&الصحف العراقية: تحذير من أن يكون تحرير الفلوجة باباً للفتنة ودعوة لوقف سياسة الفشل والمراوغة وتساؤل عما بعد مؤتمر &

&

مصطفى العبيدي

&&كان من أبرز مواضيع الصحف العراقية الدعوة لوقف سياسة المراوغة، والفشل في إدارة الدولة، وضرورة مراجعة التظاهرات، ومخاوف الفتنة الطائفية، والنتائج المتوقعة من مؤتمر المعارضة العراقية في باريس، واشكالية التعبير عن الرأي في العراق».

&تحرير الفلوجة والفتنة&

تناول خليل الجنابي موضوع تحرير الفلوجة في مقال في صحيفة «طريق الشعب»، الصادرة عن الحزب الشيوعي، جاء فيه: «بعد الإحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 أصاب مدينة الفلوجة ما أصاب المدن العراقية الأخرى من قهر وإذلال وقتل وتشريد. وكانت مواجهتهم شديدة مع قوات الإحتلال. وتمكنت «القاعدة» من إيجاد موطىء قدم لها بين سكانها لوجود حواضن من بقايا حزب البعث والعسكريين. وعلى الرغم من هذه الانكسارات تمكنت بعض العشائر من تجميع نفسها لتقف بوجه القاعدة وتطردها شر طردة من المدينة. لكن الذي حدث هو التخلي عن مساعدة هذه العشائر وإيقاف إمدادها بالمال والسلاح لمواصلة معركتها النبيلة. كما ركب الموجة بعض الشخصيات من أهل المدينة وراحوا ينفخون في خيام الإعتصام خيام (العزة والكرامة) و (قادمون يا بغداد) التي أقاموها على مدى شهور، رافعين شعاراتهم الطائفية ومحولين معركتهم إلى معركة طائفية بامتياز بين السنة والشيعة.

إن المعالجة الخاطئة من قِبل الحكومة والتعامل القسري غير المبرر مع أبناء المدينة واعتبارهم كلهم أعداءً مهد لتنظيم الدولة هذه المرة أيضاً موطىء قدم فيها وقدمت نفسها على أنها «حامي الحمى».

من كل ما تقدم يتبين أن الغالبية العظمى من أهل الأنبار أصبحوا ضحايا للغدر والخيانة. وهم غير راضين عن ما يدور في مناطقهم، ومحاولة سلخهم من حاضنة الوطن. وهو ما جاء متلائماً مع تدخلات خارجية عربية وأجنبية إلى جانب بؤر الإرهاب والجريمة ومدهم بالمال والسلاح لتنفيذ مخططاتها الإجرامية وتقسيم العراق إلى مثلثات شيعية سنية كردية.

الآن قواتنا المسلحة تخوض غمار المعارك الضارية على أبواب مدينة الفلوجة لإنقاذ أهلها من براثن المغول الجدد، وتنقذ أهلها الكرام من الحيف الذي وقع عليهم طيلة السنوات الماضية بعد أن سيطرت داعش على مدينتهم ولتفك الحصار عنهم.

احذروا الطائفية لأنها هي أصل البلاء الذي لحق بنا! إحذروا الطائفية لأن الموصل الحدباء تستصرخكم لتحريرها من رجس الدواعش وإعادتها إلى أحضان الوطن»!

&14 عاماً من المراوغة والفشل&

نشرت صحيفة «الزمان» المستقلة مقالا لجاسم مراد جاء فيه: «ليس من الانصاف أن تبقى القوى والكيانات السياسية تمارس أبشع صور الانتهازية السياسية، وهي تدرك بما لا يدع مجالا للشك ان العراق يمشي صوب الضعف والهلاك والتفكك. وبالتأكيد مثل هذه القوى مهما لبست من لبوس التخفي والخداع فإنها لم تنجح لادارة بلد مثل العراق.

فعلى مدى 14عاما لم نسجل تطورا ملحوظا يشكل قاعدة يمكن البناء عليها. والوجوه الحاكمة هي ذاتها، وتراجع الاقتصاد متلازم مع هشاشة البنى التحتية، واختراق قواعد النظام والقانون صار شريك الضعف المجتمعي والاخلاقي.

