محمود معروف
لا زال المشهد السياسي المغربي يحمل قراءات مختلفة، في ظل استرجاع لدستور 2011 والتوافق عليه قبل عرضه للاستفتاء او التأويلات المختلفة لفصوله وتطبيقها بالقوانين التنظيمية أو تدبير الحكومة الائتلافيه للشأن العام ومعارضتها.
وفي ليالي شهر رمضان المغربي تنظم الندوات واللقاءات لممارسة قراءة هذا المشهد والخميس قال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، وزير السكنى إن «العفاريت في رمضان بالخصوص يجب الحذر منهم، السي (عبد الاله) بن كيران (رئيس الحكومة) يسميهم عفاريت وتماسيح ونحن نقول إن هناك فعلاً طفيليات وبرازيت لا تريد أن يتقدم هذا المجتمع للأمام».
واوضح في ندوة عقدت بمركز الدراسات والأبحاث، عزيز بلال، في الرباط «إن هذه الطفيليات ترى أنه لا يمكن لحزب سياسي أن يطير بجناحيه بشكل مستقل اي أن هذا المسار يتعين التحكم فيه والشيء نفسه ينطبق على المستويات الأخرى للقرار».
وقال «لبلورة دستور 2011، يجب أن يكون هناك وقت كاف ونخب وأحزاب قادرة على بلورته، أحزاب تتوفر على مصداقية واستقلالية القرار وإن الإصلاحات السياسية التي قام بها المغرب هي التي جنبته تقلبات 2011، ولو لم يقم المغرب بالإصلاحات التي قام بها لكان في مهب الريح بعد أحداث 2011″ وأكد أن التجربة الديمقراطية التي عرفها المغرب جعلته يقوي مناعته عند حدوث أحداث الربيع العربي واستطاع تجاوز تقلبات 2011 بفضل المبادرة الملكية بتعديل الدستور، لكن أيضاً بسبب عدم انخراط الأحزاب في الشارع، الأحزاب لها حضور وازن وتؤطر الجماهير، ولو قررت النزول للشارع في 2011 لحدث أمر آخر».
وشدد الوزير المغربي على أنه لا يكفي أن يكون لدينا نظام ديمقراطي بل لا بد أن يكون لدينا اقتصاد قوي وربط القرار السياسي بالقرار الاقتصادي وهناك من يسعى للرجوع إلى الوراء وهناك من يريد حداثة صورية ومزيفة، وهناك أطراف محافظة تنعم بعدد من الامتيازات وتريد أن يبقى المجتمع كما هو لأن الإصلاح يهدد مصالحها.
وقال إن رأس التحكم، يستمد قوته من عدم شجاعة وجرأة الطبقة السياسية والاقتصادية، وفي الوقت الذي ستمتلك هذه النخب شجاعة قول «لا» سينتهي مشروع التحكم.
وتساءل بن عبد الله، في الندوة «ماذا سيقع في ملك الله بالنسبة لحزب يحافظ على استقلاليته عن الدولة؟! قد أفهم تردد الطبقة الاقتصادية في مواجهة التحكم نظراً لخوفها على مصالحها، أما السياسيون فلا عذر لهم». وأضاف «أنا أقول للنخبة السياسية والاقتصادية إذا كان حزب التحكم يستبد بالقرار ويتدخل في شؤون الأحزاب وفي شؤون المقاولة، وهو في المعارضة، فماذا سيفعل غداً عندما يأخذ السلطة ويصل إلى الحكومة؟! لا بد من طرح هذا السؤال».
وقال «نحن إزاء عملية تخريب كل تراث الحركة الديمقراطية» معارضاً لمن يدعو إلى حكومة ائتلاف وطني بدعوى مشاكل الصحراء واضطرابات الإقليم، وقال أنا لا أرى مبرراً لهذا الاقتراح، فالمغرب ليس في حالة حرب والبلاد تعيش وضعاً طبيعياً ويجب أن نترك لصناديق الاقتراع حرية الكلمة والقرار».
من جهته قال المفكر عبد الله ساعف الوزير السابق وعضو لجنة اعداد الدستور «منذ اليوم الأول، كان واضحاً أن الدستور ليس حلاً نهائياً للإشكالات السياسية المغربية، ومن يعتقد ذلك فهو يتوهّم».وأضاف ندوة نظمتها مؤسسة «المشروع للفكر والتكوين»، مساء الخميس في الرباط «لا يجب أن يُتوقع من الدستور أن يعطي أكثر مما يستطيع، فكل الدساتير تعبر عن ميزان القوى في المجتمع، ويجب على الفاعلين في المجتمع أن يساهموا بدورهم في الدفع بعجلة الديمقراطية إلى الأمام»، مشيراً إلى أن الدستور الحالي رسم خطوطاً فاصلة بين صلاحيات الملك وصلاحيات رئيس الحكومة لأول مرة؛ حيث أناط بالملك مهمة الاشتغال على مستوى التوجهات الاستراتيجية للدولة، ولرئيس الحكومة الاشتغال على مستوى السياسات العمومية.ونقل موقع «هسبرس» عن الساعف قوله بإحداث الدستور لعدد من «القطائع» مع ما كان سائداً من قبل، كان منتظراً من القوانين أن تعطي مضموناً أدق للحياة السياسية، وهو ما لم يتحقق، «لم يكن في لحظة الدسترة تدقيقٌ في التفاصيل، أدرجنا مجموعة من الأمور في القوانين ولكن هل أصبح هذا واضحاً؟» فـ«القوانين لم تنتج على ضوء موازين قوى، كانت هناك احتجاجات، ولكن لم نصل إلى درجة الصراع الذي يوجه القوانين ويعطي لها مضموناً».
وحمّل ساعف جزءاً من المسؤولية عن عدم الدفع بالقوانين لوضع مضمون دقيق للحياة السياسية، إلى «المعارضات» الموجودة في المجتمع، معتبراً أن «ضعف الامتحان» لا تتحمل فيه فقط الجهة المنتجة للقوانين المسؤولية، بل كان نتاجاً، أيضاً، لعدم قدرة المعارضات على فرض نقاش يفضي إلى التأويل الديمقراطي للقوانين. وأشار إلى خلاصات الحوار الوطني حول المجتمع المدني، والتي قال إنها تحمل «مضموناً سلطوياً قوياً، وتمّ إلغاء مبدأ الشروط المؤطرة لحق تقديم العرائض التي أكد عليها الدستور».
وقال الأكاديمي المغربي أنه فيما يتعلق بالانتقال من الملكية التنفيذية إلى الملكية البرلمانية، إن السؤال الذي ينبغي طرحه هو «هل تقدمنا أم تراجعنا؟»، ولا أظن أننا تراجعنا، ولا أعتقد بأننا نراوح مكاننا إذ من الصعب أن نكون في مجتمع وعيه مرتفع ونتحدث عن التراجع أو الجمود»، في المقابل فإن الطرح القائل بأن المغرب بصدد الانتقال الديمقراطي «يبدو بدوره غير مقنع»، وقال إن الوضع السياسي القائم يمكن وصفه بـ»المختلط (mixte) كما سمّاه المفكر المغربي عبد الله العروي».
التعليقات