مراكز القوى في مصر ما زالت أقوى من القانون… ومفتي مصر يقتبس من كتاب سيد قطب بدون الإشارة له
حسنين كروم
&
&
&
&& لا يزال الوضع على حاله.. الغالبية الساحقة تركز اهتماماتها على الموضوعات نفسها، المسلسلات والبرامج التلفزيونية والحلقات التي شاهدوها، وتلك التي ستأتي وتحليلها، والخلافات حولها، وسهرات رمضان والسعادة بعدم انقطاع الكهرباء، وترقب نتائج امتحانات الثانوية، وكذلك فوز فريق النادي الأهلي على الترجي وفوز الزمالك على الصفاقسي، وهذا ما عكسته الصحف أمس الاثنين 29 يونيو/حزيران، ولم يهتم أحد بكل ما نشر عن رفع وزارة الداخلية حالة الاستعداد القصوى، وكذلك نزول قوات للجيش للتصدي لأي محاولات إرهابية أو مظاهرات بمناسبة ذكرى ثورة الثلاثين من يونيو/حزيران، فلم يعد الشعب يقيم وزناً للتهديدات، باستثناء الأمن الذي يأخذها على محمل الجد، وذلك من كثرة التهديدات بموجات ثورية ومظاهرات هائلة، ثم لا أحد قادرا على شيء. كما أن الناس أصبحت لا تطيق أي عمل من شأنة تعكير الأمن أو تعطيل مصالحهم.
ولذلك لم يكن هناك اهتمام أيضا بالعمليات الإرهابية في الكويت وتونس، على الرغم من أن زميلنا الرسام الوفدي عمرو عكاشة أخبرنا أمس أنه شاهد «داعش» وعلى ظهره أمريكا وإسرائيل ويسير بهما نحو هدفهما والأمريكي يقول: «ونتعب نفسنا ليه.. ما الحصاوي ده بيوصلنا للي احنا عاوزينة».
وحتى نشر حيثيات الحكم في قضية التخابر مع حماس وحزب الله، المتهم فيها الرئيس الأسبق وغيره، لم تحدث اهتماماً. وكذلك أخبار مقتل إرهابيين في موقف سيارات دمنهور، بعد أن انفجرت فيهما قنبلة كان يريدان تفجيرها في الموقف. وواصلت صحيفة «المصري اليوم» نشر تحقيقاتها عن عدم صحة ما قالة اللواء السابق في المخابرات الحربية وليد النمر بأن هناك قضية اسمها القضية 250 ستفجر قريبا وتضم سياسيين وناشطين وصحافيين. وقالت إنها عبارة عن بلاغات قدمها أناس من دون أي أدلة، استنادا إلى ما قاله البعض في الفضائيات أو نشروه في الصحف، وأن النائب العام لم يحقق فيها. واصدرت محكمة الجنح حكما بالسجن سنة على صاحب «كليب سيب ايدي».. رضا الخولي والمخرج والموديلز بتهمة الفجر والفسق.
واستمرار العمل لتطوير وتجديد معهد القلب القديم وافتتاح خط إنتاج للألواح الخشبي.. والملاحظ الاتجاه بقوة لتدعيم المصانع العامة لدرجة أن رئيس الوزراء ابراهيم محلب أصدر الأسبوع الماضي أمرا بانتشال السفن الغارقة في ميناء الإسكندرية.. ويتم تسليم الخردة لمصانع الحديد والصلب المملوكة للدولة، وإلى بعض ما عندنا.
