مرسى عطا الله

كما هى العادة ــ كل 4 سنوات ــ ينشغل المحللون والمفكرون العرب بقضية البحث عن إجابة لسؤال تقليدي: أيهما أفضل: رئيس أمريكى ينتمى للحزب الديمقراطى أم رئيس ينتمى للحزب الجمهوري؟

لقد سأم الرأى العام العربى من تكرار مشاهد هذه المسرحية المملة والمكررة والممجوجة كل 4 سنوات وإن تغيرت شخوص أبطال المسرحية دون أن يتغير سطر واحد فى الحوار، حيث لا فرق بين ريجان وكارتر أو بين هيلارى كلينتون و دونالد ترامب فالجمهوريون والديمقراطيون وجهان لعملة واحدة.

وإذا كان دونالد ترامب المرشح الجمهورى يرشح نفسه كعدو صريح وكاره للعرب والمسلمين فإن البعض ينسى أن هيلارى كلينتون ليست أقل عداء وكراهية من ترامب ولكنها فقط تتجمل ظاهريا والدليل على ذلك ما ورد فى مذكراتها التى نشرت قبل عامين واعترفت فيها بتأييدها لنشر الفوضى فى العالم العربى.

فى مذكراتها تعترف كلينتون صراحة فى تقديمها لما يسمى بثورات الربيع العربى بأنها ترى فيها مثالا ناجحا لنظرية «القوة الذكية» وأنه على العالم كله أن يدرك أن أمريكا ساعدت وساندت هذه الثورات وأسهمت فيها عبر تكوين المدونين وتوظيف الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.. وكشفت كلينتون بالتفصيل عن اجتماعات عقدها المسئولون الأمريكيون مع مسئولين عن تويتر وفيس بوك وسكايب وقد شمل البرنامج 18 بلدا لتطوير وسائل الاتصالات الحديثة التى ستضمن نجاح استراتيجية القوة الذكية لتلبية الأهداف والمقاصد الاستراتيجية لأمريكا.

وأظن أنه لا فرق يذكر بين استراتيجية «القوة الغليظة» لدونالد ترامب وبين استراتيجية «القوة الذكية» لكلينتون وأى نظرة على المشهد العربى بعد 5 سنوات من الربيع المزعوم تؤكد أننا لم نر للربيع أثرا وإنما عايشنا شتاءً قارصا جلب لأمتنا الخراب والفوضى والعنف والدمار والموت.. وهو شتاء أثبت خطأ النظرية الخبيثة القائلة إن الفوضى والصراع يجلبان غدا أفضل!