عائض محمد آل ربيع

 تمتلك إيران آلة إعلامية ضخمة ومتنوعة تشمل محطات التلفزيون والراديو والصحف ووكالات الأنباء.. وتحرص على أن تكون بعضها مترجمة من الفارسية إلى اللغات الأخرى، لكن الملاحظ أن إيران تركز بشكل أساسي على اللغة العربية، وتعد الصفحة العربية من الصفحات النشطة في المواقع الإلكترونية الإيرانية؛ إذ يتم تحديث أخبارها بشكل مستمر.. فما هي ملامح الإعلام الإيراني الموجَّه للعرب خاصة؟

من المواقع الإخبارية المهمة في إيران التي تملك صفحة باللغة العربية، إلى جانب اللغة الفارسية واللغات الأخرى، وكالة (ايرنا)، وهي الوكالة الرسمية، وكذلك (وكالة تسنيم) التابعة للحرس الثوري، و(وكالة فارس) التابعة للحكومة التي تقول الحكومة إنها مستقلة، وكذلك وكالة (مهر) و(وكالة ايسنا) التابعة للطلبة الإيرانيين، وصحف أخرى كصحيفة (الوفاق) التي تنشر بالعربية فقط، وتصدر من طهران، وصحيفة (كيهان) التابعة للمرشد علي خامنئي وقنوات إخبارية كقناة الكوثر وغيرها من القنوات الطائفية الأخرى.

والمتتبع للوكالات المذكورة وغيرها يلاحظ أنها تركز في نشر الأخبار على اللغة العربية؛ فيجد أن نقل الخبر من اللغة الفارسية إلى العربية يتم من خلال انتقاء العنوان الموجَّه للعرب غير الموجَّه للفرس، بالرغم من أنه الخبر نفسه، أي عرض الخبر في الصفحة العربية بشكل مختلف عن عرضه في الصفحة الفارسية. ولنأخذ على سبيل المثال صحيفة (كيهان)؛ فقد نشرت في صفحتها العربية الخبر الآتي:

الرئيس روحاني: أمريكا ركعت بفضل صمود شعبنا الذي لن يستسلم للضغوط والتهديد

وفي الصفحة الفارسية تكتب الخبر نفسه كالآتي:

روحاني في حشد كبير من أهل كردستان: إيران الإسلامية تحافظ على أربيل.

وعند البحث لا نجد لهذا الخبر وجودًا البتة في الصفحة التي باللغة الإنجليزية!

وهذا الأسلوب يلاحَظ بشكل متكرر في صفحة هذه الصحيفة باللغة الإنجليزية؛ فالكلام الجارح لا يتم نشره، وإذا تم نشره فيكون بعبارات أقل حدة وألطف عما هو عليه في اللغة العربية.

من الملامح الأخرى نشر أخبار معينة للعرب فقط رغم أنه شأن إيراني محض، لا يخص العرب. ومن النماذج على ذلك أن موقع وكالة تسنيم الإيرانية نشرت خبرًا باللغة العربية فقط، ولم يتم نشره على صفحة هذه الوكالة باللغتين الفارسية والإنجليزية، وجاء كالآتي:

عراقجي: وزراء الخارجية الأوروبيون وقفوا في طوابير الانتظار.. لكننا نحن من نختار.

وقد تعلمت إيران الحذر من ترجمة المحتوى بعد الواقعة الشهيرة حينما تعمد المترجم تحريف كلام الرئيس المصري المعزول (محمد مرسي) في قمة دول عدم الانحياز في العاصمة الإيرانية طهران في أغسطس 2012، عندما استبدلت الشعبين الفلسطيني والسوري بالفلسطيني والبحريني.

ومن ملامح الخطاب الإعلامي الإيراني محاولة تسليط الضوء على أماكن التوتر التي كان لها دور في إثارتها، كاليمن وسوريا والعراق والبحرين، لكن من خلال الاستعانة بمصادر عربية تابعة لها كبعض الصحف اللبنانية كصحيفة السفير اللبنانية، وغيرها.

يتضح مما سبق أن تركيز إيران على نشر صفحات باللغة العربية في ظل عدم وجود صفحات باللغات الأخرى له دلالته؛ فبالرغم من أن لإيران حدودًا مع دول أخرى، مثل أرمينيا، وباكستان، وأذربيجان، وتركيا، وتتحدث كل منها لغة مختلفة، إضافة إلى كل من روسيا وكازاخستان اللتين لهما معها حدود بحرية مشتركة، ومع هذا لا نجد اهتمامًا بهذه اللغات، والتركيز على العربية دون اللغات الأخرى يؤكد أن هذه الأخبار موجَّهة للشعوب العربية فقط، والهدف منه نشر الدعاية الإيرانية، وجزء من أهدافها في تصدير ثورتها للمغرَّر بهم في الدول العربية، واستغلال سذاجة البعض منهم.