&رضوان عقيل

&&بعيداً من ضجيج طاولة الحوار وصخبها المفتوح بعدما أصبحت المادة الاولى في يوميات اللبنانيين، ومن دون التعويل على إمكانية تحقيق مفاجآت في الملفات المعلقة على حبال الخلافات والمساحات المتباعدة حيال انتخابات رئاسة الجمهورية، يبدو ان كثيرين من السياسيين الذين يشتغلون على هذا الموضوع ادركوا ان هذا الاستحقاق لم يعد في ايديهم، وما زالت الدول الكبرى المعنية بلبنان تمسك بالمساحة الكبرى في هذا الملف المعطل وتتحكم فيه، وأن الشغور قد يمتد الى ما بعد انتهاء ولاية الرئيس باراك اوباما الذي حقق انجازات لم يستطع اسلافه انجازها، أبرزها الاتفاق النووي مع ايران وفتح صفحة جديدة مع كوبا والتأقلم مع فيدال كاسترو بعد طول عداء. ويعتقد مرجع ان التاريخ سينصف اوباما ويكتب انه كان من افضل رؤساء الجمهورية في بلاد "العم سام" مما يمهد الطريق امام مرشحة حزبه الديموقراطي هيلاري كلينتون للوصول الى البيت الابيض.&

ويشبه سياسي لبناني عتيق الاتفاق النووي باتفاق "كمب ديفيد" بين مصر واسرائيل ملاحظاً انهما لا تستطيعان الخروج منه الا بحرب، وينطبق الامر نفسه على "النووي" بين ايران من جهة واميركا والغرب من جهة اخرى بصرف النظر عن هوية من سيصل الى الرئاسة الاميركية، سواء كلينتون او المرشح الجمهوري دونالد ترامب، مؤكداً ان الايرانيين انفسهم لن يتنصلوا من هذا الاتفاق حتى لو وصل اقوى المتشددين الى مقاليد السلطة في طهران.

في غضون ذلك ثمة من يعتقد ان الهجوم على " حزب الله" سيزداد من جانب الادارة الاميركية المقبلة مع ترجيح فوز كلينتون التي ستضع العصا على طاولة مكتبها على نقيض سلوك اوباما، وان العرب المناوئين للحزب ولا سيما بلدان الخليج سيعملون على الاستفادة من هذا المنحى ويضاعفون وتيرة هجومهم على الحزب الذي يرفع امينه العام السيد حسن نصرالله حدة خطاباته ضد السعودية عندما يشاهد طيرانها يدك مناطق الحوثيين في اليمن والتضييق على الشيعة في البحرين ، لكنه في ساعات الهدوء يتخذ القرار المناسب والأسلم في موضوع لبناني شائك هو انتخابات رئاسة الجمهورية.

وقبل موعد حصول الانتخابات الاميركية يقول هذا السياسي انه لو كان في موقع نصرالله لعجل في الانتخابات الرئاسية اللبنانية قبل حلول الإنتخابات الاميركية في الثامن من تشرين الثاني المقبل لأن من مصلحة الحزب طي هذا الملف اليوم قبل الغد، والحد من الرسائل المتواصلة التي يطلقها رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي لا يتوانى عن القول ان الحزب لا يريد امرار هذا الاستحقاق ويتهمه بعدم السعي وبذل الجهود المطلوبة للسير بمرشحه العماد ميشال عون وعدم ممارسته الضغوط المطلوبة على حليفه النائب سليمان فرنجية والطلب منه التوقف عن متابعة مشوار ترشحه للرئاسة .

وفي المناسبة ثمة من يغمز هنا من قناة جعجع بالسؤال لماذا لا يتوجه الى السعودية ويحاول المساهمة في اقناع المسؤولين فيها بعون بعدما مارس هذا الدور بالمقلوب عندما شوه صورة الجنرال في الرياض محذرا من وصوله الى الرئاسة قبل اتمام تفاهمه مع الرابية، وهو التفاهم الذي سبقته تحذيرات عدة من طرف "القوات اللبنانية" وصلت الى حدود التهويل على قياداتها من ان انتخاب عون يعني فرض الطوق الايراني اكثر على لبنان.

فإلى متى سيستمر الحزب في هذا الموقف حيال الرئاسة وسماع قيادته تصريحات من مناوئيه تتهمه بعدم بذله الجهود المطلوبة لانتخاب الرئيس وتغيب نوابه عن جلسات الانتخاب؟ الملاحظ حتى الان ان ايران لم تقل كلمتها النهائية في هذا الاستحقاق وعندما فاتحها الفرنسيون بهذا الموضوع كان الرد ان الجواب عند نصرالله. ويكرر الايرانيون ان هذا الاستحقاق محلي وان المسؤولية تقع على النخب اللبنانية.

ومع الاستمرار في المراوحة الرئاسية يعتقد البعض ان الحزب سيقول ذات يوم لعون " ما هو البديل؟" في ضوء عدم القدرة على انتخابه واقتراب جلسات الانتخاب من عتبة الرقم خمسين اذا لم يتم الانتخاب قبل نهاية السنة. اصحاب هذا الرأي يعرفون جيداً موقع الجنرال وتأثيره في هذا الاستحقاق، لكنه بحسب رأيهم سيكتشف بنفسه ان لا قدرة على تحقيق الحلم الذي يراوده منذ اكثر من ربع قرن ولم يترجم الى اليوم، ولا سيما عندما رفض زيارة الرياض ولم يستمع الى الرسالة التي تلقاها انذاك وفحواها: "توجه إلينا وارجع برتبة اخرى".