«النهضة» التونسية: مع «المصالحة الاقتصادية» بعد كشف الحقيقة والمحاسبة


حسن سلمان

&قالت حركة النهضة التونسية إنها تؤيد مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية» على أن يتم ذلك على أساس كشف الحقيقة والمحاسبة وضمان عدم عودة الاستبداد قبل طي صفحة الماضي، وأكدت وجود فرق كبير بين قانوني العزل السياسي والمصالحة الاقتصادية، مشيرة إلى أنه لا يمكن مسامحة من سرق المال العام بـ»جرة قلم من دون المحاسبة ورد الاعتبار للمال العام للدولة».
وقال القيادي في الحركة وليد البناني لـ«القدس العربي»: «من حيث المبدأ نحن نبحث مع المصالحة الوطنية ونحن رفعنا هذا الشعار قبل الانتخابات، ولكن فيما يتعلق بـ«المصالحة الاقتصادية» فنحن نتحدث الآن عن مقترح قانون سيُعرض على البرلمان، ونحن أيضا كحركة لدينا مؤسسات ولجان مختصة في الجانب القانوني والاقتصادي وسندرس علاقة هذا القانون بملف العدالة الانتقالية، يعني سنتصالح وفق ماذا وعلى ماذا وفي أي إطار؟».
وأضاف «تونس دخلت الآن مرحلة الانتقال الديمقراطي، وهذه المرحلة تقتضي المصارحة والمحاسبة، ثم بعد ذلك طي صفحة الماضي وفق شروط تضمن عدم عودة الاستبداد في المرحلة المقبلة، فنحن نعيش الآن وضعا انتقاليا وظروفا صعبة جدا على مستوى البلاد، ونحن بحاجة لوحدة وطنية لمحاربة الإرهاب، بكل طاقاتنا وإمكانياتنا في الائتلاف الحاكم أو المجتمع المدني، وتجنيب البلاد هزات مقبلة».
وكان القيادي في حزب «التكتل الديمقراطي» محمد بنور في تصريح سابق قال لـ«القدس العربي» ان مشروع قانون«المصالحة الاقتصادية» الذي اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي مخالف للدستور، مشيرا إلى أنه يشكل «مسارا موازيا لهيئة الحقيقة والكرامة، وبذلك يعد مخالفا لمنظومة العدالة الانتقالية التي أقرها الدستور، وهو مخالف لمبدأ الفصل بين السلطات الذي يخضع العدالة الانتقالية للسلطة التنفيذية من خلال تدخلها في آلية التحكيم».
وقال البناني «نحن نضع التخوفات في اعتبارنا وسنناقش هذا المشروع لاحقا وفق الدستور وقانون العدالة الانتقالية، والمصلحة الوطنية فالبلاد بحاجة لطي صفحة الماضي، ولكن بعد كشف الحقيقة والمحاسبة وإيجاد حلول حقيقية لرجال الأعمال الذين لهم إسهام كبير جدا في الدورة الاقتصادية في المرحلة المقبلة».
وأكدت القيادية في حزب «نداء تونس» بشرى بلحاج حميدة في حوار سابق أن «المصالحة الاقتصادية» تتجاوز عمل هيئة الحقيقة والكرامة وتضع حدا لـ«ابتزاز» رجال الأعمال، مشيرة إلى أن «الأشخاص المعنيين بملفات الفساد، هم أنفسهم تعذبوا بطريقة غير مباشرة، وهم غير مطمئنين على حريتهم وأوضاعهم، بما فيها منعهم من السفر وسجن بعضهم، وهذا بمثابة عقاب لهم، وأتمنى أن نتوصل إلى اتفاق مع هيئة الحقيقة والكرامة في هذا الأمر»، في إشارة إلى احتمال طي هذا الملف نهائيا من دون محاسبة.
وقال البناني «لا يمكن مسامحة من سرق المال العام بجرة قلم تمحو الماضي، نحن قلنا إننا مستعدون لبحث هذه الشروط (بنود قانون المصالحة الاقتصادية) وتعديلها جوهريا، ولكن في إطار المحاسبة ورد الاعتبار للمال العام لخزينة الدولة وكل ذلك يأتي في إطار النقاش. أؤكد مجددا أن حركة النهضة مع المصالحة الوطنية، لكن شروطها وآلياتها تناقش مع الأحزاب وفي مجلس الشعب».
ويذهب بعض المراقبين إلى تشبيه مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية» بمشروع قانون «العزل السياسي» الذي يحرم رموز نظام بن علي من تقلد المناصب السياسية، حيث ساهمت حركة النهضة بإسقاطه في وقت سابق.
إلا أن البناني يؤكد وجود فرق كبير بين المشروعين «لأننا حينها (خلال مناقشة مشروع العزل السياسي) كنا نبحث عن طريقة لإنجاح الانتقال الديمقراطي على المستوى السياسي، والآن نجني ثمار ذلك النجاح بالنظر للتجارب الأخرى في الربيع العربي، حيث تم الخروج بانتخابات شفافة جنبت البلاد الدخول في المجهود والاقتتال الداخلي، أما المصالحة الاقتصادية فلها شروطها وإطارها القانوني وظروفها في البلاد، وهي تحتاج لحوار معمق، ونحن مُقبلون عليه في البرلمان».
من جانب آخر، رفض البناني التعليق على تصريحات لرئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، مشيرا إلى أنها تمتلك الحرية في التعبير عن رأيها، و»أنا أعطيت رأيي كقيادي في حركة النهضة وعضو في البرلمان التونسي».
وكانت بن سدرين اعتبرت أن مشروع قانون «المصالحة الاقتصادية» يشكل «جريمة في حق الشعب التونسي»، معتبرة أنه سيعيد انتاج منظومة الفساد السابقة ويمنحها فرصة مواصلة عملها، و»سينسف مسار العدالة الانتقالية ومجهودات وأعمال كل الأطراف والهياكل المعنية، وفي مقدمتها هيئة الحقيقة والكرامة التي سيتم وفق هذا القانون الاستيلاء على مهامها وتعهداتها الأربعة، وهي كشف الحقيقة والتقصي والبحث عن الخروقات الجسيمة التي حدثت طيلة العقود الستة في البلاد وإصلاح المؤسسات وجبر الضرر ورد الاعتبار، وأيضا حفظ الذاكرة».
&