خالد مرغلاني
في ظل متغيرات، تكاد أن تكون متلاطمة تعصف بالعالم، والمنطقة العربية، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.. تنطلق الإرادة السعودية، بالتمدد الآسيوي، والغربي في آن.. بإدراك وفهم عميقين، للمصالح الوطنية، وبالضرورة الحتمية لتعزيز آفاق التعاون الدولي في إطار من توافق التوجهات والمصالح المشتركة مع دول أضحت أرقاماً مهمة في حسابات السياسة والاقتصاد والتوازنات الدولية.
إن جولة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الآسيوية، وثقت علاقات المملكة، مع الاقتصادات الأسرع نموا في العالم، وهي الاقتصادات المرشحة لاستثمار فرص مشتركة في قطاع الطاقة، وقد اعتبرت خطوة واسعة لتدشين مستقبل اقتصادي وسياسي واحد بين المملكة والدول الآسيوية، حيث إن الجولة شهدت توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية ستتركز في قطاعي النفط والغاز، وذلك في مؤشر على الأهمية التي توليها المملكة لتقوية العلاقات الاقتصادية مع آسيا، الأمر الذي يعكس حجم التحديات الكبيرة التي تواجه المصير السياسي والاقتصادي المشترك.
ولا شك أن خطط السعودية في بيع حصة من عملاق النفط شركة أرامكو تبلغ 5% في 2018 في طرح عام أولي، من المتوقع أن يكون الأكبر في العالم، فإنه من المتوقع أن تضطلع البنوك والشركات الآسيوية بأدوار في خطط المملكة لتطوير قطاعها غير النفطي وزيادة استثماراتها العالمية وجميعها جزء من محاولات السعودية عملاق تصدير الخام لتقليص اعتمادها على إيرادات النفط. وذلك امتداداً لرؤية المملكة الواعدة 2030 ولهذا فان رحلة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد والذي يتبنى مسؤولية تعظيم الاقتصاد السعودي، إلى الولايات المتحدة الأمريكية ولقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الجانب الآخر من التمدد السعودي ناحية الغرب وتحديداً أمريكا، الذي أعتقد أنها تشهد إعادة بناء العلاقات بين البلدين وفق متغيرات اقتصادية «نفطية» أمريكية ودولية، وفي ظل تحديات سياسية سعودية وأمريكية في المنطقة، وإذا كان التشييد يقوم على أسس علاقات متينة وقديمة بين البلدين فإن البناء الجديد يبلور توجهات جديدة على المستوى التجاري والاقتصادي وكذلك الأمني.
ولذلك فإن التزامن بين الرحلة الآسيوية والأمريكية ذات ارتباط وثيق بالرؤية السعودية 2030 والتي أهم محاور إستراتيجيتها تقليص اعتماد المملكة على النفط، في إطار سياسات تنويع مصادر الدخل، ولهذا فإن ملف تنويع الاستثمارات السعودية في مجال التكنولوجيا يحتل الآن أولوية في سياسة المملكة المرحلية والمستقبلية.
إن مستقبل المملكة، لا ينفصل عن مستقبل المنطقة والعالم.. ليس لأن المملكة محور حيوي ومهم في الاقتصاد الدولي فقط، ولكن لأنها أيضا تتحمل مسؤولياتها، تجاه شعبها أولا وتجاه المنطقة ثانياً.. وأن هذا التمدد الذكي واحد من روافد سياسة داخلية تشهدها المملكة تعمل على تطوير الذات السعودية تعليمياً وعلمياً وثقافياً، وفق منظومة مدروسة ومحسوبة لإعادة صياغة مستقبل هذه الأمة ومكانتها في المنطقة والعالم.
التعليقات