& نذير رضا

تتجه فصائل المعارضة السورية إلى تسجيل تحفظات على اتفاق وقف إطلاق النار الأميركي والروسي المزمع البدء بتنفيذه اليوم الاثنين، على ضوء خلافات مرتبطة باستمرار النظام في قصف المدنيين، والخلافات حول ملف «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقًا)، ومدى جدية النظام في التقيد بالهدنة.&

ولم تصدر الفصائل، حتى مساء أمس، قرارًا بالموافقة على الهدنة أو رفضها. وقال مصدر عسكري بارز في «الجيش السوري الحر» إن الفصائل «اتفقت على اتخاذ قرار مشترك يصدر عنها جميعًا»، لافتًا إلى أن «ورقة مررت للفصائل بهدف التوقيع عليها للرفض أو القبول أو تسجيل التحفظات». وقال إن الفصائل المنفتحة على الولايات المتحدة الأميركية «ستسجل تحفظاتها على بعض البنود».

&

ويفترض أن يبدأ مفعول الهدنة عند مغرب اليوم، الأول من عيد الأضحى، وهي محاولة جديدة من سلسلة مبادرات حفلت بها سنوات النزاع الست الدامية سعيا لإيجاد تسوية للحرب السورية. وأوضح المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا مايكل راتني، أن هدنة أولى لمدة 48 ساعة مقررة ستبدأ الساعة 00 : 19 بتوقيت سوريا غروب الاثنين.

&

وفيما وافق النظام السوري المدعوم من موسكو على الاتفاق، ورحبت إيران، حليفة النظام بالاتفاق، تتريث المعارضة في التعبير عن موقف واضح، إذ قالت إنها لم تتسلم بعد النسخة الرسمية من الاتفاق، فيما عبر بعض قيادييها عن ترحيب مشروط بالالتزام بحرفية الاتفاق الذي ينص على وقف إطلاق نار على الجبهات المختلفة بين قوات النظام والفصائل المقاتلة وعلى وقف الضربات الجوية من النظام على مناطق المعارضة وعلى المدنيين.

&وقال القيادي في «الجيش السوري الحر» أبو أحمد العاصمي إن الموقف الرسمي للمعارضة «لم يحدد بعد»، مشيرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن فصائل كثيرة «ترفضه»، فيما ترى بعض الفصائل ضرورة بالالتزام به «لأسباب إنسانية»، واصفًا الاتفاق بأنه «الاتفاق الفخ»، معتبرًا أن المطلوب منه «زرع الفوضى والانشقاق بين الفصائل». وأضاف: «برأيي، ستصير هناك تسوية، على قاعدة التحفظ على بعض بنود الاتفاق».&

وأوضح العاصمي أن نقطة التحفظ الأساسية مرتبطة بوضع جبهة «فتح الشام»، ذلك «أننا نؤيد وقف إطلاق النار، لكننا نعارض ضرب فتح الشام» في اليوم السابع من بدء تنفيذ الاتفاق، كما جاء في نصه. وقال: «إذا بقي القرار بصيغته الحالية، خاليًا من المرونة تجاه فتح الشام، فلن تتم الموافقة عليه»، لافتًا إلى أن «جميع الفصائل ترفض استهداف فتح الشام لأنها انصاعت لضغوطات الفصائل واتخذت قرار فك الارتباط مع (القاعدة)، وذلك كان تطورًا استراتيجيًا، فلن نكافئهم بالموافقة على ضربهم، بعدما باتت الجبهة خارج الولاء (للقاعدة) ولا تتضمن أجندتها أي عمليات أو مخططات لعمليات خارج سوريا».

&

وأضاف العاصمي: «بعد فك ارتباط فتح الشام بـ(القاعدة)، بات 20 في المائة من السوريين، يشكلون حاضنة شعبية لها، وبالتالي، فإن استهدافها يعني استهداف المدنيين واستهداف أحرار الشام والجبهة الشامية ونور الدين الزنكي وغيرها كثير من الفصائل المسماة فصائل إسلامية»، معتبرًا أن ذلك «يأتي بموازاة قرب انتهاء (داعش)، ومحاولة لخلق عدو جديد»، مشيرًا إلى أن: «استهداف فتح الشام سيكون أكثر تعقيدا من استهداف (داعش)».

&وقال العاصمي: «في ظل عدم الحسم بالقرار المتصل بالقبول بالهدنة أو رفضها، هناك تواصل مع فتح الشام بغرض التفاهم على إجراء تغييرات بنيوية تجنبها القصف»، موضحًا أن ذلك يكون «ببلورة تفاهم للاندماج في عدة فصائل أو أن الفصائل تندمج كلها في إطار واحد، وبالتالي المطلوب أن تعلن فتح الشام عن قبولها بالاندماج مع الفصائل كافة، وتقبل الفصائل بذلك وترتبط معها بميثاق شرف ثوري».

