راجح الخوري

نزل كلام رجب طيب اردوغان على قلوب الأوروبيّين مثل الرصاص، كان التوقيت سيئاً جداً، وكان أسلوب التعبير أكثر سوءاً، لكن الصورة السوداء التصقت بالرئيس التركي، الذي بلغ التوتر عنده درجة تعكس تصرفات "الديكتاتور"، كما يصفه الآن جيرانه الأوروبيون.

كانت بريطانيا في حال من الذهول والصدمة بعد الهجوم الارهابي عندما اقتحم رجل يدعى خالد مسعود، المشاة على جسر وستمنستر المحاذي للبرلمان البريطاني، وكانت بروكسيل في الوقت عينه تستعيد الذكرى السنوية الاولى للهجمات الدموية التي شهدتها، وترتعد غضباً بعد محاولة الدهس الفاشلة التي جرت في انتويرب، حيث حاول أحد الارهابيين صدم المشاة بسيارته، وكانت فرنسا تتذكر طبعاً عملية الدهس الوحشية التي شهدتها مدينة نيس في تموز من العام الماضي، عندما قاد ارهابي سيارته واقتحم المشاة موقعاً ٨٤ قتيلاً!
وسط هذه الأجواء وصل تهديد أردوغان الغريب الى الأوروبيين، ليعيد إثارة كل ما سبق للروس وغيرهم أن قالوه عن علاقته مع "داعش" وتشجيع الارهابيين على عبور حدود تركيا الى سوريا والعراق، ذلك أنه قال: "إذا استمرت تصرفاتكم لن يستطيع أي مواطن غربي السير بأمان في الشارع في أي مكان من العالم"!
طبعاً يستشيط اردوغان غضباً لأن بعض الدول الأوروبية منع مهرجانات للجالية التركية، هدفها تأييده في الإستفتاء الذي سيجري في ١٦ نيسان المقبل لجعل حكمه رئاسياً مطلقاً، وطبعاً يهدف اردوغان من التصعيد غير المتزن والمنضبط حيال الدول الأوروبية، الى إثارة العصبوية لدى الأتراك للتصويت لمصلحته، لكن القصف السابق الذي وجهه الى جيرانه في أوروبا، يضعه في موقع دفع مثلاً الرئيس الالماني فرانك - فالتر شتاينماير الى القول "ان اردوغان يشكّل خطراً على تركيا، وإن تصرفاته تهدد بتقويض الإنجازات التي حققها لبلاده"!
ماذا يعني قول اردوغان للأوروبيين "لن تكونوا آمنين في الشوارع"، هل سيرسل الإرهابيين لدهسهم على ما جرى ويجري، وإن لم تكن له علاقة بهذه الجرائم، وهل كثير اذا كان هذا السؤال هو الذي يبرز الآن عندما يتذكر الأوروبيون وغيرهم في العالم، أنه هدد بإغراق أوروبا بالمهاجرين بسبب وقف المفاوضات لدخول تركيا الإتحاد الأوروبي، عندما قال "إسمعوني جيداً، إذا تماديتم سأفتح هذه الحدود لتغمركم موجات من اللاجئين" بينما كانت أوروبا ترتعد من "الدواعش" المدسوسين في صفوف اللاجئين؟
عندما يقول اردوغان نحن أسياد أوروبا، ويحض الأتراك في أوروبا على إنجاب خمسة أولاد "لأنكم مستقبل أوروبا"، هل كثير اذا سمّوه الديكتاتور وتذكروا إتهامات موسكو له بأنه ساهم في إيجاد "داعش" وتعاون معه نفطياً وعسكرياً؟