رندة تقي الدين

في الوقت الذي يصل دونالد ترامب إلى الرئاسة الأميركية تُطرح أسئلة عدة، ليس فقط عن كيفية إدارته سياسة بلده في الداخل والخارج بل أيضاً عما سيحصل في السوق النفطية العالمية. وكان الرئيس المنتخب ردّد خلال حملته أنه يريد رفع جميع العوائق أمام منتجي النفط وصناعة النفط في بلده، علماً أن الولايات المتحدة أكبر سوق مستهلكة للنفط في العالم. وربما وحدها الصناعة النفطية الأميركية تضع آمالاً على تولّي ترامب الرئاسة، في حين أن قطاعات أخرى قلقة من سياسته عموماً، كون تغريداته يسودها التوتّر.

دعت أوساط الصناعة النفطية في أميركا ترامب إلى رفع القيود والقوانين الـ١٤٥ والقرارات التنفيذية التي وضعها الرئيس باراك أوباما في هذا القطاع، وطالبت الرئيس الجديد بإعادة فتح المياه الأميركية للتنقيب. كان أوباما منع بشكل دائم الحفر في مساحة مائية تمثل ٩٨ في المئة من المساحة الأميركية في القطب الشمالي. وترامب الذي يشجّع رفع القوانين المعيقة عيّن كارل إيكان مستشاراً لتسهيل القوانين البيئية أمام الصناعة الأميركية. وأهم ما جاء في توقُّعات وكالة الطاقة الأميركية ارتفاع في إنتاج الخام في ٢٠١٧ و٢٠١٨ حيث إن منتجي النفط الصخري سيستفيدون من تحسُّن الأسعار المتوقّع في السنوات القليلة القادمة وتخفيض كلفة تقنيات هذا الإنتاج. إلا أن زيادة النفط الصخري الأميركي قد تحدّ من سعر النفط الخام في السوق العالمية، كما حدث في ماضٍ قريب عندما بلغت أسعار النفط مستوى أكثر من مئة دولار للبرميل.

أما قرار دول أوبك خفض إنتاجها وإعلان الوزير السعودي خالد الفالح أن السعودية خفّضت إلى أقل من ١٠ ملايين برميل في اليوم وتلاه إعلان الوزير الكويتي عصام المرزوق عن خفض إنتاج الكويت، فقد رفع ذلك الأسعار قبل اتفاق «أوبك» وبعده ثم توقف الارتفاع. التزام دول الخليج جدّي، بحسب المتعاملين في السوق، إلا أن هنالك تساؤلات حول دول مثل المكسيك التي شهدت توتراً كبيراً نتيجة أزمتها السياسية الاقتصادية.

ستشهد السوق النفطية خفضاً خلال كانون الثاني (يناير) الجاري حوالى ٧٠٠ إلى ٨٠٠ ألف برميل في اليوم من الدول الخليجية: السعودية والكويت والإمارات وقطر. وأعلنت الجزائر نيتها الخفض ولكن لم ير المتعاملون في الأسواق بعد تغييراً في حجم التصدير الجزائري، علماً أن من المنتظر حدوث ذلك نظراً للجهود التي بذلها الوزير الجزائري نورالدين بوطرفه للتوصُّل إلى اتفاق أوبك بهذا الشأن. وليبيا التي كانت خارج اتفاق أوبك بالخفض تمكّنت من إنتاج ٧٠٠ ألف برميل في اليوم، وأعلن رئيس الشركة الليبية للنفط هدف التوصُّل إلى ٩٠٠ ألف برميل في اليوم في غضون أشهر قليلة. ونيجيريا التي كانت هي أيضاً خارج اتفاقية أوبك، زادت إنتاجها.

وللمتعاملين في الأسواق رؤية متشائمة بشكل عام حول توصُّل السوق إلى توازن وإزالة الفائض، على رغم خفض الدول الخليجية. لقد تراجع إنتاج روسيا حوالى مئة ألف برميل في اليوم، ولكن يقول المراقبون إن لا أحد يعرف ما إذا كان التراجع تمشّياً مع قرار أوبك ودول خارج أوبك أم أنه نتيجة الجليد الذي يؤثر أحياناً في إنتاج النفط الروسي. والعراق يعلن أنه خفّض إنتاجه، ولكن لم يلاحظ ذلك في الأسواق والخفض غير موجود في برنامج التصدير.

ولكن يظهر عموماً واقع إنتاج الدول في كانون الثاني (يناير) في منتصف شباط (فبراير)، لأن مراقبة الحاملات لشهر كانون الثاني لن تظهر قبل ١٠ شباط. وإذا طبّق ترامب ما قال في حملته واضعاً ضريبة ١٥ في المئة على النفط المستورد إلى الولايات المتحدة، سيكون ذلك حافزاً للإسراع في تطوير إنتاج النفط الصخري في أميركا.

تسلُّم ترامب الرئاسة قد يكون استمراراً للحد من أسعار النفط بمستوياتها الحالية، نظراً لاستمرار زيادة إنتاجه في العالم، خصوصاً في الولايات المتحدة، أكبر الأسواق استهلاكاً.