سمير عطا الله

المعارك ربح أو خسارة. وقد ربح الجنرال ميشال عون معركة الرئاسة اللبنانية بعد حروب كثيرة تحول خلالها الأعداء إلى حلفاء، والحلفاء إلى غرباء، والغرباء إلى دعاة. وفي السباق الأخير، ربح السباق الأخير، وخسر الرافضون والمترددون والحياديون.
الانتصار نوعان؛ واحد يُعرف بالفوز، لأنه يعني مصالحة الآخر، وواحد يُعرف بالهزيمة، لأنه يؤدي إلى المزيد من العداء. والآن وقد استراح المحارب، يبدأ دور الرئيس المنتخب في دولة مشروخة المشاعر، مقوسة الظهر، من كثرة الأحمال وثقل الفراغ.
كنت بين الذين عارضوا أسلوب الخطاب السياسي الذي اعتمده الجنرال عون في مخاطبة خصومه. وعندما ذهبت إلى زيارته قبل سنوات، قلت له إن مواقفه حر بها، وأعرفُ بها، لكنني كمواطن، أعترض على الأسلوب. والدليل أنه عندما تعرضت لك إحدى الصحف بأسلوب بالغ الابتذال، كتبت افتتاحية «النهار» دفاعًا عنك.
لا أستطيع أن أمحو ما كتبت، ولا أريد ذلك، ولا هو يليق. لكنني أريد القول بكل صدق، إنني أتمنى أن يوحد ميشال عون الرئيس، جميع اللبنانيين من حوله، وأن أكون من بينهم. عندما تكون التسوية هي أفضل الحلول، تكون هي أيضا أفضل البدائل، والتسوية التي قادها الرئيس سعد الحريري من أجل الحل الرئاسي، خطوة شجاعة وعَملُ رجل دولة. ما عدا ذلك، طعن على كرامة الرجل وإهانة لمشاعره.
لن نضحك على أنفسنا، ولا على سوانا، بالقول إن هذه اللعبة الديمقراطية في لبنان. فالأوراق البيضاء التي أرضت أصحابها، لم تغير في طبيعة الحدث وجوهره، وهي أن صاحب شعار «أنا أو لا أحد» هو الذي كسر، أو كسرت له جميع حواجز الوصول. غير أن ما بقي من ملامح الديمقراطية اللبنانية لا يزال منعشًا في أي حال، وإن يكن لا يُعوَّل عليه، ماضيًا وحاضرًا وإلى ما شاء الله.
إنما علينا أن نفرح بما لدينا. وعلينا أن نبحر بالحد الأدنى من الضرر الوطني، في منطقة لم تضطرب هكذا من قبل. وهذه ليست كلمات منمّقة في مناسبة تاريخية، بل مشاعر يومية يعيش مخاوفها اللبنانيون، وهم يرون أنهم في عالم متفلت، أصبحت فيه الدعوة إلى الوئام بمثابة دعوة إلى الخيانة.
كمواطن لبناني كان لي مرشح وجداني هو وزير الخارجية الأسبق جان عبيد. وكمواطن، أصبح لي رئيس هو المرشح ميشال عون. وكل ما كنت أتمناه لبلدي مع جان عبيد، أتمنى أن يتحقق مع الرئيس الجديد.