اغتيال النائب العام مغزاه ودلالاته
ونبدأ تقريرنا لهذا اليوم من «المصريون» ومقال رئيس تحريرها التنفيذي محمود سلطان عن اغتيال النائب العام وقوله: « حتى كتابة هذا المقال، لم يتبين رسميًا، حجم إصابة النائب العام المستشار هشام بركات، أو حالته الصحية، فالأنباء متضاربة، ومصر على حالها، منذ عشرات السنين، لا تكاد تعرف شيئًا عن أي شيء.. فالكل ساكت خائف أن يتكلم، وينتظر «الأوامر» من «اللي فوق»! عملية الاغتيال التي تعرض لها بركات يوم أمس 29/6/2015، بالقرب من سور الكلية الحربية، على تخوم مصر الجديدة، من الواضح أنها عملية كبيرة: هكذا تقول الصور والفيديوهات التي نشرت عقب المحاولة.. وبالتالي فإن المعلومات الأولية التي قالت إن بركات «اتعور في مناخيره» فقط.. تعتبر كلامًا لا يتناسب مع المشهد في موقع الحادث، الذي بدا وكأنه صورة منقولة من سوريا أو العراق. الرأي العام شغلته التفسيرات والتكهنات: البعض اعتبرها «تمثيلية» تبرر للحكومة تشديد الإجراءات الأمنية، وأن تكون أكثر قسوة ووحشية عشية التحضير لمظاهرات محتملة ضد النظام في 30 يونيو/حزيران.. والبعض اعتبرها مفتعلة لتهيئة الرأي العام لتقبل تنفيذ حكم الإعدام في بعض قيادات الإخوان.. وتفسيرات أخرى ربطتها بقرار النائب العام، عصر يوم أمس الأول، بحظر النشر في القضية 250 أمن الدولة، التي تتهم قادة ثورة يناير/كانون الثاني ورموزها بالتخابر بتلقي أموال من جهات أجنبية لـ«إسقاط الدولة»!.. وفي غضون ذلك دخل «داعش ـ ولاية سيناء ـ بيت المقدس» على خط عملية الاغتيال، ونشر مقطع فيديو، يقول إنها لـ«عملية اغتيال قضاة».. مشيرًا إلى أن الهدف التالي له هو القاضي ناجي شحاتة، رئيس جنايات الجيزة، المشهور بقاضي الإعدامات. نظرية المؤامرة كانت هي الحاضرة في كل تلك التفسيرات، وكلها كانت تشير إلى «جهات» ليست بعيدة عن الدولة، ربما تقف وراء العملية لـ»أسباب سياسية».. وليس بوسع أي مراقب أن يستبعد أي احتمال، فكل الاحتمالات واردة.. ولكن الخطورة فيما سجلت من ملاحظات، تكمن في وجود مشاعر عامة بفقدان الثقة فيما تقوله الدولة بشأن مثل هذه العمليات الكبيرة، فهي عادة «متهمة» أو «متآمرة» أو «شريكة».. وهي مشاعر تعزز من الإحساس بوجود فوضى في طريقة إدارة البلد.. ولا أحد يعرف مَن يعمل لحساب مَن؟!.. وهو إحساس خطير، يلقي بنا بعيدًا عن الثقة في الدولة كمناط وملاذ للأمن. محاولة اغتيال النائب العام.. خطيرة للغاية، وأيًا ما كانت الجهة التي تقف وراءها، فإنها تشير إلى مقدمات لمرحلة جديدة، قد تنزلق إليها الدولة بالتدرج، ويطرح سؤال المصارحة: مصر ملك لمن؟ بالتأكيد ليست ملكية لا للنظام ـ أي نظام ـ ولا لأي جماعة سياسية أو دينية.. هي ملك شعبها وحسب.. ولا يمكن بحال أن يسدد المصريون فاتورة الصراع الدموي على السلطة، بين قوتين ترى كل منهما أنها الأحق بها، ولا يعبآن بأي وازع إنساني أو أخلاقي، وكل السبل والوسائل، عندهما مباحة من أجل البقاء على الكرسي.. أو من أجل الوصول إليه. مصر الآن لا تبحث عن «هوية» الرئيس الذي يحكمها «إخواني أم سيساوي» مصر تبحث عن «المصالحة» وحقن الدماء.. وسد كل منافذ الفساد والطموح السياسي المنفلت من أي اعتبارات أخلاقية.. فهلا تصدر العقلاء المشهد ويتحملون فاتورة الإصلاح، مهما كانت تكلفتها؟».
نقابات تحرض أعضاءها على
عدم الانصياع للقانون والالتزام به
وفي يوم السبت مع زميلنا في «الأخبار» السيد البابلي الذي قال: «رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب قام بزيارة ميدانية أخرى إلى الوراق وإمبابة.
