فاتح عبد السلام

حجم الدمار في الموصل يستدعي أن يشعر به كل العراقيين، ومن الواجب الوطني أن يجري تنظيم رحلات للمواطنين في بغداد وجنوب العراق الى الموصل ليروا الجانب المدمر تماماً منها ، وكذلك الجانب الأيسر الذي يتكدس من بقي من أهالي الموصل فيه .

ليس القصد من تنظيم هذه الزيارات، فيما لو تمّت، جلب معونات للمتضررين والمحطمين، لكنها صلة بين أبناء الوطن الواحد ، ليعرفوا ماذا حلّ بجزء من البلاد التي يتمسكون بعلم واحد لها وأراض موحدة ، ومن باب أولى أن تكون المشاعر موحدة وكذلك الذاكرة . أعرف أنّ عدداً كبيراً من أبناء الجنوب الأبطال قاتلوا الارهاب في الموصل ودفعوا دماً زكياً ، ولعلي أرى هذا سبباً إضافياً لتنظيم تلك الزيارات الطلابية أو الشبابية أو النسوية أو العمالية أو العشائرية أو الجامعية .حتى مراكز الدراسات العسكرية لها حصة في الزيارات ، لعلهم يحللون لماذا لم يتم استخدام العلم العسكري في التحرير بمستوى واحد بين أجزاء المدينة.

مَن يظن أنه يقود البلاد نحو أية خطوة ايجابية في بناء أو تنمية أو تطور اقتصادي وصناعي وزراعي وأمني، بالرغم من انها افتراضات وأمنيات لامكان لها في الواقع ، يكون واهماً لا محالة ، في حال لم يلتحق الجزء المحطم من العراق بآليات كل صنوف البناء والتنمية كسائر الأجزاء الأخرى .

الوحدة في العراق ، لاتقاس فقط بنصوص دستورية وعلم واحد ومجلس نيابي، وانما هي شعور بالانتماء من خلال العدالة التامة في توفير فرص خدمة العراق للجميع ، من دون تحديد نسب المشاركة ذات الصيغة التحاصصية اللعينة التي قسمت البلاد فعلياً الى أجزاء وعناوين ثانوية وقلاع وأوكار ومقاطعات بالمعنى السياسي والعقائدي قبل الجغرافي

حصلت مواجهة مع الارهاب وجرى هزمه ، لكن المواجهة مع الذات لم تحصل في العراق بعد. العراق لم يزل ليس لكل العراقيين في فرص المسؤوليات في المسائل السيادية ومنها الجيش والأمن. والعراق لايزال باباً مشرعاً للتدخلات الخارجية المذيلة بجملة ( بطلب من الحكومة العراقية).

ثمّة كمية كبيرة من الضحك على الذقون في السوق السياسي العراقي، لكنها بعد السنوات الطوال العجاف، غدت بضاعة كاسدة وتجارة بائرة.