محمد البشاري

ظهور الشبكة العنكبوتية غيَّر شكل الحياة في العالم، إذ أصبح الاعتماد على وسائل تقنية المعلومات في ازدياد يوماً بعد آخر في المؤسسات المختلفة الاقتصادية والعسكرية والأمنية والتعليمية والعلمية والمرافق العامة وغيرها.

والوسائل الإلكترونية الحديثة سلاح ذو حدين، فرغم فوائدها فلها استخدامات سيئة، ومنها ظاهرة الإرهاب الإلكتروني التي أصبحت تشكِّل تهديداً عاماً، ففي العقد الماضي الذي يُؤرّخ لفجر الثورة الرقمية، انتبه العالم إلى قضية الإرهاب الإلكتروني الذي أصبح هاجساً يخيف العالم من خلال هجمات الإرهابيين عبر التكنولوجيا الحديثة، وبث أفكار مسمومة، لتغدو الشبكة العنكبوتية منبراً لبعض الجماعات والأفراد لنشر رسائل الكراهية والعنف وترويج الأفكار والمعلومات والتجنيد والحشد والأعمال التخريبية التي لا تتوقف.

وظاهرة الإرهاب الإلكتروني من القضايا الجدلية على المستوى الدولي، خاصة في ظل عدم وجود تعريف محدّد أو متفق عليه بسبب تنوع أشكاله ومظاهره.

ويمكننا في هذه السطور أن نحدّد الإرهاب الإلكتروني في الخطر الناجم عن استخدام التقنيات الرقمية؛ لإخافة الآخرين وإخضاعهم وتهديدهم أو القيام بمهاجمة نظم المعلومات على خلفية دوافع سياسية أو عرقية أو دينية.

ومن المتوقع أن تكون منشآت الدول الكبرى التي تعتمد بشكل قاطع على المعلومات الرقمية، الهدف الأول لأية هجمة إرهابية، كما حصل سابقاً في برجي التجارة العالميين في الولايات المتحدة الأميركية، فالإرهاب الإلكتروني متعدد الحدود وعابر للقارات وغير خاضع لنطاق إقليمي محدّد.

والهجمات الرقمية قد تكون هجمات مباشرة من خلال التدمير الفيزيائي لأجهزة الخصم أو نقاط الاتصال المهمة ضمن شبكاته، وذلك باستخدام القوة العسكرية المباشرة، وهناك سرقة المعلومات من أجهزة الخصم، وتخريب قواعد بياناته والتلاعب بها لجعله يخطئ في اتخاذ القرارات، مما يقلل قدرته على الاتصال وعلى اتخاذ القرار.

وتكون الهجمات على أهداف عسكرية أو اقتصادية خاصة؛ لأنها تتأثر بشكل كبير بالانطباعات السائدة والتوقعات والتشكيك في صحة المعلومات، وتخريبها قد يؤدي إلى نتائج مدمّرة من خلال برامج معينة، تمكّن من تحويل الأموال من الحساب المصرفي للمستخدمين وسرقتها من الأرصدة واستغلال المعلومات الاقتصادية لإخضاع إرادة الشعوب.

وقد تكون الهجمات على شبكات المعلومات الطبية، مما يؤدي إلى خسارة في أرواح المرضى من المدنيين، فإرسال رسالة واحدة بالبريد الإلكتروني مفادها وجود دماء ملوثة أو فيروس ما في مستشفيات وما إلى ذلك، ستكون لها آثار مدمرة على الصعيد الاجتماعي.

إن خطر الإرهاب الإلكتروني يكمن في سهولة استخدامه، وقابليته للاختراق مع شدة أثره وضرره، وسهولة دخول المستخدم الذي قد يقوم بعمل إرهابي وهو في المنزل أو المقهى أو الفندق.. وتقديم نفسه بهوية وهمية واستغلال الثغرات الموجودة فيه للتسلل إلى البنى المعلوماتية وممارسة العمليات التخريبية والإرهابية.

واليوم، لا يمكن لأي دولة العيش بمعزل عن التكنولوجيا؛ لأنها أصبحت أهم وسائل التواصل العالمي التي تربط بين أجزاء العالم عبر تقنيات المعلومات والاتصالات والتطبيقات.. حتى بات موضوع الحفاظ على خصوصية كل شخص من المستحيلات، لذلك من الضروري إيجاد صيغ تعاون بين الدول للحد من ظاهرة الإرهاب الإلكتروني تتمثل في نشر الوعي وحجب المواقع المشبوهة وتعزيز التعاون الدولي لمكافحته ووضع حد لجرائمه.