فضيلة الجفال
أقر الكونجرس الأمريكي قانون تمديد العقوبات على إيران لعشر سنوات قادمة، خلال جلسة تصويت مجلس النواب بأغلبية 419 صوتا مقابل اعتراض صوت واحد. وهذا ما يوضح الجاهزية وبلا شك التوقيت. كما يشير إلى اتخاذ الحزب الجمهوري الذي يهيمن على أكثرية مقاعد الكونجرس سياسات حازمة تجاه النظام الإيراني. وصوت مجلس النواب الأمريكي أيضا لإقرار قانون “قيصر” لفرض عقوبات على الأسد وحلفائه وتحديدا إيران وروسيا، على خلفية ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سورية. وقد سبق لأوباما أن أحبط هذا المشروع. والمستهدفون من مشروع عقوبات الأسد وحلفائه هم بلا شك: إيران (وأذرعها كحزب الله)، وسورية، وروسيا. ما يفسر رد الفعل الغاضب للمسؤولين الإيرانيين.
المرحلة الانتقالية هذه هي اغتنام فرصة ضعف أوباما في مرحلة البطة العرجاء ومعاقبته في أيامه الأخيرة، بعد تخاذله تجاه إيران وسورية، خاصة أن رأي الرئيس المنتخب ترمب متماه ومنسجم مع هذه الخطوة، هو الذي صرح خلال حملته الانتخابية مرارا بأن الاتفاق النووي “كارثي” وتعهد بالانسحاب من الاتفاق مع إيران حال فوزه. في الوقت الذي تستمر معارضة الجمهوريين وعدد من الأعضاء الديمقراطيين في الكونجرس الأمريكي للاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة أوباما مع إيران، هم الذين يرون أن إيران ليست جديرة بالثقة، وأنها حصلت على كثير من التنازلات خلال المفاوضات. كما أن الكونجرس الأمريكي وبالتعاون مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب وبالتنسيق مع حلفاء واشنطن، سيفرض عقوبات جديدة على النظام الإيراني بسبب برنامجها الصاروخي الذي أصبح مصدر تهديد متزايد لدول المنطقة، بعد أن ضاقوا ذرعا بضعف سياسات أوباما مع إيران. وقد اتهم زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب إيران بزعزعة استقرار جيرانها في المنطقة بقوله “إنهم يسعون لمزيد من السيطرة على العراق، وإرسال الأسلحة إلى المتمردين في اليمن، والاستمرار في دعم الجماعات الإرهابية مثل (حزب الله)، ولا يمكننا السماح لإيران بزيادة نفوذها الإقليمي، وتقويض المصالح الأمريكية دون معارضة”.
لكن برحيل أوباما تتعثر العجلات ويبدو المشهد دراميا سورياليا حين تتحول عربة الساحر المزخرفة إلى فئران، ما يذكر بإطلاق الإيرانيين سراح الرهائن الأمريكية بعد تغير الرئيس الأمريكي من كارتر إلى ريجان، في الوقت الذي كان ريجان يؤدي اليمين القانونية. إذًا على الرغم من كل التناقضات التي أحاطت بتصريحات ترمب إبان فترته الانتخابية واستغلال الإعلام اليساري ذلك للترويج لكلينتون مقابل ترمب، إلا أن سياسيين أمريكيين في صحف كـ «واشنطن بوست» يرون أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب سيكون داعما لدول الخليج، وعلى رأسها السعودية، والعمل على تقليص النفوذ الإيراني. لا شك أن الجمع بين المتناقضات في الشرق الأوسط والتوفيق بينها ويبدو أنها ستكون مهمة صعبة ولا شك أمام إدارة ترمب الجديدة، إلا أنها لن تكون مستحيلة.
التعليقات