. كما أن التخطيط والعمل الدبلوماسي الجماعي والدؤوب في مجلس الأمن، نجح في تحييد أصوات كل من روسيا والصين اللتين كانتا غير متحمستين للقرار الخليجي. وعلى رغم ذلك، صدر قرار مجلس الأمن رقم 2216 في 14 أبريل 2015، ليعزز من موقف التحالف العربي، ويدين عبدالملك الحوثي، والرئيس المخلوع، ويمنع عنهم الإمدادات العسكرية، ويدين استخدامهم الأطفال جنوداً في ساحات الوغى. كما يسمح لقوات التحالف بتفتيش الطائرات والسفن المتجهة إلى اليمن، إذا كانت هناك شبهة في نقلها لأسلحة وعتاد للحوثيين. وكل ذلك جاء تحت البند السابع، وبما يعزز من القرارات السابقة التي أصدرها المجلس بحق جماعة الحوثي، وعلي صالح.
ولا شكّ أنّ هذه النجاحات ستنعكس على الوضع السياسي اليمني الداخلي، فعلي صالح فقد شرعيته، سواء في قيادة دولته أو حتى في قيادة حزب «المؤتمر الشعبي العام». وبدأت قيادات جديدة من حزب «المؤتمر» في الانشقاق عن صالح، وإعلان ولائها للحكومة الشرعية في اليمن. كما أعلنت فرق عسكرية يمنية عدة، ومنها قيادات الألوية 137,123,127، وكذلك اللواء 190 تأييدها للحكومة الشرعية في اليمن.
وكل هذه التطورات الممتازة ترينا كيف أن قادة اليمن بدأوا يشعرون بأن الحوثي وصالح قد دفعا بالبلاد إلى حافة الهاوية، وأنّ اليمن لن يستقيم له حال دون العودة إلى حاضنته الأساسية، وهي المملكة العربية السعودية، ودول الخليج العربية.
والمطلوب من اليمنيين اليوم هو العمل على إيجاد تسوية سياسية جديدة تبعد عن بلادهم الأيدي التي دفعت بها إلى مواطن الزلل، وتعيدها إلى جادة البناء والسلم، ولن يكون اليمن بحاجة إلى بناء آلة عسكرية رهيبة، مثلما فعل صالح، بل هو بحاجة إلى بناء مجتمع مدني متعايش بكل مذاهبه وأشكاله، وتوفير العيش الكريم لشعب يحتاج العيش والحياة، أكثر من حاجته للسلاح والتعسكر.
&
التعليقات