لم تعد عمليات الاستيلاء والنهب للمال العام، وعمليات التحايل في مؤسسات الدولة، ولا تعطيل مئات المصانع والضعف في إداء الدوائر الحكومية تثير اهتمام الجهات المسؤولة في هذا البلد. إذن هذا الوضع ماذا يكشف لنا؟ انه بالتأكيد يكشف فشل التجربة السياسية المبنية على المحاصصة والولاءات الشخصانية والعائلية والحزبية. كما يكشف أن التركيبة السياسية القائمة والمتمسكة بعمليتها السياسية الحصصية هو المقدمة الحقيقية لتفكيك البلاد والذهاب بها إلى التوزيع الجغراقي، وهذا بالطبع هو المشروع المركزي لقوى التحالف الأمريكي.

إن أي قوى سياسية محترمة تريد الخير لبلدها، تقف امام كل مفصل من مفاصل عملها لتقييمه خلال مسيرة عملها. وإذا وجدت إن الاخفاقات تجاوزت الحدود المسموح بها، تجري عملية التغيير لتصحيح الوضع. وبما إن العملية السياسية فاشلة بامتياز فلا بد من البحث عن حلول منطقية موضوعية لها. إن فكرة إنزال هذا الوزير والاتيان بوزير آخر من نفس الكتلة، هو عملية ايهامية لاقيمة لها، والخلل في مكونات وطريقة عمل السلطة، فلا بد من تحويلها من سلطة الفاشلين النهابين الحرامية إلى سلطة وطنية بناءة تحب العراق وأهله».

&جدوى التظاهرات الغاضبة&

وتناولت صحيفة «الصباح الجديد»، المقربة من الحكومة، موضوع التظاهرات في مقال جاء فيه: «أحد اهم وأخطر عيوب المجتمعات (التي أضاعت المشيتين) يكمن في مناخات الشيزوفرينيا التي تعيشها بفعل الانفصال الطويل عن هموم وحاجات عصرها الواقعية. إحدى تجليات هذا الخلل البنيوي نعيشه ونشاهده في كل هذا الشغف والعشق الاسطوري لـ (شعيرة) التظاهرات والتي دخلنا من خلال ممارستنا الاسبوعية لها تحت شعار (جمعة وره جمعة والفاسد انطلعه)، إلى سجل غينس للارقام القياسية..!

لا أحد يعترض على ممارسة الناس لحقوقهم الدستورية التي تضمن لهم حق الاحتجاج والتعبير عن الرأي وغير ذلك من الحقوق التي كانت محرمة بشكل مطلق زمن سلطة «المنحرفين». لكننا كنا بامس الحاجة إلى التعرف أولاً على ثقافة الاحتجاج كي نتمكن من التعاطي معها بحكمة، ومسؤولية علينا مواجهة التحديات الفعلية بشجاعة ومسؤولية، لا مواصلة منهج ركوب موجات الغضب والاستياء الفاشوشية (الفارغة).

البعض من الذين ادمنوا التجمع كل جمعة تحت ظلال نصب الحرية المعتكف من أكثر من نصف قرن، يواصلون طقسهم هذا بوصفه نوعا من العناد والتأكيد على كلمتهم التي أطلقوها بالضد من الفساد والمفسدين، من دون ان يكلفوا أنفسهم في البحث عن (الفساد) من بين أوساطهم القريبة والجماعات المحتفية بعروضهم هذه..! طبعا هذا لا ينفي وجود أعداد لا يستهان بها من الشبيبة المنضوية تحت لواء هذه الاحتجاجات بدوافع نبيلة. غير ان جهودها هذه تحول لحسابات اخرى مغايرة لطموحاتهم المشروعة في العيش بحرية وكرامة على تضاريس الوطن القديم».

&مؤتمر المعارضة العراقية&

وكتب فلاح المشعل مقالا في موقع «القشلة» الإلكتروني قال فيه: «يأتي إنعقاد مؤتمر باريس ليومي 28 ـ 29 (أيار / مايو) 2016 للمعارضة العراقية تحت شعار «معا لإنقاذ العراق»، في خضم واقع عراقي مرهون بجملة أزمات وعقد سياسية خلافية، ومظاهر فشل وفساد في إدارة شؤون الدولة، وإنهيارات خدمية وأمنية،جعل المعارضة العراقية تجد فضاءا واسعا لنشاطها، ليس في الداخل العراقي وحسب، وإنما على الصعيد الدولي.

