&محمد خروب


وصل بنيامين نتنياهو الى مأزقه السياسي والشخصي الأخطر، منذ ان استطاع «قَلْبَ» توقعات استطلاعات الرأي التي قالت ان المهووس بتاريخ السياسي البريطاني المعروف تشيرتشل، في طريقه لخسارة مستقبله السياسي وان صراعه للبقاء (السياسي بالطبع) محكوم بالفشل، بعد أن برز ثنائي المعسكر الصهيوني (هيرتسوغ – ليفي) ليتجاوزه بأربعة مقاعد على أقل تقدير، لكن نتنياهو استخدم كل ما في جعبته الصهيونية الفاشية من حقد وكراهية وعنصرية صبّها على فلسطينيي ال48، الذين في رأيه راحوا يتدفقون على صناديق الاقتراع بكثافة في «قوافل» حافلات يُسيّرها المعسكر الصهيوني، وان على محازبي المعسكر الوطني (الفاشيون والعنصريون وأنصار ارض اسرائيل الكاملة وخصوصا قطعان المستوطنين) أن يهرعوا لانقاذ اسرائيل، وعدم السماح بتقسيم القدس او التنازل عن حلم اسرائيل الكبرى، وكان له ما أراد.
نتنياهو بعد ان استفاق من «سَكَرةِ» فوزه واعتقد انه ضَمِنَ تشكيل حكومة «رابعة» تنهض في الاساس على ثمانية وستين عضواً هم مجموع اليمين الصهيوني المتطرف وعلى رأسهم الليكود مع الاحزاب الدينية (الحريديم) واضعاً نصب عينيه اغراء هؤلاء الباحثين على الاموال (الاحزاب الاصولية المتدينة) والحقائب الوزارية التي تُبقي على جماهيرية احزاب ما تزال غير مطمئنة لاستمرارها في انتخابات جديدة مثل حزب كولانا (كلنا بزعامة المنشق او المطرود من حزب الليكود موشيه كحلون، والذي كان بالفعل نجم الانتخابات الاخيرة، كذلك كان هو بيضة القبان التي رَجّحَتْ تكليف نتنياهو تشكيل الائتلاف الجديد كونه يملك أحد عشر مقعدا، هي التي تقرر من سيكون رئيس الوزراء، نتنياهو ام اسحق هيرتسوغ).
اين من هنا؟
بعد ان أعلن افيغدور ليبرمان زعيم حزب اسرائيل بيتنا، انه لن يشارك في ائتلاف نتنياهو الجديد وان سيجلس في مقاعد المعارضة احتجاجاً على الغاء رزمة قوانين قد طرحها حزبه في الكنيست السابقة، وهو مطلب الاحزاب الدينية في الاساس التي ترفض خصوصاً قانون «مساواة العبء» الذي كان يعني تجنيد الشباب الحريدي في صفوف الجيش الاسرائيلي، كي تكون هنا مساواة بين المواطنين، كذلك حال مشروع قانون القومية المثير للجدل والذي يرفضه كحلون، فإن الائتلاف العتيد الذي يحلم نتنياهو بترؤسه لن يستند إلاّ الى «61» مقعداً من اعضاء الكنيست (120 عضواً) اي بأغلبية صوت واحد فقط، ما يعيد الى الاذهان حكومة اسحق رابين في العام 1994، التي استندت الى مظلة «حماية» أمّنتها الكتل العربية في الكنيست، وهو أمر عابه عليه غلاة الصهاينة والمستوطنين..
ما تبقى في ائتلاف نتنياهو (الذي قد لا يَتشكّل اصلاً) من احزاب هي «الليكود، البيت اليهودي، شاس، يهودوت هاتوراة وكولانو» رغم ان شائعات تروج بأن خلافات قد نشبت بين الحليفين الاقرب ايديولوجيا وهما نتنياهو ونفتالي بينيت زعيم البيت اليهودي، حول «نوعيّة» وعدد الحقائب التي يريد لحزبه ان يتقلّدها، بعد ان كان وافق على ان يكون وزيراً للتعليم، لكن «اعتذار» او احتجاج او «دَلَع» ليبرمان، قَلَبَ التشكيلة المقترحة وأعاد خلط الحقائب والتوزيعات، ما قد يسهم في انقضاء المهلة الثانية والاخيرة امام نتنياهو (انتهت مساء يوم امس الاربعاء، ونحن نكتب هذه العجالة قبل انتهاء المهلة، ما يعني ان ما نطرحه لا يزيد عن كونه توقعات وتحليلات قد لا تتطابق مع الاثار المترتبة على انتهاء المهلة، او ذهاب نتنياهو الى رئيس الدولة بتشكيلة وزارية تعتمد على اغلبية صوت واحد في الكنيست، او ربما الاعتذار عن التكليف لاحراج المعسكر «الوطني» وإخراج نفسه من مسؤولية انتقال التكليف الى المعسكر الصهيوني بزعامة اسحق هيرتسوغ).
... خيارات نتنياهو
ثمة ربع الساعة الاخير الذي عادة ما يستثمره نتنياهو لشدّ عزيمة معسكر اليمين المتطرف بأجنحته الفاشية والدينية المتعددة، للايحاء بأن اسرائيل في خطر، وان مجرد التفكير بإجراء انتخابات جديدة (كخيار ثالث في حال فشله وعدم تكليف هيرتسوغ) سيكون استنزافاً لخزينة الدولة، وايضا إلهاء لاسرائيل عن التطورات الخطيرة المتسارعة في المنطقة، وفي مقدمتها احتمالات التوقيع على اتفاق نهائي بين ايران ومجموعة 5 +1 اواخر حزيران القريب، فضلاً عما يحدث في سوريا والعراق واليمن، والاحتمالات المفتوحة لتدهور الاوضاع على الجبهتين الشمالية (حزب الله) والجنوبية (حماس).
هل نرى نتنياهو «الرابع» كمفاجأة اللحظة الاخيرة باسترضاء ليبرمان وتسوية الامور مع بينيت؟ أم ان هيرتسوغ سينجح في ما اخفق فيه نتنياهو؟ او ربما تذهب اسرائيل الى انتخابات جديدة–كخيار اخير–بعد ان وصلت الأمور الى نهاية النفق؟
.. الاجوبة ستكون معروفة صبيحة هذا اليوم.. بالتأكيد.
&