&روزانا بومنصف

ينقل متصلون بمسؤولين إيرانيين موقفا لم يتسم بأي جديد عما سبق من اتصالات حصلت مع هؤلاء المسؤولين، اللهم باسثناء إغفال هؤلاء تسمية العماد ميشال عون في خضم البحث في موضوع الرئاسة، على غير ما حصل في لقاءات سابقة حيث تمت تسميته. الانطباعات الاساسية ان ايران لن تتخلى عن ورقة الرئاسة اللبنانية بسهولة او تتركها لكي يبتها آخرون، بل ستبيعها في الوقت المناسب للطرف الخارجي المناسب. يفترض ان يعني ترجمة ذلك ان ليس الرئيس سعد الحريري هو من سيأتي بالرئيس العتيد. لم يكن ذلك ممكنا او مسموحا بها حين فتح حوارا مع العماد ميشال عون في 2014، حتى حين تصدى له حلفاؤه في هذا الاطار قبل الآخرين، وحين تبنى ترشيح النائب سليمان فرنجية كذلك تم التصدي له على اساس انه ليس هو صانع الرؤساء في لبنان، ولن يكون ذلك متاحا وفق اعتقاد مصادر سياسية، مع احتمال ترشيحه العماد عون في حال حصول ذلك. هذا لا يعني ان انتخاب عون لن يحصل، باعتبار ان دعم ترشيحه من الحريري سيؤدي الى انتخابه بغض النظر عن نسبة الاصوات التي يمكن ان يفوز بها، لكن هذه المصادر تخشى أن يكون ضعف الحريري هو من يوصل عون وليس قوته في هذه الحال، بناء على ازمة غير خافية يواجهها رئيس "تيار المستقبل". ولذلك بدأت تتبلور الصورة التي بات عليها الزخم الذي انطلق على خلفية احتمال تبني ترشيح عون بعد مجموعة لقاءات داخلية وخارجية محورها المملكة السعودية. ومع ان نتائج هذا الزخم غير واضحة، الا انها تؤدي حكما الى احتمالين، لكل منهما تداعياته، أقله بالنسبة الى الحريري شخصيا، كما على صعد أخرى. فإذا قرر الحريري بنتيجة لقاءاته أنه لن يدعم عون رئيسا على رغم انه لا يزال يقول بتوازي دعم النائب فرنجية مع خيار عون، فإنه قد يكون لذلك تداعيات ليست سهلة على كل من الطرفين المعنيين، أي عون والحريري، وعلى البلد ايضا الذي يعيش منذ سنتين ونصف سنة من الشغور الرئاسي على هبة باردة تارة وهبة ساحنة طورا، في حين ان قدرته كما قدرة اللبنانيين على الاحتمال قد ضعفت، ولعل اللبنانيين لم يعودوا يهتمون بمن يأتي رئيسا، لكن الحسابات السياسية مختلفة. ومن غير المستبعد في هذه الحال ان يؤثر ذلك سلبا على الحريري بالذات نتيجة التقلبات في مواقفه من المرشحين، ولو كانت تحت عنوان كبير هو تجربة كل ما يمكن من اجل انهاء الشغور في سدة الرئاسة الاولى، وهذا لا يسقط من تقديرات المعارضين من ضمن كتلته النيابية أيضا. وثمة عامل سلبي طرأ في الايام الاخيرة يتصل بواقع الزيارات التي يقوم بها الرئيس الحريري، لجهة ان امكان استخلاصه نتيجة التقويم الذي سيجريه ان من مصلحته عدم دعم انتخاب عون، لن يحصل، بمعزل عن ربطه بزيارته للمملكة السعودية ايا يكن موقف المسؤولين في المملكة، خصوصا في ضوء ما تردد عن انها لا تتدخل ولا تعطي رأيها سلبا او ايجابا في هذا التحرك. وهو كان بدأ تحركه على خلفية أنه حر ولا زيارات للمملكة منذ بعض الوقت، في حين ان عدم رجحان كفة عون لأسباب مختلفة ستعيد الكرة لجهة منع انتخاب الاخير الى ملعب المملكة.

إذا قرر الحريري دعم انتخاب عون، فإن ذلك سيحرج الحزب لجهة عدم إمكان رفضه ذلك، ولو انه يفضل عدم اجراء انتخابات راهنا. وقد تكون اللقاءات التي عقدها مع سائر الافرقاء ساهمت في الاضاءة على جملة نقاط لا تتصل حكما بشخص عون بمقدار ما تتصل بأمور أخرى، من بينها أن الاتفاق الحاصل بين الحريري وعون هو نسخة مماثلة وفق المصادر عن الاتفاق مع النائب فرنجية، إنما ربما بأسماء أخرى في بعض المواقع. فهناك رئاسة حكومة قد يمدد عمرها وفق ما يسري في بعض الاوساط من ثلاثة او اربعة اشهر قبيل اجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر في الربيع، الى سنة اضافية من خلال ارجاء الانتخابات سنة اضافية تحت عنوان تمديد تقني للتوصل الى قانون جديد للانتخاب انما يشكل ضربة معنوية لعهد جديد ورئيس حكومة يبدأان معا عهدهما بالتمديد لمجلس النواب، وسيربط هذا التمديد بإفساح المجال امام الحريري لاستعادة شارعه. وحكومة لثلاثة أشهر قد تمر ربما، لكن حكومة اطول عمرا تفترض الاخذ في الاعتبار اولا ان هناك اتفاقا بين عون والدكتور سمير جعجع على حقيبة أمنية لـ"القوات" على الارجح، في حين ان من يواجه ذلك الحريري وليس عون مع الطرف الشيعي الذي لن ينظر الى ذلك بايجابية. وفي السياسة الخارجية، ثمة طارئ يتصل بتصنيف السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي "حزب الله" تنظيما ارهابيا، فهناك ابعد من ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة والسكوت عن تدخل الحزب في سوريا، وصولا الى تحديد طبيعة المواقف المعتمدة ازاء الدول العربية في ما خص الحزب، وهناك الموقف من ايران كما من النظام السوري الذي للحريري مواقف حادة في شأنه، في حين أن عون رئيسا قد لا يعارض زيارة بشار الاسد والدفع في اتجاه حوار معه حول اللاجئين، وهو ما سيرمى على عاتق رئيس الحكومة العتيد. وهذا غيض من فيض الاسئلة التي تثار امام الحريري، بعيدا من مجرد الاتفاق مع عون، الذي وان قال الحزب انه الممر الحتمي للرئاسة فإن المحطة الاخيرة لهذا الممر هي الحزب الذي على ذمة المصادر لن يفتح الباب للتفاوض مع الحريري الا بعد اعلان ترشيحه عون. وهذا سيكون بحثا آخر.