خالد أحمد الطراح&
تناولت أكثر من مرة موضوع المناهج وضرورة تطويرها، من أجل تنقيتها من أي شوائب قد لا تخدم العملية التربوية، وإعداد أجيال ذات فكر معتدل ومستنير، وقادرة على مواجهة جماعات التكفير والقتل باسم الدين.
تطوير المناهج ليس بدعة، وإنما نظام متّبع في دول العالم، فعملية التطوير تتم وفقاً لمتطلبات علمية وتربوية وتعليمية، فما هي الحال حين تصبح المواد التعليمية «مجالاً خصباً» لجماعات متطرفة فكرياً ودينياً؟
تحدٍّ كهذا يقتضي إرادة حكومية تدعم القرار التربوي، وتقتضي أيضاً أن يكون العاملون في المجال التربوي أصحاب عزيمة وقناعة، لا تتأرجح بين موافق وغير موافق وممتنع.. فمن يخش المواجهة ينبغ أن يعلم أن التاريخ لن يرحمه، وذاكرة الشعوب لن تغفر لمن استهان بقضايا ملحة بسبب مراوغة سياسية.
أتذكر أن من بين توصيات البنك الدولي الأساسية بعد التحرير أن يكون أول الداعمين لسياسة التخصيص هو رئيس الحكومة من أجل أن يتمكن الوزير المعني وأعضاء الحكومة من وضع التوصيات حيز التنفيذ، ودفع عجلة التخصيص ضمن وتيرة عمل متناغمة. ولكن، للأسف، تعثّرت سياسة التخصيص، باستثناء بعض مشاريع التخصيص التي تخص ملكية الدولة في الشركات، وكان قائد أوركسترا التخصيص، حينذاك، الأخ العزيز علي الرشيد البدر العضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار.
ميدان التعليم يحتاج اليوم القرار السياسي والإرادة في إحداث ثورة تنظيم في النظم والمناهج، ولعل أبرزها أن يكون لدينا نظام منح رخص لممارسة للتعليم، فليس كل من تخرّج في مجالات علمية مختلفة قادراً على ممارسة مهنة التعليم، وتخريج أجيال محصّنة علمياً وفكرياً وثقافياً.
منح الرخص المهنية للمعلمين سينصف المعلمين المبدعين، ويمنحهم الحوافز والترقية، وفقاً لمعايير علمية ومهنية بحتة، كما سيطهّر التعليم ممن لا يملك القدرة على التعليم وتصدير المعرفة.
الرخص المهنية ستتيح لوزارة التربية فرصة التقييم الدوري لتجديد استمرارية الرخصة، مثلما يحصل في ميدان الطب والطيران من دون محاباة، وما أكثرها عندنا! وربما بسببها نتأخّر ولا نتقدم، ويستمر ميدان التعليم عرضة للاجتهاد الفردي وفوضى القرارات.
آمل في أن تقود وزارة التربية أوركسترا تنظيم ممارسة مهنة التعليم من دون تردُّد، فمصلحة الأجيال القادمة بيد من يملك القرار اليوم.
&
التعليقات