ديبتي ماهاجان ميتال
سيجتمع صناع القرار هذا الأسبوع في ألمانيا وكذلك الباحثون والشركات والمنظمات غير الحكومية المعنية بتغير المناخ في العالم في المؤتمر السنوي الثالث والعشرين الخاص بالأطراف المعنية بتغير المناخ (cop23). حيث ستعمل هذه المجتمعات بشكل جدّي لوضع قواعد تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ وتحديد طرق جديدة للوصول إلى الهدف المنشود، وهو الحفاظ على درجة الحرارة أقل من 1.5 درجة مئوية.
في الحقيقة لم يكن الأمر أشدّ إلحاحاً مما هو عليه الآن، حيث إنه وخلال الأسبوع الماضي فقط نشر العلماء أخباراً مزعجةً تفيد أن مستويات غاز الكربون، وهو الغاز الرئيس المسؤول عن ارتفاع درجات الحرارة وتغير المناخ قد وصلت إلى مستويات قياسية جديدة. ومع تنامي الأحداث المناخية العالمية مثل الأعاصير الشديدة والموجات الحارة أصبح من السهل رؤية آثار تغير المناخ تتحقق بالفعل.ولسوء الحظ، فإن تنفيذ التعهدات المناخية التي قدمتها الدول لن تجدي في تحقيق أهداف اتفاقية باريس، بل وستؤدي إلى ارتفاع حرارة الأرض بنحو 3-4 درجات مئوية في هذا القرن، وعلى الرغم من وجود آثار مدمرة لهذا كله على كوكبنا ومجتمعنا وحياتنا البرية، إلا أننا نرى إجراءات غير مسبوقة، وزخما كبيرا بشأن تغير المناخ.
ويتمثل التحدي في سرعتنا في تنفيذ التغييرات اللازمة لتجنب الآثار السيئة للمناخ، وكذلك الاستعداد للتكيف مع الآثار الأخرى التي لا يمكن تجنبها.
وتتعاون المزيد من الحكومات والشركات والمدن والجهات غير الحكومية لمعالجة هذه القضية، وقد توصلوا إلى أن الاعتماد على الطاقة المتجددة مع زيادة كفاءة استخدام الطاقة هي بداية الحلول للحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
وحددت 48 دولة من الدول الأكثر عرضةً لآثار تغير المناخ في العالم أهدافها المتمثلة في توفير الطاقة المتجددة بنسبة 100% بحلول عام 2050. وقد بدأت بالفعل المشاريع القائمة على الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فعلى سبيل المثال قامت المغرب بتحديد هدفها وهو توليد 52% من طاقتها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، وقد تم تقييم تعهدها في منظمة الأمم المتحدة من قبل «متتبعي إجراءات المناخ» (وهي مجموعة مستقلة لتقييم أهداف المناخ الوطنية) باعتباره التعهد الوحيد الذي يتوافق على الصعيد العالمي مع حد ارتفاع الحرارة وهو 1.5 درجة مئوية.
لقد شهدت دولة الإمارات زخماً ملموساً في مجال العمل المناخي، وقد كانت أولى الدول المنتجة للنفط في منطقة مجلس التعاون الخليجي التي تصادق رسمياً على اتفاقية باريس، فمنذ اعتماد مساهمتها الوطنية عام 2015، تبنت دولة الإمارات سياسات وأهدافاً أكثر طموحاً.
وكان أول هذه الأهداف هو الاعتماد على الطاقة المتجددة بنسبة 44% وكذلك العمل على خفض الطلب على الطاقة بنسبة 40% بحلول عام 2050 هذا بالإضافة للخطة الوطنية لتغير المناخ. ونجد أن كل هذه المبادرات والأهداف تلقى دعماً قوياً من خلال استراتيجية الأمن المائي. هذا بجانب المبادرات التي تهدف إلى تنمية ذات انبعاثات كربونية منخفضة والتي تنفذها الكيانات الكبرى التي تتخذ من الدولة مقراً لها. بالإضافة إلى انضمام دولة الإمارات مؤخراً إلى شبكة قيادة المناخ، تلك التي انضم إليها أيضاً الصندوق العالمي للطبيعة من أجل تعزيز الإجراءات التي تعمل على علاج مشكلة الانبعاثات. وتشير هذه الجهود إلى أن العمل المتعلق بتغير المناخ أصبح مقياساً مهماً لنمو البلاد وتنميتها المستقبلية.
وتعتبر دولة الإمارات رائدة في مجال العمل المناخي في هذه المنطقة، وتمتلك فرصة عظيمة للتأثير على باقي الدول المنتجة للنفط للعمل على تطوير سياسات الطاقة المستدامة، وتغير المناخ وكذلك زيادة دور القطاع الخاص في هذه المبادرات.
وتبدي الشركات رغبة أكبر في اقتحام هذا المجال، وقد بدأ العديدون داخل الدولة في قياس انبعاثاتهم من ثاني أكسيد الكربون وإعداد تقارير خاصة بها والعمل جدياً على تقليلها.
هناك دور مهم لجميع القطاعات في الدولة يجب القيام به. ولهذا فإن مشاريعنا الخاصة بالمناخ والطاقة في جمعية الإمارات للحياة الفطرية تلعب دوراً حيوياً في تشجيع العمل المناخي، كما أننا أيضاً ملتزمون بمواصلة العمل مع الشركاء المعنيين لاستمرار العمل في دولة الإمارات والمنطقة. إن خيار الفشل ليس مطروحاً، فلا يوجد كوكب بديل!
*رئيس فريق التغير المناخي والطاقة بجمعية الإمارات للحياة الفطرية
التعليقات