اسطنبول، الرياض، أنقرة - وليد شقير، «الحياة»: عاد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الرياض أمس، من زيارتين رسميتين إلى كل من القاهرة وأنقرة، وبعدما ترأس الوفد السعودي إلى القمة الإسلامية التي افتتحت أمس في إسطنبول. وقال الملك سلمان في كلمة السعودية أمام المؤتمرين، إن «تشكيل التحالف الإسلامي العسكري خطوة جادة في اتجاه محاربة الإرهاب والتطرف».
وشدد أمام القمة الـ13 لـ «منظمة التعاون الإسلامي» في إسطنبول أمس: «خطونا خطوة جادة في هذا الاتجاه بتشكيل التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي يضم 39 دولة، لتنسيق الجهود كافة من خلال مبادرات فكرية وإعلامية ومالية وعسكرية، تتماشى كلها مع مبادئ المنظمة وأهدافها».
وأضاف: «إننا مطالبون بمعالجة قضايا أمتنا الإسلامية، وفي مقدمها إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وفقاً لمبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية، وإنهاء الأزمة السورية، وفقاً لمقررات «جنيف1» وقرار مجلس الأمن 2254، ودعم الجهود القائمة لإنهاء الأزمة الليبية».
وعن الشأن اليمني، دعا الملك سلمان إلى «دعم الجهود المبذولة من الأمم المتحدة لإنجاح المشاورات التي ستُعقد في الكويت، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 2216». وأعرب عن شكره لمصر على ما بذلته من جهود مميزة خلال رئاستها للدورة السابقة.
وقال: «إن ما يتعرض له عالمنا الإسلامي من صراعات وأزمات تتمثل في التدخل السافر في شؤون عدد من الدول الإسلامية، وإحداث الفتن والانقسامات وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية، واستخدام الميليشيات المسلحة لغرض زعزعة أمننا واستقرارنا وبسط النفوذ والهيمنة، يتطلب منا وقفة جادة لمنع تلك التدخلات وحفظ أمن عالمنا الإسلامي وسلامته».
وأكد وزير خارجية مصر سامح شكري، الذي كانت بلاده رئيسة للقمة السابقة، خلال إعلانه تسليم تركيا أعمال الدورة الجديدة، استمرار جهود بلاده مع المنظمة والدول الأعضاء في خدمة العالم الإسلامي.
وقال إن الحروب في سورية واليمن والعراق وليبيا نتاج مشاكل داخلية وإقليمية ودولية، داعياً إلى أهمية التكاتف لأجل معالجة هذه الأزمات.
وجدد وزير الخارجية المصري تأكيد بلاده على ضرورة الحل السياسي للأزمة السورية، قائلاً إن «إرادة الحل السياسي التي أبدتها موسكو وواشنطن باتجاه إيجاد تسوية للأزمة السورية والتحسن النسبي على الأرض دليل عملي على استعادة قدر من التوازن، ونأمل في أن يظهر ذلك على الساحة الدولية كلها».
وأعرب الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إياد مدني، عن أمله في حل الخلافات بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، محذراً من أن هذه الخلافات «تقوض» عمل المنظمة في المجالات كافة، كما أعرب عن أمله بأن تتوصل القمة الحالية إلى استراتيجية لحماية الطفل.
وأكد أن ملايين المسلمين يتطلعون إلى نتائج قمة إسطنبول في حل الأزمات التي تواجه الأمة الإسلامية.
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الموضوع العام للقمة هو «العدالة والسلام»، وعلينا أن نستعجل تشخيص هذه المعاني بأسرع وقت ممكن، لأن عدد القتلى في تزايد مستمر. واعتبر أن الإرهابيين الذين يقتلون الناس لا يمكن أن يمثلوا الإسلام، لأن ديننا دين السلام والسلم والمصالحة والنبي محمد جاء لينشر العدالة الإلهية وأمرنا بالتعاون ونهانا عن الاعتداء والظلم. وقال إننا كدول إسلامية مهما وقعت بيننا المشكلات لا نستطيع أن نتحمل وزر أولئك الذين يقتلون، لذلك يجب علينا أن نلتزم التآخي والمحبة والسلام، وأن نبتعد من العدوان.
واعتبر أردوغان أن مشكلة الإرهاب والعنف أكبر مشكلة يعاني منها العالم الإسلامي، بسبب تنظيم «القاعدة» تم تدمير أفغانستان، والآن الأمر يتكرر بسبب تنظيم «داعش»، و «حركة الشباب» و «بوكو حرام».
