يوسف البنخليل

تحدثنا كثيراً عن التدخلات الأمريكية في الشؤون الداخلية البحرينية، واستنكرناها كثيراً. ورغم سياسة اللاحسم التي تبعت سياسة الفوضى الخلاقة في الشرق الأوسط، إلا أنه من الواضح أن الولايات المتحدة لن تتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية إلى أن يتحقق هدفها الاستراتيجي وهو تغيير الأنظمة الحاكمة في دول مجلس التعاون الخليجي.

البيانات لم تتوقف يوماً منذ العام 2011 ضد حكومات دول مجلس التعاون وسياساتها، أحياناً من مسؤولين حكوميين وأحياناً أخرى من مسؤولين ناشطين في مؤسسات المجتمع المدني.

لم تتوقف واشنطن عن ذلك أبداً، رغم خداعها نفسها وخداع الرأي العام الأمريكي والرأي العام العالمي بحرصها على الأمن والاستقرار في دول الخليج والشرق الأوسط.

انتهى زمن التحالفات الخادعة، وبدأ زمن شراكات المصالح التي يبدو أن هناك مصلحة استراتيجية أمريكية في تغيير أنظمة الخليج. ولن تتوقف الإدارة الأمريكية الحالية أو المقبلة عن سياساتها المعروفة إلا إذا نقلت دول المنظومة الخليجية من دائرة الاستقرار إلى دائرة الفوضى كما فعلت سابقاً بالعراق ثم ليبيا وسوريا واليمن.

الفوضى التي نشرتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط باسم محاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية فاشلة، ولم ولن تحقق أهدافها يوماً، فالإرهاب زاد بشكل غير مسبوق، ولم يكن له مثيل في تاريخ المنطقة، حتى زاد عدد ضحايا الإرهاب والفوضى على ضحايا حقب الاستعمار الأوروبي.

أما الديمقراطية التي بشرت بها الإدارات الأمريكية المتعاقبة شعوب دول الشرق الأوسط، فلم تكن فعلاً بشارة بالديمقراطية، بل بشارة بتحويل الدول إلى دول فاشلة فعلاً، وهو ما شاهدناه في العراق ثم ليبيا واليمن.

باتت المعادلات في الشرق الأوسط مكشوفة، وهي:

مساع أمريكية لمحاربة الإرهاب + دول الشرق الأوسط = إرهاب أكثر

مساع أمريكية لنشر الديمقراطية + دول الشرق الأوسط = دول فاشلة

معادلتان تحكمان السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحتى اليوم، ولا يبدو أنهما ستتغيران قريباً، ولا يوجد نموذج يؤكد خلاف نتائج تلك المعادلتين أبداً.

إذا آمنت حكومات وشعوب دول المنطقة بالسياسة الأمريكية، فإن المصير محتوم ومعروف، لذلك لا يمكن التعويل على أفعال ومواقف واشنطن الآن. وغير ذلك يدخل في إطار المجاملات والخداع الدبلوماسي لا أكثر. وعليه لا يمكن التعامل مع الإدارة الأمريكية وسياساتها من منطق التحالف أو الشراكة.