وقيمة زيارة رئيس الوزراء لا تتمثل في قراره إعادة تشغيل مستشفى الوراق مرة أخرى. وإنما في تأكيده على أن الدولة عادت وأن رئيس الوزراء يستطيع أن يوجد في الوراق وفي إمبابة في آمان وسلام. فهذه المناطق كانت أشبه بالجمهوريات المستقلة الواقعة تحت سيطرة ونفوذ المتطرفين أحياناً والبلطجية أحياناً أخرى.. ولم يكن هناك من المسؤولين من يتوجه لزيارتها وتفقد أحوالها والاستماع إلى مطالب وهموم سكانها.
إن رئيس الوزراء «الشعبي».. هو أول رئيس وزراء ينجح في أن تكون الحكومة مع الشعب في الشارع.. وهذا من أهم متطلبات المرحلة.
ولكن بعض النقابات أصبحت تشجع على الفوضى وتحرض أعضاءها على عدم الانصياع للقانون والالتزام به. ونقابة الأطباء التي تتخذ أحياناً قرارات ومواقف بدوافع انتخابية أخطرت وزير الداخلية ومدير أمن أسيوط بأن الأطباء في أسيوط سيقومون بتنظيم وقفة احتجاجية للمطالبة بإقالة وكيل وزارة الصحة في أسيوط، اعتراضاً على قراراته التي وصفتها النقابة «بالتعسف»..!!
«تعديات الكبار» على
نهر النيل مازالت مستمرة
لكن في اليوم التالي الأحد شنت زميلتنا الجميلة تهاني إبراهيم هجوما عنيفاً في «الوفد» ضد الحكومة واتهمتها بالتواطؤ. قائلة عنها: «لم تنجح الحملة القومية لإزالة التعديات على مجرى النيل في مهمتها! وزير الري اعترف بعجزه عن إزالة مئات المخالفات الضخمة.. ولم يعلن أسماء وصفات أصحابها، رغم أنهم معروفون للعامة والكافة.
المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وكعادته لم يخش نفوذ المخالفين.. وكان أكثر جرأة وصرامة منه.. وخرج معلناً أن «تعديات الكبار» على نهر النيل مازالت مستمرة تحت سمع وبصر المسؤولين .موضحاً أن قيمة التعديات أكثر من 18 مليار جنيه.. وأنه لا توجد رغبة فى الإصلاح والمواجهة بشكل قوي وسريع للتعديات.. وأن هناك جهات سيادية تشارك في ردم بعض مناطق المجرى وجزر النيل لتشييد النوادي والفنادق وغيرها من المشروعات المخالفة للقانون!. رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات أشار إلى انه رغم وجود الحملة القومية لإزالة مخالفات النيل.. فإن هناك رجل أعمال مازال يتعدى على النيل بالردم.. وهو الأمر نفسه الذي تمارسه هيئة قضائية! والحقيقة أن رجل الأعمال الذى لمح إليه هو مالك لقناة فضائية ويمارس هوايته في التعدي على نهر النيل منذ سنوات، وأقام عدة قصور.. وعندما حاصرته تقارير وكلاء النيابة الإدارية من المسؤولين عن متابعة أعمال الزراعة والري.. استطاع بنفوذه حجب التقارير.. بل ونقل من أعدوها.. لأنه حمى فساده بمنح واحدة من الفيللات لأحد الرؤوس الكبيرة في عائلة مبارك. أما الجهة القضائية فهي نادي القضاة الذي تحدى القانون بصورة صارخة.. ومد مباني ناديه الخرسانية التي حجبت الرؤية وشوهت المنظر الجمالي على طول النيل، بدءاً من كوبري الجلاء وحتى بداية كوبري أكتوبر، في أهم وأغلى مواقع مجرى النيل.. وسط صمت وتجاهل متعمد من وزارة الري ومحافظة الجيزة! الواضح أن هناك استخداماً سيئاً للقانون.. وان تطبيقه يتم بتمييز وانتقائية.. لأن بعض الجهات المسؤولة تحرر محاضر مخالفة ضد المتعدين الكبار.. وتتخذ قرارات إزالة.. لكنها تدخل في الأدراج ولا يتم تنفيذها.. بينما تجري إزالة تعديات صغار المخالفين فقط.. ويترك الكبار! الحملة القومية لإزالة التعديات على نهر النيل فشلت.. واستمرار مخالفات الكبار معناه أن مراكز القوى في بلدنا ما زالت أقوى من القانون ومن وزير الري وحملته القومية».