وحض دول المنظمة على تأسيس هيئة لمكافحة الإرهاب، وذلك يمكن أن يكون مؤسسة للشرطة والاستخبارات تابعة للمنظمة، وقال: «قدمنا المقترح وقبل».
ودعا أردوغان إلى إعادة هيكلة مجلس الأمن في ضوء الخريطة العرقية والدينية، قائلاً إن «علينا أن نُعد بلدنا ومستقبلنا للأجيال المقبلة، ومن حق النساء اللائي يشكلن نصف مجتمعاتنا دعمهن».
واقترح على المنظمة عقد مؤتمر نسائي في إطار «التعاون الإسلامي، لأن من حق المرأة المسلمة أن تكون لها مؤسسة تمثلها، اتركوا النساء يتحدثن عن مشاكلهن» داعياً إلى توسيع نشاطات جمعيات الهلال الأحمر.
ووفق متابعين تبين أن كلمات رؤساء الوفود كانت هادئة قياساً إلى لهجة مشروع البيان الختامي الذي يشدد في فقرات عدة على إدانة تدخلات إيران في الشؤون الداخلية للدول العربية، والذي سيصدر اليوم في ختام القمة من دون تعديل في الفقرات المتشددة التي تتناول الدور الإيراني بموافقة ٥٦ دولة من أصل ٥٧ دولة إضافة إلى الفقرة التي تدين الأعمال الإرهابية لـ»حزب الله».
وقال مصدر ديبلوماسي خليجي أن ما اعتبره البعض كلاماً هادئا من قبل قادة الخليج هو «كلام الملوك» والكبار الذي هو نفسه الذي يقال في القمم والاجتماعات والمناسبات كالتي نشهدها في مثل هذه القمة. إلا أن هذا لا يغير في أن المطلوب من إيران أفعالا من أجل تغيير الواقع الذي تشتكي منه الدول العربية.
ولاحظ المشاركون أن كلمة الرئيس الإيراني حسن روحاني اتسمت أيضاً بالهدوء قياسا إلى الحملات المتبادلة بين المسؤولين الإيرانيين وبين المسؤولين الخليجيين والعرب.
وفي خصوص الأزمة بين لبنان والدول الخليجية بسبب تدخلات «حزب الله» في سورية واليمن والبحرين والكويت، تميزت القمة بحصول لقاء سريع لدقائق قليلة على هامش افتتاحها بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ورئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام. وقالت أوساط الوفد اللبناني أن اللقاء كان «وديا ودافئا».
وكان لبنان وافق على الفقرات التي تدين التدخلات الإيرانية في شؤون الدول العربية والخليجية خلافاً لمرات سابقة سببت إجراءات حيال لبنان تحت عنوان مصادرة «حزب الله» لقرار الدولة اللبنانية. واكتفى لبنان بالتحفظ عن الفقرة التي تشير الى «حزب الله الإرهابي» في معرض إدانة أعماله. وجاء هذا التحفظ لأسباب داخلية تتعلق بوجود الحزب في البرلمان والحكومة. وقال مصدر خليجي أن هذه الفقرة باقية في نص البيان الختامي وموقف الدول العربية حيال الحزب لا يعود لأنه لبناني بل نظرا إلى أفعاله لأنه يمول أعمالا إرهابية ويرسل أشخاصا لارتكابها. والموقف من لبنان ليس ضده كبلد بل لأن هناك ما يؤديان، ويأتي من لبنان.
وأبدى المصدر ارتياحه إلى الموقف الذي جاء على كلمة سلام التي قال فيها: «تشهدُ المنطقةُ العربيّة توتّرات سياسية حادّة ومواجهات عسكريّة نتيجة عواملَ عدة. ويشكو عدد من الدول الشقيقة، وتحديداً دولُ مجلس التعاون الخليجي، من تدخّلات خارجيّة تؤجِّجُ هذه الصراعات». وأعلن سلام «إنّنا نرفضُ محاولةَ فرض وقائعَ سياسيّةٍ في الدول العربية عن طريق القوة، بما يؤدّي لتعريض الاستقرار في المنطقة للخطر».
وأكد التضامن الكامل مع أشقائنا العرب، في كلّ ما يمَسُّ أمنَهم واستقرارَهم وسيادةَ أوطانهم ووَحدةَ مجتمعاتهم، ونؤكّدُ وقوفَناالدائمَ إلى جانبِ الإجماعِ العربيّ.