محمد الساعد
منذ مئة عام تقريبا، نشر الإخوان المسلمون في بدايات نشأتهم، شعارا رومانسيا يدغدغون به عواطف المسلمين، كان الشعار: «الإسلام هو الحل»، مدعين أن هذا هو مشروعهم الذي من أجله يناضلون، وتحت ذلك الشعار طالبوا بتحكيم الخلافة في أرض المسلمين، على الرغم من أن هناك خلافا جوهريا على ذلك المصطلح الذي لم يظهر إلا متأخرا، فقد اشتهر لقب أمير المؤمنين فقط في بداية العهد الإسلامي.
ولعل الحادثة التاريخية التي جرت بين الملك عبد العزيز آل سعود، رحمه الله، وحسن البنا مؤسس التنظيم والمرشد العام له، في العاصمة المقدسة مكة المكرمة، خلال استقبال الملك لوفود الحجيج،
تعطي ملمحا للمشهد الذي عايشته الأمة لعقود قادمة.
في تلك الحادثة التاريخية، طرح البنا على المملكة الناشئة، أن تسمح له بافتتاح مركز لتنظيمه في أراضيها، حينها كان البنا يبحث عن أرض خصبة، بعيدا عن أعين المصريين، الذين كانوا يعلمون نواياه في قاهرة المعز.
لم تمر تلك الخديعة على الملك عبد العزيز، ولا خانه دهاؤه، الذي جعل منه أحد الذين غيروا وجه التاريخ في المنطقة، فقال له إننا جميعا إخوان مسلمون، ولا حاجة لنا بتأسيس تنظيم يصبح من خارجه غير مسلم.
وهذا ما تحقق للأمة المنكوبة فيما بعد بكل أسف، كما توقع الملك عبد العزيز، على يد التنظيم الإسلاموي، الذي تعامل مع السياسة تعامل المغرور، مقدما نفسه كحمامة بين التيارات للداخل الإسلامي وللغرب، لكن الحقيقة هي أنهم من يحملون تحت أجنحتهم المكر والخديعة، وهم من تسبب في هذا الصدام والانشقاق العميق، بين المكونات الشعبية في الدول الإسلامية بعضها البعض، ومع حكوماتها، إضافة لصدام الحضارات الواقع اليوم مع الغرب.
اليوم يطرح حركيو الإخوان شعارا جديدا، هو«العلمانية هي الحل»، مستبدلينها، بكل عين قوية، عن «الإسلام هو الحل»، من منا لا يتذكر تلك المظاهرات الصاخبة في شوارع القاهرة منذ السبعينات، وحتى احتجاجات يناير 2011، وأضف إليها عمان والكويت والمغرب، وحيدر آباد، وهي تحرض الناس على الكفر بدولهم القائمة، مستندين على الفكر القطبي الذي سوق ما يسمى بالجاهلية الحديثة، ودفعهم للمطالبة بالإسلام، الذي لم يكن سوى شعار يتم بيعه للبسطاء حتى يستولوا على السلطة.
ولنأخذ تعريفا بسيطا للعلمانية حسب تعريف المفكر الإسلامي الدكتور «إسماعيل محمد حنفي»، الذي قال: إن العلمانية في الحقيقة تعني إبعاد الدين عن الحياة، أو فصل الدِّين عن الحياة أو إقامة الحياة على غير الدِّين؛ سواء بالنسبة للأئمة أو للفرد.
في رأيي أن ما فعله حركيو الإخوان، هو تفعيل حقيقي لفكرة جاهلية الناس، التي صنعوها هم وليس غيرهم للأفراد وللأمة، وتعمدوا إبقاءهم في دوائرها، حتى يصبحوا مجرد أدوات يتم تحريكها كيفما شاءوا ومتى أرادوا، وهو ما نراه مطبقا واقعا اليوم في الشارع العربي.
التعليقات