مصر لا تملك ترف إقامة
عاصمة جديدة للأثرياء
ولو تركنا «الوفد» إلى «الشروق» في اليوم ذاته، الأحد، سنجد زميلنا فهمي هويدي يتناول موضوع العاصمة الجديدة، وتعثر الاتفاق مع رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار قائلا: «حين ألغت السلطات المصرية الاتفاق الذي تم مع الشركة الإماراتية التي رشحت لتنفيذ مشروع العاصمة الجديدة، فقد كان ذلك موقفا حازما يستحق التقدير، لكننا بحاجة لأن نتسلح بالشجاعة الكافية التي تمكننا من إعادة النظر في المشروع برمته للتحقق من جدواه من ناحية، ولتحديد موقعه في ترتيب الطموحات المصرية ثانيا.
الشاهد أننا اكتشفنا في مصر بعد ثلاثة أشهر من توقيع العقد في منتصف شهر مارس/آذار الماضي (أثناء انعقاد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي) أن المشروع الذي قيل إنه يتكلف 45 مليار دولار لم يدرس جيدا، سواء لأن الشركة الإماراتية لم تكن جاهزة لتحمل مسؤولية تمويل تنفيذه، أو لأن التفاهم بين الطرفين المصري والإماراتي شابه سوء الفهم. وإذا كانت إعادة مناقشة الفكرة وكيفية تنفيذها من جانب المختصين ضرورية، فإن مناقشة موقعها في ترتيب الأولويات واجبة أيضا من جانب خبراء التخطيط والاقتصاد. وقد سمعت من أحدهم قوله إن مصر لا تملك ترف إقامة عاصمة جديدة للأثرياء بعد خمس أو سبع سنوات، في حين أن في البلد نحو ألف مصنع على الأقل متوقف عن العمل وبحاجة ماسة إلى إعادة التشغيل، ذلك غير الحالة المزرية للخدمات الأساسية التي تقدم للناس في مجالات الصحة والتعليم والإسكان وغيرها.
وأضاف صاحبنا أن الخلل في التفكير وصل إلى حد التركيز على التنمية العقارية في حين أن التنمية في مجالات الإنتاج الصناعي والزراعي أكثر إلحاحا».
القديم والجديد حول الرئيس
ونبقى في «الشروق» لحين صدور عدد يوم الاثنين لنقرأ مقال رئيس تحريرها التنفيذي عماد الدين حسين عن القديم والجديد حول الرئيس يقول: «مجموعة من كبار الإعلاميين والصحافيين كانوا يتناولون طعام الإفطار بدعوة من صندوق «تحيا مصر» مساء السبت الماضي في فندق الماسة، أحدهم سأل سؤالا غريبا، وهو كم نسبة المدعوين الذين يمثلون العصر الجديد أو عهد عبدالفتاح السيسي مقارنة بعصر حسني مبارك؟ السؤال قد لا يكون موضوعيا بالنظر إلى أن السيسي أكمل عامه الأول فقط في الحكم، لكنه في كل الأحوال يظل سؤالا مغريا بالطرح والمناقشة. القاعة الفسيحة كان يتصدرها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وبعض الوزراء ورجال الأعمال وعدد كبير من الإعلاميين.
رجال الأعمال يصعب تغييرهم بقرار إداري أو وزاري، هم موجودون بأموالهم وشركاتهم ومصانعهم، وبجهدهم وعرقهم واجتهادهم، أو حتى بشطارتهم أو خفة أيدي بعضهم، وبالتالى يصبح منطقيا أن يظل رجال الأعمال كما هم، يحبون مبارك ولا يمانعون من الجلوس مع مرسي، ويحاولون التكيف مع السيسي لتأمين أعمالهم. لكن المؤكد أن أي رئيس يملك أيضا أن يجلس مع هذا ويقاطع ذاك، ويرسل رسالة إلى ثالث وهكذا..