&وحتى مساء أمس، كان الاتجاه العام لدى الفصائل رفض القرار بصيغته، إذ سجلت جميع الفصائل تحفظات عليه، وبينها (الجبهة الشامية) وحركة «أحرار الشام»، فيما أعربت الفصائل المحاصرة في حلب عن استعدادها للموافقة، لأغراض إنسانية، بحسب ما قال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط».&

ومن جهة حركة «أحرار الشام»، سجلت الحركة اعتراضا على عدم اطلاعها، كما سائر الفصائل، على مجريات الاتفاق أثناء أعداده. وقال القيادي في الأحرار محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط» إن المعارضة «لم تحصل على نص الاتفاق الروسي الأميركي أثناء إعداده ولم تطلع على آليته وبنوده»، مضيفًا أن التحفظات على مسودة الاتفاق «التي اطلعنا عليها من وسائل الإعلام وبعض الأطراف وأعلمنا به عن طريق التبليغ»، تتمثل في أن «التجارب السابقة كانت سابقة، كونه في إحدى الهدن في حلب، استطاع النظام كسر التحصينات والسيطرة على طريق الكاستيلو»، لافتًا إلى أن «الاتفاق يجري إعداده، في حين تواصل طائرات النظام بالقصف».

&

وتوقف الشامي عند بند استهداف فتح الشام، قائلا إن ذلك «يعني ضرب إدلب، كونه لا يمكن التفريق بين عناصر الفصائل عن عناصر الجبهة في المحافظة، وهو ما يدفع لرفض الهدنة». وقال: «إذا كان الأمر متعلقا بالجماعات الإرهابية، فنحن مستعدون للموافقة شرط أن يشمل الميليشيات التي تقاتل إلى جانب النظام»، لافتًا إلى أن «الفصائل بات لديها وعي تام بالأغراض من الهدن في المنعطفات، في حين لا شيء لدينا يضمن أن النظام سيمتثل للهدنة».

&وكان العميد ركن أحمد بري رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر قال في تصريحات إعلامية: «لا يعني لنا الاتفاق الأميركي - الروسي، ولن نلتزم به، ولا نقبل بقصف أي شخص يقاتل معنا».

&من جهته، وقال زكريا ملاحفجي من تجمع «فاستقم» في حلب إن الفصائل «ترحب بوقف إطلاق النار وترحب بدخول المساعدات ولها تحفظات على بعض النقاط... إذا النظام لم يلتزم، فما هي عقوبته؟». وقال ملاحفجي إن المعارضة «تشعر أنها غُبنت ولم يتم استشارتها أصلا في أمر الاتفاق.. قسم كبير من الاتفاق يخدم النظام ولا يضغط عليه ولا يخدم الشعب السوري».

&

ولن يشمل وقف إطلاق النار الجماعات المتشددة مثل تنظيم داعش وجبهة «فتح الشام» التي كانت تعرف من قبل باسم جبهة النصرة حتى قطعت صلاتها التنظيمية مع تنظيم «القاعدة» وغيرت اسمها.

&ويتطرق الاتفاق الذي أعلنه وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف الجمعة، في إحدى نقاطه إلى مدينة حلب التي تشهد وضعا إنسانيا مروعا وتسيطر قوات النظام على أحيائها الغربية في حين يسيطر المعارضون على أحيائها الشرقية التي يحاصرها النظام.&

وينص الاتفاق على الانسحاب من طريق الكاستيلو بما سيؤدي إلى منطقة خالية من السلاح. وكانت الفصائل المقاتلة تستخدم هذا الطريق في حلب للتموين قبل أن تسيطر عليها قوات النظام.

&

وبموجب الاتفاق، سيتم تحديد مناطق وجود «المعارضة المعتدلة» بدقة وفصلها عن مناطق «جبهة فتح الشام»، جبهة النصرة سابقا قبل أن تعلن فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة».

&ومن أبرز نقاط الاتفاق إدخال مساعدات إنسانية إلى المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، بما فيها حلب.

&وبعد مرور سبعة أيام على تطبيق وقف الأعمال القتالية وتكثيف إيصال المساعدات، تبدأ الولايات المتحدة بالتنسيق مع الروس تنفيذ ضربات جوية مشتركة ضد جبهة فتح الشام وتنظيم داعش.

&وكانت الولايات المتحدة حذرت مقاتلي المعارضة السبت من «عواقب وخيمة» إذا تعاونوا مع جبهة فتح الشام التي قاتلت إلى جانب مجموعة من الفصائل المسلحة من المعارضة الرئيسية والإسلامية في عدة معارك طاحنة في الأسابيع الأخيرة في جنوب حلب.

&&