انعقاد مؤتمر المعارضة في فرنسا لم يأت من رغبة المعارضين العراقيين باختلاف مشاربهم، وإنما تقف وراءه رعاية وحضور دولي أمريكي ـ فرنسي وتمويل يحمل اناقة المال الخليجي. من هنا تترشح خطورة ما سيشهد العراق في المستقبل القريب من تحولات دراماتيكية في العملية السياسية.

لا نبالغ حين نشير إلى وقوع الخطر الفعلي والحقيقي للنظام السياسي الحالي في العراق، جراء نقل ملف مشروع المعارضة العراقية وتغيير النظام إلى المحافل الدولية، بعدما ظلت الاتجاهات الدولية وبضغط أمريكي، تعمل لصالح العراق لمدة 13سنة ماضية، مؤتمر بحضور أمريكي وحاضن أوربي.

السؤال الآن: هل تستفيق الطبقة السياسية الحالية على رنين جرس الإنذار الأمريكي الفرنسي وتستيقظ من غفلتها وأهمالها؟ أنا شخصيا أشك في هذا.! ويبقى الانتظار مشحونا بسلسلة توقعات بما ستؤول اليه الأمور، وماذا ستحمل لنا الأحداث ما بعد «داعش»، وما يجري قبل أوبعد الانتخابات الأمريكية، وماهو الموقف الإيراني أزاء ذلك. لا نملك سوى أن ننتظر لأننا أمة تنتظر مصيرها ولا تصنعه».&

فرهود التعبير عن الرأي&

وكتب كفاح محمود كريم في صحيفة «التآخي»، المقربة من «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مقالا عن الفرهود (النهب) جاء فيه: «ما يحصل اليوم في العاصمة بغداد وعواصم الربيع الأحمر في اليمن وسوريا وليبيا، لا علاقة له بتنظيم الدولة الإسلامية أو القاعدة أو غيرها من التسميات والعناوين، بل هو تراكم هائل من ثقافة البداوة الاجتماعية والسياسية والدينية التي لا تقبل الآخر إلا عبدا ذليلا أو سبية تباع وتشترى في أسواق النخاسة النسائية أو السياسية. وهي من ثم تكلس مريع من العادات والسلوكيات في كل مفاصل المجتمع وشرائحه، تنعكس على شكل ممارسات نشهدها يوميا في تفاصيل حياتنا وبمستويات مختلفة، يحكمها الخوف تارة والحاجة تارة أخرى. وفي كل الحالات فهي بركان قابل للانفجار في أي لحظة أو مرحلة. وها هي اليوم تثور في مدن الشام والعراق واليمن وليبيا وغدا في مدن أخرى تنتظر نضوج براكينها هي أيضا. لا مناص من إعادة النظر جذريا بأسلوب الحياة وبرامج ونظريات التربية والتعليم، والفصل الكلي للدين عن السياسة والحكم، وبلورة مفهوم رفيع للمواطنة على أساس العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لإقامة نظام مدني عابر للقوميات والأعراق والأديان والمذاهب بقوانين وتشريعات صارمة، وإلا ستبقى مجتمعاتنا مصانع لتنظيمات الإرهاب وثقافة الإبادة لكل من يخالف الآخر في الفكر والرأي. وسيمكث الفرهود سلوكا وممارسة حتى وان اختلفت الأساليب والعناوين»!

&سموم حياتنا&

وأشار شامل عبد القادر في مقال في صحيفة «المشرق» المستقلة إلى «السؤال الذي يقض مضاجعنا ولا يهدأ لنا بال منه هو: ما الذي «يسمم» حياتنا؟

بالفعل يجب الاعتراف بأن حياة العراقيين ملوثة بالتسمم.. حياتنا مسممة.. ولكن ما الذي يسمم حياتنا؟! هل هم الأشخاص أم المواقف؟ يعتقد فولر أن ثمة أشخاصاً هم من يعقدون حياة الفرد.. وفي محيط علاقاتنا العامة في العراق أشخاص مخادعون ويعشقون السيطرة والاستبداد والتعالي والمراوغة. وربما قد يلتقي الواحد منا، لسوء حظه، شخصاً تجتمع فيه كل هذه الصفات.. وصدق سارتر عندما قال: الجحيم هو الناس!