السياسيون الموجودون ينتمي كثير منهم إلى العصر القديم، بعضهم بيروقراطي لا يمانع في العمل مع أي عهد، وبعضهم يحن فعلا إلى عهد مبارك ويلعن ثورة 25 يناير/كانون الثاني سرا وأحيانا علنا، وقليل منهم من يؤمن فعلا بفكرة العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. الإعلاميون أنفسهم الذين وجدوا كان عدد كبير منهم يهلل لحسني مبارك، لكن المؤكد أن معظمهم إن لم يكن كلهم، كانوا يعارضون حكم الإخوان ولعبوا دورا بارزا في إخراجهم من السلطة.
في المقابل فإن نحو نصف القاعة، كانوا يجلسون في هدوء، هم أعضاء بارزون في المجالس التخصصية التي شكلها الرئيس في مجالات مختلفة من التعليم إلى التنمية الاقتصادية مرورا بالتنمية المجتمعية، إضافة إلى بعض المتطوعين في مبادرات مختلفة، خصوصا صندوق «تحيا مصر» الذي نظم حفل الإفطار. ظني الشخصي أن هؤلاء، ومعظمهم غير معروف جيدا لوسائل الإعلام قد يمثلون نخبة المجتمع المقبلة، والظهير المجتمعي للرئيس عبدالفتاح السيسي، وقد يتولى بعضهم مناصب مهمة في المستقبل، حينما يمتلكون الخبرة… بالطبع التغيير مهم، والأكثر أهمية أن يكون رجال الرئيس الجدد على أكبر قدر من الكفاءة في تخصصاتهم المختلفة، حتى يشعر المواطنون أن هناك تغييرا قد حدث بالفعل… المجتمع يحتاج فعلا إلى نخبة جديدة في كل المجالات حتى يشعر الناس أن هناك تغييرا حقيقيا، لكن ذلك سوف يستغرق وقتا، والأهم يحتاج إرادة وجهدا، وحسما، لأن القديم يحارب بكل أسلحته من أجل أن يستمر ويتواصل ويتشبث، بل إنه يتمنى ويحاول ويسعى بطبيعة الحال أن تستمر الأحوال كما كانت أيام مبارك.. حسم هذه المعركة سيحدد شكل مصر في السنوات المقبلة».
إصلاح خراب سنوات
لن يتم في يوم وليلة
ومن «الشروق» إلى «اليوم السابع» ورئيس تحريرها التنفيذي زميلنا وصديقنا أكرم القصاص الذي كتب مقاله عن مشكلة الكهرباء قال فيه: «حانت لحظة المصارحة، والكل الآن وجب عليه تنشيط ذاكرته، واسترجاع ما كان منذ شهور، حينما كانت كل الصحف والفضائيات تصرخ وتنتقد بحدة كل مسؤول في هذه الدولة بسبب انقطاع الكهرباء، في الشهور الماضية كانت الصحف تنشر مئات الصفحات، والفضائيات تخصص آلاف الساعات لمناقشة أزمة الكهرباء، أحيانا بالردح للمسؤولين واتهامهم بالفشل والعجز أحيانا أخرى. كان الغضب من انقطاع الكهرباء المتكرر مفهوما، وتقبله جائزا ومفهوما أيضا، حتى إن كان من حق السلطة أو الحكومة أن تطلب من الجماهير بعضا من الصبر، لأن إصلاح خراب سنوات ماضية لن يتم في يوم وليلة، ولكن الحكومة لم تفعل ذلك، ولم تطلب من الأقلام ولا الميكروفونات الفضائية الصبر عليها، أو تجاهل أزمة الكهرباء، بل قدمت وعودا بأن الأزمة سيتم حلها على مرحلتين، مرحلة قريبة الأمد تعتمد بشكل أساسي على صيانة محطات التوليد الموجودة ورفع كفاءتها، ومرحلة طويلة الأمد تعتمد على إنشاء محطات جديدة من ضمنها المحطات الأربع التي وقع السيد الرئيس عقود تنفيذها مع شركة سيمنز الألمانية.
