رحاب عليوة 

فتح متحف الفن الإسلامي في وسط القاهرة أبوابه صباح أمس، للمرة الأولى بعد إغلاقه ثلاث سنوات، إثر تفجير سيارة مفخخة استهدفت مبنى مديرية أمن القاهرة المواجه للمتحف صباح 24 كانون الثاني (يناير) 2014، فتعرضت 179 قطعة أثرية للتلف. وظهر المتحف بصورة أفضل مما كان عليه، مع غالبية القطع الأثرية (عدا القطع التي لا تتجاوز العشر التي تحطمت تماماً)، وبتجهيزات أمنية أفضل (أجهزة إنذار وكاميرات مراقبة)، وبترتيب جديد لمقتنياته يعتمد على تسلسل زمني، مع إدخال نظام «برايل» لدعم المكفوفين. واعتبر وزير الآثار المصري الدكتور خالد العناني أن إعادة الافتتاح «قصة لانتصار المتحف على الإرهاب الغاشم». وكانت المفاجأة أن الرئيس عبدالفتاح السيسي شارك في الافتتاح من دون سابق إعلان، علماً أن المشاركة اقتصرت على مسؤولي وزارتي الآثار والسياحة وممثلين لمنظمة «يونيسكو» التي قدمت دعماً بقيمة ١٠٠ ألف دولار لتطوير مختبرات الترميم في المتحف وإمدادها بأجهزة حديثة. يعد متحف الفن الإسلامي في القاهرة الأكبر على مستوى العالم، إذ يضم أكثر من 100 ألف قطعة فنية تؤرخ لـ 12 قرناً هجرياً بين الأموي والعباسي والأيوبي والمملوكي والعثماني، وتعود الآثار فيه إلى بقاع إسلامية عدة بداية من فنون الجزيرة العربية والشام ومصر وشمال إفريقيا، مروراً بالأطراف المترامية التي وصل إليها الإسلام في الهند والصين والأندلس.

ومثل الجانب المادي التحدي الأكبر أمام ترميم المتحف، وقدمت دولة الإمارات منحة بقيمة 50 مليون جنيه مصري، إضافة إلى معونة بقيمة مليون جنيه من الولايات المتحدة والحكومة السويسرية خُصصت لترميم واجهة المتحف، فيما قدمت مؤسسة «الأمير كلاوس» المعنية بإنقاذ التراث دعماً بتقديم خامات الترميم.

...ووزارة الآثار تدرس تعميم فتح المتاحف ليلاً

إذا فتح متحف أبوابه ليلاً، يمكنه أن يستقطب جمهوراً جديداً ممن لا تتلاءم ظروفهم مع مواعيد الزيارة الصباحية. هذا الأمر اعتمدته دول أوروبية منذ العام 2005 يوم أطلقت احتفالية «ليلة المتاحف الأوروبية» التي تهدف إلى فتح استثنائي للمتاحف ليلاً خلال الاحتفالية. ثم سار لبنان مثلاً على هذا الطريق عام 2014 وخصص موعداً سنوياً لزيارة المتاحف ليلاً. واليوم جاء دور القاهرة التي دخلت أخيراً «نادي» الدول التي لا تنام متاحفها باكراً. عرفت القاهرة تجربة فتح المتحف المصري في ميدان التحرير وسط القاهرة للمرة الأولى في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي على نطاق واسع، إذ خصصت وزارة الآثار يومي الأحد والخميس من كل أسبوع لفتح المتحف فترة مسائية من الخامسة والنصف إلى التاسعة، مع رفع قيمة التذكرة عن الفترة الصباحية لتصبح 20 جنيهاً للمصريين و170 للأجانب، كخطوة «ستعمَّم في مرحلة لاحقة على متاحف الجمهورية، لإتاحة الفرصة للمصريين والسياح الذين لا يستطيعون زيارة المتاحف نهاراً بفعل درجات الحرارة»، وفقاً لتصريح وزير الآثار المصري خالد العناني آنذاك.

وخلال حفلة الذكرى الحادية عشرة لعيد الأثريين في دار الأوبرا المصرية مساء الأحد الماضي، أكد العناني اهتمام الوزارة بتلك التجربة كسبيل لتحسين الدخل المادي للوزارة.

وقال: «نسعى الى تحسين إيرادات الوزارة عبر التعاون مع وزارتي السياحة والثقافة، وإطلاق معرض أثري يطوف دولاً أجنبية، وأخيراً تحسين الخدمات السياحية كفتح المتحف المصري في منطقة التحرير ليلاً، وفتح مقبرتي سيتي الأول ونفرتاري».

التقييم المبدئي للتجربة الوليدة في القاهرة يصب في مصلحة تعميمها. وتقول مديرة قطاع المتاحف في وزارة الآثار إلهام صلاح لـ «الحياة» إن «القطاع أعدّ إحصاء على مدار الشهرين الماضيين، لتقييم التجربة والوقوف على جدواها وإمكان تعميمها. وكانت النتيجة تحقيق فائض ربحي بعد حذف أجور العاملين واستهلاك الكهرباء، وهو ما يعني أن التجربة ناجحة حتى الآن، ويزيد بالتالي احتمالات تعميمها، خصوصاً أنها تتيح فرصة زيارة المتاحف لفئات عدة لا تتمكن من زيارتها صباحاً. وقد بلغ عدد زوار المتحف في الفترة المسائية 3726 زائراً، بإيرادات بلغت 232 ألفاً و994 جنيهاً».

وأكدت مديرة قطاع المتاحف سعي وزارة الآثار الى تقديم خدمة أكثر شمولية، وتقول: «طلبت من مدير المتحف المصري توزيع نشاطات المتحف بين الفترتين الصباحية والمسائية بدل حصرها في الأولى، إلا أن تقديم ما هو أكثر كالتعاون مع وزارة الثقافة لتقديم عروض فنية ليس متاحاً حالياً إذ يتطلب بروتوكول تعاون مع الوزارة». وتضيف: «نسعى إلى تحسين الخدمات عبر التعاقد مع جهات خدمية لإقامة استراحات للجمهور، وتأجير حدائق المتاحف لإقامة حفلات اجتماعية».