&&سمير عطا الله&

أول مبارزة رئاسية أميركية تابعتها في حياتي، كانت بين الديمقراطي جون كيندي والجمهوري ريتشارد نيكسون. الأول كان سيناتورًا سابقًا من كبار المثقفين في الشؤون التاريخية، والثاني كان نائب رئيس سابقًا، من كبار الخبراء في الشؤون الدولية. أما القضايا المطروحة بينهما، فكانت الحرب الباردة، وحصار مدينة برلين من قبل السوفيات، والصواريخ السوفياتية في كوبا المجاورة.

بعد ذلك تحوّلت المعارك الرئاسية إلى مبارزات تلفزيونية، يعرض فيها كل مرشح طاقاته وخبراته وبرنامجه السياسي. ومن خلال تلك المناظرات، التي تجتذب العالم أجمع، تعرَّف الرأي العام الأميركي والدولي، إلى نماذج متعددة، من غلاة المحافظين، إلى الليبراليين، إلى البراغماتيين، مثل رونالد ريغان، حاكم كاليفورنيا الذي سوف يصبح من العلامات التاريخية في البيت الأبيض، وإحدى أبرز الظواهر السياسية. وصاحب «حرب النجوم»، مسرحيته الكبرى التي أدت إلى إفلاس السوفيات.

نقل دونالد ترامب الحملات الرئاسية من الجدل الوطني حول موقع أميركا في «العالم الحر» إلى حجم أعضاء جسده. جميعها. وأنزل مستوى النقاش السياسي من الخطابية الدولية إلى التمثيل المبتذل. وتحول جوهر النقاش من ميزات المرشحين الفكرية إلى نواقص قاماتهم وارتكاباتهم الاجتماعية. ومنذ أن صعد ترامب إلى المنصة وهو يهرج ويهرش مثل ثور فالت يناطح كل من أمامه ومن خلفه ومن حوله.

وقد استفاقت أميركا بعد رحلة الاستمتاع في حلباته المتنقلة، على أن المسألة أبعد من «صندوق فرجة» يقدم فيه هذا الهائج العروض اليومية المثيرة. المسألة هنا هي أن السلوى قد تستمر إلى النهايتين: إما أن يصبح ترامب مرشح الحزب الجمهوري حقًا، والثانية أن يصل إلى البيت الأبيض، ويشكل وصوله نهايات لقضايا كثيرة، منها النظام الأميركي.

في هذه المرحلة من الحملة لم يعد ترامب مزحة ولا حلبة مسلية. حتى كمرشح بلا أمل أصبح خطابه الديماغوجي الفاقع والمبتذل عبئًا ثقيلاً على صورة أميركا وسياسات العالم. لم تعد مستوياته متردية فقط في طروحاتها وهزلياتها، بل أيضًا في مساخرها اللفظية. ألا يخشى الأميركيون من سماع أبنائهم الصغار لمثل هذه التعابير؟

&

&