في تاريخنا العراقي عموماً ثمة أشخاص ومواقف تسمم حياتنا، وما زال هؤلاء الأشخاص يتناسلون عبر الحقب والعصور إلى يومنا هذا ولا يخلون لنا سبيلاً أو «يفكون ياخة» من العراقيين.

كيف السبيل إلى تنقية حياتنا من هذا السم الأصفر الذي يسري في عروقنا منذ قرون ولا فكاك منه إلا بالحرية الحقيقية؟ ولا تبدأ الحرية ـ كما يقول أحد الفلاسفة ـ إلا من حيث ينتهي الجهل. ونحن في العراق حققنا أكبر نسبة بالأمية منذ عام 1979 حتى يومنا هذا.. فكيف نتحرر ونحن أكبر الجهلة في العالم؟

دعونا نتحرر من الأشخاص الذين يسممون حياتنا!.. هؤلاء المعقدون والفاشلون بامتياز الذين سمموا حياتنا هم ـ كما يصفهم فولر ـ أشبه بأصابع ديناميت تفجر كل ما يدور حولها! دعوا التاريخ للتاريخ، ودعوا الناس يمارسون حياتهم من دون أشراك التاريخ وفخاخه، ولنتحرر من أشخاص ومواقف تحولوا إلى ديناصورات في بطون التاريخ ونبدأ حياتنا من جديد بلا خداع»!&

وهم الإصلاح&

ونشرت صحيفة «الاتحاد»، الصادرة عن «الاتحاد الوطني الكردستاني»، مقالا لعلي السيد جعفر جاء فيه: «تتلخص مكاسب التغيير العراقي الكبير الموصل لديمقراطية حقيقية موعودين بها بأمرين: حرية السُباب، بشرط لا تمس خطوطاً حمراء مقدسة قد تفتك بك متى ما تناهى لمسامعها ذلك، وتذمر مفرط لنتاج اصابع بنفسجية تعيد الكرة كل مرة وتنتخب ذات القوائم الطائفية، وسُراق المال العام، نجلس بعدها لنسب من جديد ونتذمر أكثر مع كل نقصٍ في الخدمات، سوء توزيع الثروات وفقدان الأمن.

من هنا يعيش الجميع في وهم الإصلاح. والوهم في اللغة، هوَّ الظن الفاسد والخداع الحسي، وكل ما هوَّ غير مطابق للواقع. من هنا، لا إعتصامات تنفع، ولا إحتجاجات المساكين مع فقدان الإرادة والرغبة الحقيقية للإصلاح تأتي بثمار، جاء في تعريفه «الوهم» فلسفياً كل خطأ في الإدراك الحسي بعد أن خدعته المظاهر، ويرى نيتشه في «مستقبل الوهم»، وإن كان عن أصل ونشأة الأديان وتطورها، أن الخلاص منه صعب إن لم يكن مستحيلاً، نحتاج إليه لنعيش. التغيير، كما الإصلاح المنادى به منذ عام مضى، يحتاج لقدرة كل منا على انتخاب برامج، لا رموز لمكوّن، الأمر ليس باليسير مع تخوف ورهبة الجميع من الإلغاء والتهميش والقتل والتهجير، الطائفة عنوان كبير، تهون عندها كل المُلمات، ورموزنا، حماتنا، وإن سرقوا، نهبوا، وعاثوا في البلاد فساداً، مطمئنون، غير مبالين، سنعيدهم، تبدو الحياة دونهم هلاكا، والمستقبل قاتما.

هكذا صوّرت لنا، توأمين سياميين، لا خلاص إلا بمبضع جراح ماهر، متيمان، لا يقويان على الهجر. يقول صديق، إغسلوا أيديكم إلى المرافق، لاتحلموا كثيراً، أنتم أعجز من الإتيان بالأفضل، أسارى التأريخ، والطوائف، وعبدة الشخوص، وصُناع الأصنام لا ينتجون غير الخراب. يأس كبير أصاب من لم يُدنس بالوهم، وقاموس الشتائم لم يكتمل، الكثير من الألفاظ لم تُذع، كما بقية خزائن أرض السواد لم تُنهب.