علي سعد الموسى

وبالضبط، فإن ما فعله الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، في نهاية أسبوعه الأول القصير ليس إلا استجابة سريعة ومذهلة لما كان يطالب به بن لادن والظواهري وأبوحمزة والبغدادي: قسمة العالم إلى فسطاطين، ما فعله دونالد ترمب بحظر دخول رعايا سبع دول إسلامية إلى الولايات المتحدة ليس إلا تطبيقاً لفتوى متطرف سابق بحرمة السفر إلى بلاد الكفار، وهنا تطابق اليمين الإسلامي المتطرف مع اليمين "الترمبي"، فلا أجد فرقاً ملموساً بين الفتوى وبين القرار. تقول الأرقام التي نشرها موقع صحيفة الواشنطن بوست إن بالولايات المتحدة اليوم ما يقرب من خمسين ألف طالب بالجامعات الأميركية من رعايا هذه الدول السبع، وهذا يعني أن على هؤلاء ألا يخرجوا من السجن الأميركي لأنهم، وبالقرار، لا يستطيعون العودة إليه، هذه قمة الدكتاتورية ومصادرة الحرية.


ومن المضحك في أعقاب القرار أن فضيلة الشيخ دونالد ترمب أصدر فتوى التبرير التي نفى فيها أن يكون القرار مبنياً على الديانة، جهل واضح بالجغرافيا لأننا لم نجد في القرار دولاً مثل النرويج أو منغوليا أو بيرو جبال الإنديز. ما فعله ترمب بالأمس سيجعلنا جميعاً في هذا المكان من العالم ننتظر أول تسريب صوتي للبغدادي والظواهري كي نأخذ الدليل القاطع على أن اليمين المتطرف له الأفكار نفسها مهما اختلفت الديانة أو اللون أو العرق أو الدولة، خذ من المفارقة اللافتة: ماذا سيقول دونالد ترمب لسلفه باراك أوباما لو أن ترمب نزل بضعة أمتار في خريطة الحظر فوضع كينيا على القائمة، حيث هي من كانت مسرحاً لتفجير إرهابي تاريخي للسفارة الأميركية؟ هل سيعيد أبناء عمومة أوباما وإخوانه من مطار نيويورك؟ ماذا لو سأله أحد المراسلين ببراءة: لماذا السودان الذي لم تسجل أميركا حالة إرهاب واحدة لأي من مواطنيه، ولماذا لم تكن كينيا؟ لماذا لم تكن نيجيريا حيث تلعب هناك "بوكو حرام" بخطة هجومية مرعبة؟ وهل استثنيت نيجيريا حتى لا تعاقب بهذه "البوكو" بقية نصف الشعب المسيحي؟ لماذا لم تكتب حتى الفلبين حيث جماعة أبوسياف؟ أم هل التبرير لنفس السبب؟ انتهت المساحة ولم تنته الأمثلة لدحض فتوى فضيلة الشيخ ترمب عن انتفاء التمييز بحسب الديانة، بقي أن أقول له إن نسبة غير المسلمين في الدول السبع المحظورة لا تصل إلا لـ5 % من سكان هذه الدول. هذه النسبة القليلة يا فضيلة الشيخ دونالد ترمب تحتاج منكم إلى قرار جديد للاستثناء وإلى فتوى تبرير في أعقابه.