خالد أحمد الطراح

اعترفت الحكومة على لسان نائب رئيس الوزراء وزير المالية أنس الصالح أمام اللجنة المالية البرلمانية بأن «وثيقة الإصلاح لم تبن على دراسات صحيحة وأرقام حقيقية» نقلاً عن النائبين صالح عاشور ورياض العدساني (السياسة 7 – 2 – 2017).

الوثيقة طرحتها الحكومة رسمياً في مارس 2016، وسبقت ذلك اجتماعات مع اللجنة المالية في المجلس المنحل، صاحبتها تعهدات رسمية بالرجوع إلى المجلس قبل اتخاذ أي قرار، وهو ما أكده الأخ الفاضل مرزوق الغانم رئيس المجلس، حين فاجأت الحكومة المجلس والشعب في منتصف صيف 2016 بقرار رفع سعر الوقود، بينما نفت الحكومة على لسان «مصادر» تعهداتها!
خبر جريدة السياسة تناول رأي خبراء البنك الدولي الذين حضروا الاجتماع بمعية الوزير ومحافظ البنك المركزي دفاعاً عن ضرورة الإصلاحات الاقتصادية والتحديات التي تواجهها الكويت، بينما «تجاهل الخبراء»، وفقاً لما نُشر، التعليق على اعتراف وزير المالية بأن الوثيقة «غير حقيقية»!
لا نختلف مع البنك الدولي أو وزارة المالية في أن هناك تحديات اقتصادية تقتضي تصحيح مسار الاختلالات الاقتصادية، ولكن كيف يمكن التصحيح إذا كانت وثيقة الوزارة «غير حقيقية»؟!
اعتراف وزير المالية يثير الشكوك في وجود «تحديات اقتصادية»، وأيضاً حفيظة الرأي العام، خصوصاً أن الوزارة وضعت استبياناً على موقعها الإلكتروني تحت شعار «معا على طريق الإصلاح»، إضافة إلى رفع شعار «نعمل أن نكون منظومة حكومية.. أكثر احترافية»!
أين الاحتراف؟! وهل ستجري محاسبة من صاغ ووضع بيانات الوثيقة؟ أشك في ذلك!
الوثيقة التي صوّرها الوزير بأنها المخرج الوحيد الأوحد في معالجة اختلالات اقتصادية هي في الواقع وثيقة اعتمدت على «أرقام ودراسات غير حقيقية»، مما يعني أن قرار رفع سعر الوقود وما تبعه من اقتراح حكومي بخصوص الدعم لـ75 ليتراً لبعض أنواع الوقود للمواطنين قراران خاطئان بُنيا على وثيقة غير سليمة المضمون!
الوثيقة تعرضت إلى نقد مهني، فهي خاوية المضمون بسبب عدم ترابط محاورها، مما يجعلنا نشك أيضاً في مصداقية الرؤية الإصلاحية، وهذا سينسحب على رؤية التنمية لسنة 2035 «وكويت جديدة»، فالعلاقة وثيقة بين السياسات المالية والنقدية والاقتصادية!
اجتماع اللجنة المالية المذكور واعتراف وزير المالية بعدم صحة ما تضمنته الوثيقة أمام الأخوة النواب ينبغي أن يحظى باهتمام ومساءلة سياسية جادية لوزير المالية، فالوثيقة والتصريحات ذات العلاقة هي في الواقع استخفاف بالعقول!
اجتماع اللجنة المالية مر من دون أن يأخذ حقه في النقاش العلني داخل مجلس الأمة، وأي تراخٍ في هذا الجانب يؤكد رضا المجلس على تحول الساحة الاقتصادية إلى حقل تجارب وتصدير وهمٍ إصلاحي، إضافة إلى وهمٍ تنمويٍ إلى الشعب الكويتي بوثيقة «غير حقيقية»، الأمر الذي يستدعي وقفة سياسية ومساءلة من مجلس الأمة!
وثيقة غير حقيقية لا بد أن تؤثر في نتائج الاستبيان الشعبي، خصوصاً أن الاستبيان منذ البداية محل ريبة ولا يتسم بالمهنية والاحتراف الإعلامي والاقتصادي! فكيف نتقبل شعار «معاً على طريق الإصلاح»؟! بينما الواقع هو «معاً على طريق تهميش الشعب وممثليه»!
ممثل البنك الدولي لدى الكويت خرج في 2016 بتصريح صحافي مؤيداً للوثيقة، ولكن لم نسمع رأيه اليوم في الوثيقة وهي «غير حقيقية» أساساً!