&محمد خليفة

تتميز العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية ألمانيا الاتحادية، بأنها تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك، وعبر تاريخها الطويل الذي يعود إلى عام 1972 شهدت هذه العلاقات تطورات كبيرة على جميع الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، جعلت الدولتين تتجاوزان حدود الصداقة التقليدية وتؤسسان لمستويات جديدة من التعاون الاستراتيجي والتنسيق الشامل في جميع الملفات، وفق رؤية واضحة ومشتركة لكل ما يتصل بالقضايا الدولية والمسائل الثنائية ذات الاهتمام المشترك. وتجلّت رغبة البلدين والشعبين في تمتين وتعزيز هذه العلاقات، من خلال تواصل المشاورات واللقاءات والاجتماعات الثنائية على المستويات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية كافة.

وشكلت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى ألمانيا بتاريخ 9 مايو/أيار 2016، خطوة مهمة لتطوير العلاقات الإماراتية الألمانية ودفعها إلى الأمام، وعكست التفاهم والتنسيق تجاه القضايا على المستويين الإقليمي والدولي، إضافة لحرص الجانبين على تعميق وتمتين العلاقات الثنائية في مختلف المجالات. وقد عبر سموه عن ثقته بأن العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية ألمانيا الاتحادية تمضي نحو آفاق أوسع، خاصة في ظل الشراكة الاستراتيجية والعلاقات المتنامية بين البلدين؛ لما تتميز به من تقارب في المواقف تجاه القضايا الإقليمية والعالمية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والتكنولوجيا والعلوم والمعرفة والتعليم والطاقة المتجددة. وأكد سموه أن العلاقات بين البلدين القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة لا تنحصر فائدتها على البلدين فقط، بل على المنطقة من خلال جهودهما ومساهمتهما مع جهود المجتمع الدولي في طرح الحلول الفاعلة للعديد من القضايا السياسية والاقتصادية والتنموية والإنسانية حول العالم. وتتمتع ألمانيا بمكانة مهمة في عالم اليوم، فقد أصبحت خلال مدة وجيزة ثالث اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة واليابان، وظلت أدوارها السياسية متناغمة مع سياسات المحور الغربي برمته، لكن صعود الصين والتغير الملحوظ في منظومة العلاقات الدولية، وعدم قدرة الولايات المتحدة على مواجهة كل الصراعات في العالم، في ظل غياب سياسة أوروبية خارجية مشتركة. كل ذلك دفع النخب السياسية والفكرية في ألمانيا إلى التفكير بضرورة الابتعاد عن المثالية وعودة العقلانية إلى آلية صياغة السياسة الخارجية الألمانية، من أجل تفعيل ثقل ألمانيا أوروبياً وعالمياً»، ورغم تباين آراء الخبراء وصناع القرار السياسي، حول طبيعة الدور الذي ينبغي أن تلعبه ألمانيا بصفتها «قوة عظمى متوسطة»، على الصعيدين الأوروبي والعالمي، لكن يشدّد الجميع على ضرورة تكيف السياسة الخارجية والأمنية الألمانية مع التغيرات التي تشهدها منظومة العلاقات الدولية في الوقت الراهن.

والواقع أن تنامي الحضور الدولي لألمانيا سوف يغيّر الكثير من المعادلات، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد استقطاباً غير مسبوق بين القوى الدولية، ومن هنا تبدو الأهمية المتصاعدة للعلاقات بين الإمارات بوصفها دولة إقليمية كبيرة، وبين ألمانيا كقوة عالمية جديدة. وهذه العلاقات سوف تساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. ومن جانب آخر تعمل الإمارات وألمانيا بشكل مستمر على تطوير تعاونهما الاقتصادي؛ ففي عام 2004 أقامت الدولتان شراكة استراتيجية، وأعلنتا رغبتهما في تعميق العلاقات الاقتصادية من خلال التجارة المكثفة القائمة والتعاون في القضايا السياسية المختلفة. وتساهم مقومات التبادل التجاري والاستثماري الذي تتصف به العلاقة بين الدولتين في تحويل الإمارات إلى بوابة لألمانيا في الخليج العربي ومن ألمانيا بوابة للخليج في أوروبا.

وجاءت الإمارات في المركز الأول عربياً والعشرين عالمياً كأهم جهة مستقبلة للصادرات الألمانية. وتشكل صادرات ألمانيا إلى الإمارات ما نسبته 31% من مجمل صادراتها إلى الدول العربية خلال 2014. وفيما يخص الاستثمار فقد تم في عام 2009 تأسيس المجلس الألماني الإماراتي المشترك للصناعة والتجارة، ضمن اتفاقية بين الدولتين، وهو يضم 50 في المئة من الأعضاء لكل دولة على أن يدعم من الدولة والقطاع الخاص في كلا البلدين. ويعمل المجلس على تشجيع الاستثمارات الاقتصادية في البلدين، ويوفر للمستثمرين التسهيلات المعلوماتية المهمة. وتتركز أغلب الاستثمارات الإماراتية في ألمانيا في قطاع البناء والتشييد والنقل والشحن والخدمات. وكذلك توجد نحو 1000 شركة ألمانية عاملة في الدولة، وهي تشغل 48 ألف موظف، وتعمل أغلب هذه الشركات في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة والتقنيات المتخصصة بالمعدات الميكانيكية. وتسير العلاقات بين الإمارات وألمانيا بخطى ثابتة نحو الارتقاء والتطور لما فيه مصلحة الدولتين والشعبين الصديقين.&