لندن - إلياس نصرالله: يواجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون معضلة لم تخطر على بال أحد، ومن شأنها أن تؤثر على العلاقات الديبلوماسية بين بريطانيا والولايات المتحدة، حيث سيضطر كاميرون إلى استقبال مرشح الحزب الجمهوري الأميركي للرئاسة دونالد ترامب في لندن، بعد أن أهانه علناً، ومن فوق منصة الخطابة، في مجلس العموم البريطاني، مارس الماضي.
&
وعقب انسحاب منافسي ترامب من حلبة المنافسة على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، بقي الملياردير الاميركي المرشح الوحيد للحزب لخوض معركة الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، حيث سيحضر في أغسطس المقبل الحفل التقليدي الخاص الذي ينظمه الحزب الجمهوري عادة لجمع التبرعات من مؤيديه الأميركيين المقيمين في بريطانيا وأصدقائهم من البريطانيين وغير البريطانيين. وحسب العادة يستقبل رئيس الوزراء البريطاني ورئيس حزب العمال المعارض المرشحين الجمهوري والديموقراطي للرئاسة، اللذين يحضران في كل انتخابات إلى لندن، لجمع التبرعات لحملتيهما الانتخابيتيْن.
&
ونقلت صحيفة «الديلي تلغراف» أمس، عن أحد المقربين من ترامب، أنه «لن يخضع لأصول العمل السياسي، ولن يتراجع عن تصريحه المثير للمشاعر ضد المسلمين». مع ذلك أعلن الناطق باسم كاميرون، أن رئيس الوزراء سيستقبل ترامب، علماً أن كاميرون هاجم ترامب بشدة في مارس الماضي،عندما أطلق ترامب تصريحه الشهير بأنه في حال أصبح رئيساً سيمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، وأضاف أن «لندن أصبحت متطرفة جداً لدرجة أن ضباط الشرطة فيها يخافون على حياتهم». فشعر عدد كبير من البريطانيين أن تصريحات ترامب حول لندن مهينة، وبادر مجموعة من المواطنين البريطانيين إلى جمع التواقيع على عريضة تطالب بمنع ترامب من دخول لندن، وصل عدد الموقعين عليها إلى نصف مليون توقيع تقريباً، ورغم أن الحكومة لم تستجب للعريضة التي قدمت لها، إلا أن كاميرون اضطر للرد على المرشح الجمهوري للرئاسة، وقال إن «تصريحات ترامب ضد المسلمين مثيرة للخلاف وحمقاء وخاطئة»، وسخّف تصريحه عن التطرف في لندن وضعف الشرطة فيها، قائلاً: «إذا جاء لزيارة بلدنا سنتوحد جميعاً ضده».
&
وأوضح الناطق باسم رئيس الوزراء أن كاميرون الذي سيستقبل المرشح الجمهوري للرئاسة «لن يسحب كلامه ضد ترامب». فيما قال المتحدث باسم ترامب لـ «الديلي تلغراف» إن «ترامب لا يحمل مشاعر سيئة ضد كاميرون» وإن الأمور ستسير على ما يرام بينه وبين رئيس الوزراء البريطاني «عقب استقبال كاميرون له في مقر رئاسة الوزراء في 10 داوننغ ستريت».
&
وأشار الناطق باسم رئيس الوزراء إلى أنه رغم التصريحات المثيرة للجدل من الجانبين، كان هناك عدد من المسؤولين البريطانيين على اتصال مستمر مع فريق العمل الخاص بترامب طوال حملته للفوز ببطاقة ترشيحه للرئاسة. وكشف الناطق بأن السفير البريطاني في واشنطن السير كيم داروخ، صديق كاميرون، سيلتقي مع ترامب بعد إعلان الحزب الجمهوري عن فوزه ببطاقة الترشيح لانتخابات الرئاسة.
&
فيما نقلت «الديلي تلغراف» عن سام نانبيرغ، أحد المستشارين السابقين لترامب، أن تصريحات ترامب التي أغضبت كاميرون ليست نقطة الخلاف الوحيدة بين الزعيمين، وتوقع أن يصطدم كاميرون مع ترامب حول الموقف من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وروسيا، إذ إن ترامب مولع ببوتين ومعجب جداً به على العكس من كاميرون.
&
وسارع عدد من رموز حزب المحافظين الحاكم إلى تلطيف الأجواء بين ترامب وكاميرون، وحضوا رئيس الوزراء على تقديم «غصن زيتون» لترامب، لضمان مستقبل العلاقات الخاصة بين البلدين، في حال نجح ترامب في حملته الانتخابية.
&
وأفاد وزير الدفاع البريطاني السابق ليام فوكس، الوجه المحافظ البارز، بأن «العلاقة بين بلدينا أهم بكثير من أن تتأثر بالأمزجة الشخصية داخل الأحزاب». وأضاف أنه «ليس من المنطق أن تكون علاقتنا رديئة مع أي شخص قد يصبح زعيماً لأقرب حليف لنا».