المهم دارت الأيام وبدأت وعود الحكومة تتحقق، ودخلنا شهور الصيف، ومع درجات الحرارة المرتفعة شهدنا جميعا تحسنا رائعا وملحوظا في أداء منظومة الكهرباء، واختفاء شبه تام لظاهرة الانقطاع المتكرر، ومع ذلك لم نر في مواجهة ذلك عاصفة من الشكر والإشادة بهذا المجهود، مثلما وجدنا من قبل عاصفة نقد واتهامات بالفشل والتعجيز، لم نجد صحافيين ولا مذيعين يشيرون إلى هذا الجهد الإيجابي المشترك بين رئيس الجمهورية ووزير الكهرباء، لم تتكلم الأقلام التي كانت تسخر من اجتماعات الساعات الطويلة والممتدة بين الرئيس السيسي والدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء، لم يعترفوا بأن سخريتهم كانت خطأ، وأن ظنهم خاب، ونجحت اجتماعات وجهود الرئيس والوزير في حل الأزمة أو دفعها في منطقة مهمة نحو الحل».
وزير الكهرباء: المحطات تحتاج
إلى صيانات بعد ساعات تشغيل معينة
وفي يوم الأحد نفسه نشرت «التحرير» على صفحتين كاملتين حوارا أجرته مع وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر قال فيه: «نحن كوزارة كهرباء دخلنا الصيف الماضي وكانت أعمال الصيانات لمحطات الإنتاج لم تنته على الإطلاق، وكثير من الوحدات لم تنتج القدرات الإنتاجية الحقيقية والمطلوبة منها، وكانت الكفاءة ضعيفة للمحطات، لأن المحطات تحتاج إلى صيانات بعد ساعات تشغيل معينة، فالوحدة الواحدة للإنتاج من المحطات تحتاج على سبيل المثال إلى صيانة بعد 50 ألف ساعة، في حين أن هذه الوحدات كانت تعمل حتى 69 ألف ساعة من دون صيانة، فبدأنا بجدول لصيانة المحطات، أما عن الخطوات الأخرى فأجاب: إعادة هيكلة أسعار الكهرباء، لا يمكن أن يكون متوسط سعر بيع الكهرباء أقل من نصف سعر متوسط الإنتاج، هذا فضلا عن حساب سعر الغاز المدعم، فمليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعى سعره 3 دولارات، بينما المليون وحدة حرارية التي تستوردها وزارة البترول متوسط سعره 9 دولارات، والفلوس جاءت من رفع السعر منذ العام الماضي، والصيانة ترفع من القدرة والطاقة الإنتاجية من وحدات الإنتاج بالمحطات، فالوحدة التي تعمل بقدرتها 250 ميجاوات – وهذا وفقا لـ«الأيزو ستاندر»- تكون قدرتها الإنتاجية عند درجة حرارة 15 درجة مئوية، فهل وحدات ومحطات إنتاج الكهرباء في مصر تعمل في درجة حرارة 15 درجة مئوية؟ ففي اليوم الذي ترتفع فيه درجات الحرارة «بنحط إيدينا على قلبنا» لأن الحرارة تقلل من قدرات الوحدات من 10 إلى 15٪، فالحرارة ترتفع والاستهلاك يزيد والقدرات الإنتاجية تقل.
وعن استراتيجــــية الكهرباء في مصر الآن، أجاب استراتيجية الكهرباء تتمثل في ضـــرورة عمل مزيج الطاقة بالشكل الحقيقي، فمزيج الطاقة في مصر الآن «تعبان»، فنحن نعتمد على 90.5٪ في إنتاج الكهرباء على الغاز الطبيعي، والباقي، أي الـ9.5٪ من السد العالي، ومن طاقات الشمس والرياح، نسبة لا تذكر، بينما العالم يعتمد على مزيج الطاقة من الطاقات المتجددة والطاقة الحرارية بأنواعها، الاستراتيجية تشتمل على جزء من الغاز الطبيعي وجزء من السولار، وطاقة الفحم والطاقات المتجددة والنووي، وهذا الأمر نعمل به منذ 9 أشهر، وأنا جاي من القطاع الخاص ومعتاد على هذا الأمر، ومعتاد على العمل في 20 مشروعا في وقت واحد، وبالطاقة نفسها، وفي هذا الصدد كانت هناك منحة من الاتحاد الأوروبي لعمل مزيج الطاقة، فشكلت فريقا من مجموعة من شباب الوزارة، على درجة عالية من الكفاءة وأنتجوا مشروع مزيج الطاقة في 3 أشهر على أعلى مستوى ليكون مقابلا للدراسة المقدمة من منحة الاتحاد الأوروبي»..
