&جينفر روبن

مازلنا نترقب أصداء المؤتمر القومي للحزب «الجمهوري» الذي انعقد الأسبوع الماضي وما إذا كانت ستؤدي إلى ارتفاع معدلات التأييد في استطلاعات الرأي، وإذا حدث هذا فهل لهذا أي دلالات على المدى الطويل على حملة دونالد ترامب. ومع الأخذ في الاعتبار عدم التشابه الكبير بين المرشحين ومدى انقسام الناخبين، فمن الممكن للغاية ألا يتغير شيء في السباق، ورغم هذا فالحكم من خلال مجموعة من المعايير لا يسع المرء إلا أن يتوصل إلى أن هذا هو أقل المؤتمرات القومية للحزب «الجمهوري» نجاحاً منذ مؤتمر عام 1992 الذي هيمن عليه «بات بوكانان»، ولذا دعنا نقيم المؤتمر بناء على عدد من المعايير.

وأول وأهم معيار هو إذا كان المرشح قد استطاع الانتقال من مرحلة مرشح إلى شخص يستطيع الناخبون أن يتخيلوا أنه مناسب كرئيس. وفي هذا الصدد، نجد أن أي شخص من غير المتعصبين لا يستطيع فيما يبدو أن يرى في «ترامب» رئيساً. وخطابه الغاضب والعاصف مساء يوم الخميس جعله أكثر شبهاً فيما يبدو بواعظ ديني في التلفزيون أو زعيم فاشي من ثلاثينيات القرن الماضي أكثر من كونه رئيساً للولايات المتحدة. ولا مصادفة في هذا كما توصلت صحيفة نيويورك تايمز في تحليل لنحو 95 ألف كلمة تفوه بها ترامب على مدار أسبوع في ديسمبر الماضي. وجاء في التحليل «هذا النوع من رفع المدخل العاطفي على المدخل العقلاني هو أسلوب خطابي وضعه المؤرخون وعلماء النفس والسياسة في إطار ميراث شخصيات سياسية استخدمت اللغة النارية في محاولة للفوز بتأييد الأميركيين القلقين أو المذعورين. وراقب عدد من المؤرخين خطب ترامب الأسبوع الماضي بناء على طلب من الصحيفة ولاحظوا تقنيات مثل إضفاء طابع الشيطنة على جماعات من الناس وإذكاء الشعور بعدم الأمن لدى جمهوره.

وكان ترامب أكثر تحفظاً من قبل، لكن في كليفلاند كان الغضب هو الشعور المهيمن عليه، فقد كان وجهه يتقطب ويلمع بالعرق ويخرج صوته هادراً في جزء كبير من الخطبة وتجلى فيه كل جزئية من صورة ديكتاتور لعصر آخر. ولولا وجهه البرتقالي في صورة عالية الوضوح لاعتقدنا أن هذا مقطع مصور قديم لقائد استغلالي من أوروبا في ثلاثينيات القرن الماضي أو حاكم من مؤيدي الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في ستينيات القرن الماضي لكن الصورة عالية الوضوح كانت لديماغوغي حديث.

إذن لم يبد ترامب رئاسياً، ولم يحسن الأمر أنه في اليوم التالي للمؤتمر عاد ليثير التكهنات بشأن دور مزعوم لوالد السيناتور «تيد كروز» في مؤامرة اغتيال الرئيس جون كيندي. وأتساءل عن شعور الذين روجوا لفكرة أن «ترامب» يستطيع أن يتدرب على مهام البيت الأبيض. ألا يبدو السيناتور «توم كوتون» أو «بول ريان» رئيس مجلس النواب أو السيناتور «تيد كروز» أفضل حالاً من ترامب، ولم يتحسن الأمر حين كشف ترامب عن عمق جهله في انتقاد حلف شمال الأطلسي، وهو أمر نأى عنه حتى نائبه «مايك بينس» حاكم ولاية إنديانا، ففي مقابلة مع شبكة بي. بي. إس. قال (ترامب سيقف بالتأكيد بجانب حلفائنا).

والمعيار التالي هو فن الظهور على المسرح، وفي هذا الصدد فشل «ترامب» فشلاً ذريعاً، فقد نشأ تضارب مخزٍ بشأن القواعد وتم تسريب خطبة المرشح وظهر طابور من السياسيين المغمورين ومن المشاهير من الطبقة الثانية، مما يدل على افتقار خطير لقدرات الاستعراض المسرحي لرجل كان يكسب رزقه من محاولة التأثير في الآخرين، ولم يوحد ترامب الحزب ولم يبذل جهداً كبيراً لتوسيع جاذبية الحزب. وألقى خطبة عاصفة استمرت ساعة عن المهاجرين غير الشرعيين الذين يأتون عبر الحدود، وهو أمر مثير للضحك لأنه يهتم بهم فقط ولا يهتم بالأشخاص الذين يمكثون في البلاد بعد انتهاء مدة تأشيراتهم.