إداورد لوس من واشنطن

&

علينا أن نعود قليلا إلى الوراء لإيجاد رئيس أمريكي يدخل عامه الأخير، دون أن يتم شطبه كرئيس لا يستطيع الترشح مرة أخرى. باراك أوباما ليس لديه فرصة تذكر لسن أي شيء كبير قبل مغادرته المنصب. بيد أنه حظي بأعوام ليعتاد على الأمر. انتكاسته الدائمة جاءت في عام 2010 بعد سيطرة الحزب الجمهوري على مجلس النواب. والقليل من التشريعات تم إقرارها منذ ذلك الحين.

&

ومع ذلك فإن الأشهر الأخيرة لأوباما تملك إمكانات لم تكن موجودة في معظم الرئاسات المنتهية. المجتمع الأمريكي يشعر بمرارة وهو منقسم بعمق أكبر مما كان عليه عندما تولى الرئاسة. بالنسبة للذين لا يزال باستطاعتهم التذكر، فقد كان وعد أوباما الرئيس هو علاج هذه الانقسامات. ولا يزال يملك 12 شهراً للوفاء بوعده.

&

الرئيس الأمريكي يمكن أن يكون لاذعاً بقدر أي شخص بشأن أساليب دونالد ترامب الشائنة، لكن الأمر يشبه إطلاق النار على سمكة في برميل. السخرية من ترامب لا تؤدي إلا إلى تعزيز دعمه.

&

كلما ظهر ترامب أكثر جهلا ــ وتحاملا ــ استمتع أنصاره أكثر بالقيام بحركة فاضحة من الإصبع الوسطى. الهدف يجب أن يكون فصل ترامب عن معجبيه. الأول هو شخص يتعاطى الدسائس السياسية على مستوى ضخم. والثاني هو التركيبة السكانية في أمريكا التي تركت في الخلف.

&

أكثر من نصفهم لا يملكون شهادة جامعية ويشعرون بانعدام عميق للأمن الاقتصادي. سواء كان ذلك بحق أم لا، يشعرون أيضاً بأنه يتم السخرية منهم. فلا فائدة من ركل جزء من المجتمع عندما يكون كئيباً ونتوقع منه التفاؤل. الأسلوب يجب أن يتغير. وأوباما يمكن أن يأخذ زمام المبادرة بخصوص هذا الأمر.

&

من المغري القول إنهم على الجانب الخاطئ من التاريخ. أول رئيس أسود في أمريكا يبدو من المرجح أن تأتي بعده أول امرأة. فما الداعي إلى استرضاء الذين يشعرون بأنه تم إقصاؤهم من مسيرة التقدم؟

&

هناك سببان: الأول، دون تغيير جذري في سياسات الولايات المتحدة، فإن جدول أعمال هيلاري كلينتون من غير المرجح أن يحقق نتائج أفضل من جدول أعمال أوباما.

&

صحيح أن أوباما بذل جهودا لدفع إصلاح الرعاية الصحية في فترة ولايته الأولى، وسن برنامج التحفيز الذي أنقذ الولايات المتحدة من حالة ركود أعمق، لكنه لم يفعل شيئاً يذكر منذ ذلك الحين.

&

إلى جانب ذلك، فإن إصلاح الرعاية الصحية الذي حققه بدأ ينتقد ببطء من قبل الكونجرس. الشهر الماضي أوقف فرض ضريبة رئيسة على الخطط "البارزة" الأكثر كلفة التي تساعد على تمويل الإصلاح.

&

الأمر الأكثر إثارة للقلق، أن عدد الناس الأصحاء الذين يسجلون أقل مما كان متوقعاً، ما يؤدي إلى رفع الأقساط بالنسبة للآخرين. كلما ارتفعت الأقساط، أصبح القانون أقل شعبية وأكثر عرضة لخطر إلغائه.

&

السبب الثاني، أنه لم يعد ينظر إلى تقدم أمريكا الليبرالية بأنه حتمي. وحتى قد لا يكون محتملا، حيث إن ثلثي المجالس التشريعية في الولايات ومناصب الحكام في الولايات المتحدة يسيطر عليها الجمهوريون، كما هو الحال في كلا مجلسي الكونجرس.

&

اعتماداً على هذه الفترة، فالشيء نفسه ينطبق على الأغلبية في المحكمة العليا. كل ما قد يتطلبه الأمر هو انتخابات رئاسية واحدة مضطربة، ليتولى الجمهوريون السيطرة على جميع الفروع الثلاثة للحكومة الفيدرالية. على أقل تقدير، هذا من شأنه تعريض إرث أوباما للخطر.

&

تقدم الجمهوريين في عهد أوباما يعزز أيضاً قدرتهم على إعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية، بعد التعداد المقبل في عام 2020، وبالتالي تدعيم عقد آخر من السيطرة. على الرغم من كل الحديث عن الناس الداعمين لترامب بأنهم تركوا في الخلف، فهذا سيكون بمثابة مكسب لهم.

&

ماذا يمكن أن يفعل أوباما بشأن ذلك في فترة رئاسته المتضائلة؟ أكثر من المفترض أن يفعله.

&

واحدة من الشكاوى الأبرز لأتباع ترامب هي أنهم يعتقدون أن أمريكا تفتقر إلى زعيم قوي. إذا كان ترامب هو الحل، فهناك شيء خاطئ في هذا السؤال، لكن هذا لا يعني أن الشعور غير عقلاني.

&

جزء كبير من العالم يتشارك شكواهم، ففي كثير من الأحيان يظهر أوباما كأنه أحد المارة على الهامش. سواء كان صعود "داعش"، أو خطر الإرهاب الداخلي أو التحديات التي تفرضها روسيا برئاسة فلاديمير بوتين، والصين برئاسة تشي جين بينج، فإن أوباما غالباً ما يبدو سلبياً.