&فاتح عبد السلام

&لا شيء أكثر حضوراً في حياة العراقيين من الشمس ، هذه النعمة التي يتحسر عليها الملايين في دول كثيرة في العالم ،ويعدون سطوعها في النهار حدثاً يستحق الاحتفال وتبادل التهاني . وتذهب الشمس بأشعتها الحارقة في العراق هباء منثوراً ،ولا نفعل شيئاً حين تشتد قوتها سوى البحث عن أقرب مكيف بارد ولعن مسؤولي الحكومة والكهرباء.

لم تعالج مشكلة الكهرباء في العراق أبداً برغم المليارات التي صرفت ، والسبب لا يرجع الى تقصير حكومة معينة أو وزير تنقصه الخبرة أو مدير فاشل، لكنها العوامل المجتمعة الكثيرة منذ سنوات ، تهوي بهذا البلد من سيء الى أسوأ في جميع النواحي لاسيما العلمية.

تجارب الافادة من الطاقة النظيفة المولدة من الرياح أو الشمس تنتشر بسرعة وتنخفض كلفتها بشكل مذهل ، والأجدر أن تفيد منها الدول التي لا حل لمشكلاتها في الطاقة مثل العراق ،في حين نشاهد الدول المزدهرة المنتعشة بالرفاهية تبحث عن هذه الطاقة النظيفة وتقلل الاستهلاك غير المبرر للوقود النفطي أو الغازي أو النووي ، بروح الشعور بالمسؤولية تجاه الاجيال في المستقبل ولأنها تعي الأمانة ازاء الجيل الحالي.

هنا في أرض الرافدين الذاهبين مهدورَي الماء الى حيث الضياع في مصب الخليج بفوائد لا تكاد تذكر ،لا يوجد أي تفكير في هيكلية الدولة العتبانة المنخورة بالخرافات والأكاذيب للاتجاه الى اقامة مزارع للطاقة الشمسية بمبالغ زهيدة قياساً الى ما تم سرقته علناً، لتكون الطاقة البديلة في وضع اولى الحلول نحو طريق جديد في اقتصاديات البلد المضطرب مع اضطراب اسعار النفط.

لماذا يسافر المسؤولون في قطاعات العلوم والتخطيط والصناعة والتنمية والزراعة الى الخارج اذا كانوا لا يفيدون من تجارب التقدم التي لا تكلف الخزينة عبئاً.

فكروا بشيء نظيف لمرة واحدة هي الطاقة النظيفة ،ألم تملوا من الخوض في الوساخة والسخام والدخان حرباً أو سلماً. أعلم انتم مرتاحون أيها المسؤولون لأن جرائم قتل المواطنين بالتلوث الهائل لا دليل لها عليكم وأنتم ناجون منها دائما ،لأنها بحسب عمائمكم أقدار من الله ولأنه لا توجد هيئات مستقلة نزيهة تكشف كم من العراقيين يموتون سنوياً بسبب تردي أوضاع الصحة وتلويث دجلة والفرات وتسميم مخلفات المصانع البدائية وانتشار المستنقعات الآسنة وسط الاحياء السكنية.

الطاقة النظيفة متوفرة العناصر في العراق بشكل هائل ،لكن الطاقة النظيفة تفتقد العقل النظيف واليد النظيفة.

حروب أخرى تنتظر العراق ،بعد حرب تنظيم داعش وحرب الفيدرالية وحرب الكونفيدرالية وحرب التقسيم وحرب الافلاس، تلك هي حروب متفجرة من آبار النفط التي ستنضب يوماً أو يتعذر استغلالها أو وقوعها بيد من لا يرحم شعباً ضائعاً .. طيب الأعراق.

يا أيها الشاعر السياب ياغريباً على الخليج ،هل تسمع ما يجري هنا.

الشمس أجمل في بلادي من سواها، …..ولكن.

&

&