& مطلق بن سعود المطيري

اعتادت وزارة الإعلام كل عام على استضافة عدد من إعلاميي الدول الإسلامية في موسم الحج، كجزء أساسي وثابت من نشاطها الإعلامي لتغطية هذه المناسبة الموسمية، وتعمل على تهيئة الظروف والإمكانيات المناسبة لهؤلاء الإعلاميين بمختلف لغاتهم وجنسياتهم، ولكن بالعودة للمردود الإعلامي على المملكة والدول الإسلامية عامة نجده بانه أقل من الإمكانيات المقدمة ولا يرتقي لمستوى المناسبة وقدسيتها.

الإشكالية الأولى في ضعف التغطية الإعلامية في إعلام الدول الإسلامية هي أن الإعلامي يأتي لموسم الحج كحاج وليس كإعلامي، فعظمة المكان وروحانيته إذا اقترنت بزمان عبادة محدد تكون مغرية جداً لكسبها والفوز بأجرها، فالمسلم الذي يتكبد العناء ويقطع مسافات طويلة لا يمكن أن تضعه في استديو مغلق وتقول له إن مهمتك تقتصر على ذلك فقط، فمهما كانت الالتزامات المسبقة لا تستطيع ان تمنع الإعلامي المسلم من أداء مناسك الحج، وبهذا يتحول الإعلاميون من ضيوف إعلاميين على وزارة الإعلام الى ضيوف حجاج عليهم واجبات دينية نحو فريضة الحج مطلوب منهم ان يؤدوها، ولكي يرفعوا الحرج عن الجهات الإعلامية في بلدهم التي أوفدتهم لمهمة تغطية شعيرة الحج يلجأون بالتنسيق مع محطاتهم وصحفهم الى بث تقارير وأفلام ارشيفية عن موسم الحج، فنشاهد على محطاتهم أفلاما وثائقية عن الحج على الجمال والأقدام ومعاناة الحاج في الوصول لمكة، جيد ان يكون هناك تاريخ مصور للمناسبة ولكن هذا لا يدخل ضمن المهمة التي جاء الإعلامي من بلاده لأجلها وهي التغطية المباشرة والاشتراك والتعاون في إنجاح موسم الحج إعلامياً.

الالتفات لضعف التغطية الإعلامية في الدول الإسلامية لمواسم الحج في الأعوام السابقة أمر فرضته طبيعة التحديات الأمنية والتكنولوجية، فالإعلام أداة تستخدم في ضبط الأمن من أجل سلامة الحجاج، من خلال منع تسلل الإشاعات المؤذية بين الحجاج التي تأتي في بعض الأحيان من بلدانهم عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي التي هي ملازمة للحاج ويحملها بين جسده وإحرامه، وهذا تحدّ كبير أمام وسائل الإعلام الإسلامية فكيف تنافس القنوات موبايل الحاج وتمنع عنه بعض الرسائل المربكة أمنيا وشعائرياً؟ إعلام الشاشة الكبيرة أي القناة الفضائية تحظى بامتلاك قوة جماهيرية كبيرة خاصة في المناسبات الكبيرة عكس الهاتف المحمول الذي لا يمكن ان يكون وسيلة لتغطية المناسبات الضخمة فحدود تأثيره تقتصر على ملمح بسيط لحدث محدد ، فهذا يعطي مبررا قويا لوزارة الإعلام في الاستمرار في برنامج استضافتها، ولكن كيف، أولاً يكون ذلك عن طريق تحقيق رغبة الإعلاميين في الحج وتجعل منهم مغردين محترفين في كل مكان يتواجدون به وفق ضوابط إعلامية وأمنية محددة، وثانيا تكون هناك استضافة للقنوات الفضائية بدون الإعلاميين أي أن تكون حاضرة شاشتها لتبث تغطية مباشرة للمناسبة على مدار الساعة وفق خطة بث معدة مسبقاً يراعى فيها سلامة الحاج والمكان، تعطي تغطية احترافية تجعل المشاهد البعيد يردد لبيك اللهم لبيك، ويدعو للحجاج "اللهم تقبل منهم واحفظهم "، الاتفاقيات الإعلامية بين الدول الإسلامية كثيرة ومقرة وفق إطار التعاون بين الدول الإسلامية، ولكن كيف تكون تلك الاتفاقيات إطار عمل إعلامي ناجح؟ إن عرفنا كيف نستضيف الإعلامي كحاج وكذلك قناته كشريك أساسي وفق الاتفاقيات الموقعة، تغير الأوضاع يتطلب تغيراً في الخطط والممارسة.