سمير عطا الله
لا أعتقد أن يومًا يمرّ من دون أن أتابع شؤون الكويت. إما من أخبارها وإما من كتّابها. وبعضهم أكنّ له الإعجاب والتقدير. وموضع التقدير هو الجديّة والشجاعة ومهنيّة البحث. لكن العنصر الأساسي عند الكاتب الكويتي هو التزامه الوطني، مواليًا أو معارضًا أو محايدًا. وأنا من «حزب الحرص»، ليس في الكويت وحدها، بل في كل بلد عربي. فالمودّة الشخصية، أو المشاعر الذاتيّة، لا معنى لها إذا عمّت الخسارة وسبق الخوف.
وفي الكويت ظاهرة عربية طالما توقفت عندها، حين عرفتها من الداخل. فالسائد في المنطقة أن الأنظمة هي التي فرّطت بالبلاد وسلامة الشعوب، أما في الكويت فقد تولّى جزء من المعارضة إلحاق الأذى بالهيكل الاجتماعي الذي قام عليه البلد. وعطلت هذه الفئة من المعارضين عمل الحكومة على نحو كيدي صبياني، بحيث أصبح اللجوء إلى الدستور نوعًا من التحرش بالاستقرار العام. والمعارضة في الكويت ليست ممارسة جديدة، بل بدأت مع الاستقلال والبرلمان الأول. واتخذ جانبها، في بعض المراحل، كبار القوم من أمثال عبد العزيز الصقر. وضمت في مراحل أخرى رجال الحركة القومية، غير أن السقف السياسي الأخلاقي لم يُخرق. وبقي كل شيء ضمن «الحرص» والخطاب الوطني وإطار الأولويات العامة.
تغير كل ذلك بعد محنة الاحتلال. راحت بعض الفرق تتجاوز الولاء للدولة. ونقلت المعارضة من الأصول الدستورية إلى شغب الشارع. وشهدت الكويت، للمرة الأولى في تاريخها، خروجًا علنيًا على «علاقات الديرة»، كما يحلو للكويتيين أن يسموا بلدهم. ولعب بعض الإعلام الجديد، في صبيانياته أو في مقاصده ودوافعه، دور إشهار المسيئين والتشهير بالمؤسسات. وزادت وسائل التواصل الأمور سوءًا. وأظهرت انفلاتًا شديدًا في نقد الأمور، أو معالجتها. ويحسب للصحافة التقليدية دأبها على حفظ كرامتها وكرامة الناس وكرامة الدولة. ويغرد المعارضون فيها كل يوم بشجاعة واتزان من دون الإخلال بالمقاييس العامة.
كان الراحل محمد مساعد الصالح ينهي زاويته اليومية بجملة «والله من وراء القصد». وتستطيع أن تلمح هذه الخاتمة من دون أن تقرأها، في زوايا وأعمدة كثيرة. وقد ازداد إطلال المرأة الكويتية في الصحف على نحو لافت. ومن خلال رؤيتها ومنظورها للأشياء والقضايا، تلعب المرأة، الكويتية خصوصًا، والخليجية عمومًا، دورًا واضحًا في تصحيحات «العقد الاجتماعي». ويشجع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد هذا الاتجاه منذ أن كان وزيرًا للخارجية، ورئيسًا للوزراء. وربما كانت الكويت أول دولة عربية ترسل سفيرة إلى الخارج. وفي أي حال، احتضن الأمير بصدره الأزمات الكبرى التي خلخلت هدوء البلد في السنوات الأخيرة. والدبلوماسية التي كان يمارسها في الخارج، استعان بها على نزوات الداخل.
التعليقات