تدهور أصول
البحث العلمي
وإلى معارك أخذتنا في التيار الديني حيث تعرض المفتي الدكتور الشيخ شوقي علام إلى هجمات اتهمته بنقل فقرات كاملة من كتاب سيد قطب «في ظلال القرآن» في مقال له وعدم وضعها بين أقواس أو إشارة لمصدرها! الهجوم الأول شنه يوم السبت في جريدة «المقال» زميلنا أحمد رمضان الديباوي وقال فيه: «العيب هو ألا تشير إلى من نقلت عنه، واقتبست منه، فتفقد بذلك شرف البحث العلمي، بعد أن تفقد أخلاق الباحث.
ولعل تلك السقطة العلمية والأخلاقية التي وقع فيها حضرة مفتي مصر شوقي عبد الكريم علام تنبئ عن تدهور أصول البحث العلمي، وهشاشة أخلاقياته في مصر.
فحضرة المفتي كان قد نشر مقالا بتاريخ 23 يونيو/حزيران تحت عنوان «نجحت لعلكم تتقون»، فنقل واقتبس طائفة كبيرة في هذا المقال من كتاب «في ظلال القرآن»، لسيد قطب، من دون تنصيص، وكأنه بذلك، يرسي قاعدة تبيح وتجيز سرقة أفكار الغير، وآرائهم، بل طريقتهم في الكتابة، خصوصا في رمضان، ولو كنت مكان حضرة مفتي مصر لقدمت استقالتي فورا بعد اعتذار. ومما يثير الغرابة والدهشة أن مفتي مصر بدأ مقاله بالنقل المباشر الصريح من كتاب سيد قطب، حتى إنه لم يغير العبارات الاعتراضية التي وضعها قطب في تفسيره؛ فجاءت بداية مقال حضرة المفتي كما يأتي: «إن الله – سبحانه – يعلم أن التكليف أمر تحتاج النفس البشرية فيه إلى عون ودفع لتنهض به وتستجيب إليه، مهما يكـن فيه من حكمـة ونفع»، وهي العبارات ذاتها تقريبا التى كتبها قطب في تفسيره «الظلال» ، وفيها: «إن الله- سبحانه- يعلم أن التكليف أمر تحتاج النفس البشرية فيه إلى عون ودفع واستجاشة لتنهض به وتستجيب له مهما يكن فيه من حكمة ونفع، حتى تقتنع به وتراض عليه». والغريب والمضحك أن حضرة المفتي نقل كلمة نفسها «سبحانه»، عن سيد قطب، وهي كلمة اعتراضية، فلم يغيرها أو يعدلها، كما حذف كلمة «استجاشة»، ظنا منه أنها كلمة صعبة على القارئ، غريبة عليه».
شيخ الأزهر مشغول بالصراع
المذهبي لا التجديد الديني
ونعود مرة أخرى إلى جريدة «المقال» في يوم الأحد، التي اتهم رئيس تحريرها زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى شيخ الازهر بإثارة فتنة بين السنة والشيعة، وطالب الرئيس بأن يتدخل ضده.. قال: «لا أظن أن الرئيس السيسي سوف يرفع سماعة التليفون للشيخ أحمد الطيب بعد ما جرى من تفجيرات لمساجد الشيعة في السعودية والكويت، ويرجوه أن يخفّ بقى عن إشعال الخلاف السني الشيعي، حتى لا تدخل مصر بفضل جهوده المذهبية في حرب وفتنة تشبه ما يجري في السعودية والكويت..
