علي سالم

كل يوم يتأكد لديّ أن الله سبحانه وتعالى خلق هذا الكون مزودا بكل ما يلزمه من قوانين. وعلى مدى آلاف السنين انشغل الإنسان باكتشاف هذه القوانين في كل شأن وكل مجال. ومع كل كشف يصل إليه كان يستغل هذا الكشف لتحسين حياته وذلك باحترام هذا القانون الذي وصل إليه، وهو الاحترام الذي يحتم عليه أن يعيش - وفقا لهذه القوانين - في مودة وسلام. فبغير ذلك، يجد نفسه في حالة حرب مع هذه القوانين تنتهي حتما بهزيمته. نعم، الهزيمة والخسارة من نصيب هؤلاء الذين لا يحترمون قوانين الكون. ولعل المفكر الفرنسي جان جاك روسو كان يقصد ذلك بجملته الشهيرة «عش وفقا للطبيعة»، وعندما كنا صغارا فهمنا أن المقصود هو الطبيعة بمعنى «Nature»، أما الآن، بكل ما أحمله على ظهري من سنين، فأرى أن المقصود هو أن نعيش طبقا لقوانين الكون.


النظام الثوري في إيران ككل الأنظمة الثورية عاجز عن الحياة في ود وانسجام مع قوانين الحكم الطبيعية التي وصل إليها سكان الأرض بعد آلاف السنين من التجربة والخطأ، وكلمة خطأ هنا تعني أنهار دماء البشر، وآخرهم من علقوا على المشانق أثناء الثورة الإيرانية.


آليات التطرف واحدة عند الفرد والجماعة الثورية. هو شخص نظر بداخله فلم يجد شيئا ذا قيمة، فاستولى عليه إحساس قوي بالفقر وكراهية الآخرين والخوف منهم. وبدافع من هذا الخوف يتحول إلى محارب في معركة وهمية مع الآخرين، مع جيرانه بالتحديد، ولأنه عاجز عن الوضوح لذلك سيلجأ إلى العمل تحت الأرض لإزعاج جيرانه من خلال تنظيمات غير مسؤولة أشبه بالإنسان الضائع الباحث عن أب. هذا الخوف وهذه الكراهية بما يبعثانه في النفس من قلق وتوتر يجعلانه أقرب للمقامر، مما يدفعه دائما لإظهار ورقة وإخفاء أوراق. وجه له الدعوة ليجلس معك في كامب ديفيد، أو أي كامب آخر، في نهاية اليوم سيظهر لك أوراقا، ويوقع ويختم ويبصم، وفي اللحظات نفسها هو يفكر في طرق الهرب من تنفيذ ما سبق له أن وافق عليه وتعهد به.


سؤال: هل يستطيع النظام الثوري الاستمرار في الحكم لزمن طويل؟
هذا يتوقف على تفسيرك لكلمة طويل، الواقع أن أشهر نظام ثوري في العصر الحديث وهو الاتحاد السوفياتي استطاع الصمود لسبعين عاما فقط. هذا أمر آخر نعرفه عن النظام المتطرف، وحتمية اختفائه بفضل ثورة الناس عليه. والطريف أن الناس عادة يثورون ضده عندما تتحسن أحوالهم المعيشية ويطمعون في المزيد، وهذا هو القانون الأساسي في الدراما بكل أنواعها، أن ينبني الفعل فيها على التناقض. فمن الناحية النظرية يتصور عدد كبير من المفكرين أن الثورة تحدث عندما يشعر الناس بالمزيد من التعاسة. الواقع أن التعساء لا يثورون، الناس يثورون فقط في الأنظمة السلطوية عندما تأخذ ظروفهم في التحسن، ويطمعون في المزيد. هذا هو بالضبط ما حدث في روسيا. لم يحدث أن ثار الشعب الروسي ضد النظام الشيوعي عندما كان يرتكب ضدهم أبشع الجرائم. غير أنهم ثاروا عندما بدأوا في الاستمتاع بقدر بسيط من الحرية والرفاهية.
أتصور أنه عندما ترفع أميركا ودول الغرب الحصار الاقتصادي عن إيران.. أكمل أنت..