أظن واضحًا تمامًا أن مصر ممثلة في رئيسها عبد الفتاح السيسي وحكومتها وشعبها ونخبتها، لم تنشغل في أي لحظة على مدى الفترة الماضية بالأوهام والخزعبلات التي تروجّها القوى السلفية الممولة من السعودية والمنتمية إلى الوهابية عقيدة ومالًا، حول المد الشيعى المزعوم، أو الاختلافات السنية الشيعية ذات الألف والأربعمئة سنة. لا سمعنا من أو عن الرئيس السيسى شيئًا من هذا. ولا خرجت علينا تصريحات حكومية سياسية أو أمنية حول هذا. والواقع نفسه يقول إن السلفيين السعوديين في مصر مشغولون بهذا الوهم حتى أنهم ارتكبوا جرائم بشعة من قتل وحرق مواطنــــين مصرييـــن قيل إنهم شيعة في إحدى القرى.
لكن شيخ الأزهر وحده ومجموعته هم المهمومون جدًّا بالشيعة، حدّ أنهم يورطون مصر في الحرب المذهبية وإدخال مصر حزام النار للفتنة المذهبية .. أحمد الطيب مشغول بالصراع المذهبي المشغولة به السعودية وليس مشغولًا بالتجديد الديني المشغولة به مصر. السؤال.. ماذا ينتظر الرئيس؟ لا أعرف، لكن أتمنى أن يكون الرئيس نفسه يعرف! لكن يبقى أنها ستكون مكافأة للفشلة إذا ذهب الرئيس السيسي إلى احتفال ليلة القدر هذا العام، بل سيكون استسلامًا منه يثير الأسى لهذه العمائم التي خذلت دعوته وقهرت رسالته حول ضرورة تجديد الخطاب الديني».
«وحوي يا وحوي إياحا»
وأخيرا إلى الحكايات والروايات ومنها أصل اغنية «وحوي يا وحوي إياحا» التي كنا نرددها ونحن أطفال نحمل الفوانيس في الحواري التي ولدنا ونشأنا فيها، واتضح أن اصلها في الموتى.. قال لنا يوم الاربعاء الماضي في «اليوم السابع» زميلنا صلاح الحفناوي: «يرى بعض المؤرخين أن كلمة وحوي الفرعونية معناها: مرحباً أو أهلاً. وكلمة «إياحة» تعني «قمر». انطلقت الأغنية في أواخر القرن الثامن عشر قبل الميلاد حيث كانت الدولة الفرعونية الوسطى قد تدهورت وتفككت، مما أطمع فيها شعوب الرعاة البدو القاطنين على حوافها الشرقية، فتجمعوا في جحافل شرسة مقاتلة – سميت الهكسوس – لتحتل شرق البلاد وتفرض سيطرتها على مختلف أقاليمها. ولكن كان هناك في طيبة السيدة إياح حتب زوجة أميرها تاعا الثاني، التي راحت تحرضه على أن يرفع راية العصيان في وجه الغزاة الهكسوس، ويستعيد مجد وبلاد آبائه من الفراعنة العظام، فراح الرجل يعد العدة ويجند الجند ويقوم بالتدريبات، ولكنه قتل في الحرب وكذلك قتل ابنها الاكبر.
ولم تهن عزيمة إياح حتب فدفعت بابنها الثاني «أحمس» الذي نجح فيما فشل فيه أبوه وأخوه الكبير، وأمه إياح حتب من خلفه تشد أزره وتقويه، وينتصر أحمس على الهكسوس، ويطارد فلول الهكسوس إلى البادية. ولهذا خرج المصريون بالمشاعل يستقبلون السيدة ويهتفون «وحوي» اي مرحبا ، «اياحة» اي قمر، فالسيدة اسمها قمر الزمان. وهكذا أصبحت وحوي إياحة، أو أهلاً يا قمر، تعويذة المصريين وشعارهم لاستقبال كل قمر يحبونه وعلى رأسه قمر رمضان.
وعند عودة احمس منتصرا خرج الشعب يحيي الملكة إياح حتب أم الملك المظفر احمس طارد الهكسوس معترفا بفضلها ودورها العظيم في تحرير مصر استقبلوها بالزينة والورود فكانوا بيقولوا «واح واح إياح أي تعيش تعيش إياح وكانوا يرددونها عند ميلاد الهلال كل شهر. مع الزمن وبعد دخول الاسلام مصر صارت «وحوي يا وحوي إياحا» وارتبطت بقدوم رمضان وفانوس رمضان في العهد الفاطمي».
&
التعليقات