فاتح عبد السلام
الوضع لايمكن أن يظل سائباً في العراق الذي لايزال ضائعاً في طرقات الهويات المتعددة المعلومة والمجهولة . بعد الفشل الواضح في فصل الدين عن السياسة، واتخاذ اشكالاً متنوعة من الاساليب المدرة للعواطف تارة أو المهددة للأرواح تارة أخرى في تحقيق برامج التعبئة السياسية والعسكرية وما يسمى الوطنية تحت قياسات مختلف العمائم ، من دون الالتفات الى خطورة ذلك في التأثير على بناء جيل يعنى بالحياة المدنية، ومن دون مراعاة قياة خطوط مضادة تتوسل عمائم أخرى في مواجهات ضاع شباب العراق وثرواته بسببها .
هذا مفتاح العُقد في العراق ،لمَن يريد ايجاد حل حقيقي . أما اذا كانت الدعوات تقوم لسد فراغات وتوافقات هشة مبطنة بالحقد والمكيدة والتصفيات، ولتمشية ما تبقى من الخراب الى مزيد منه، فإن الحال عبثي عَدمي لاجدوى منه .
بعد الفشل في قيام الدولة المدنية ذات العلم الواحد في كل الاستخدامات مهما كانت ولأي غرض ، نقف عن المعايير الثلاثة التي يجب ان تكون في تقييم أي شخص كان له موقع قيادي في حكم هذا العراق المهتوك. والمعيار الاول الكفاءة ، وهي مفردة ديس عليها بالولاءات الحزبية والطائفية ولم يكن لها مكان في سياق الدولة العراقية لا أقول مطلقاً كما كان قبل سبع سنوات أو اكثر ولكن بنسبة سبعين او ثمانين في المائة . وصار الموقع الوزاري كرسياً ملتصقا بمقعد الوزير الخلفي يحمله من مكان وزاري الى آخر، مستخفين بعقول الناس ،المشتركين أيضاً بغفلتهم في تكريس هذا الوضع التعيس ، فنراه وزيراً لأمور أمنية ثم يصبح لأمور خدمية أو مالية وآخر من الدبلوماسية للمالية وثالث من أقصى الاختصاصات الى أقصاها في لمح البصر،لا أحد يعرف معنى الكفاءة ، ولا يوجد معايير قياس لها ، كل شيء مرتبط بالصدف – السعيدة- لمجموعة سياسية هنا وهناك . وحين النزول الى الدرجات الوظيفية القيادية الأقل مستوى نرى العجب. وكتب معلق على فيسبوك يقول ان هذا الحال يشبه قيام داعش بتعيين مسؤول المولدات في حي سكني وزيراً للكهرباء وآخر يمتلك بلماً مزروفاً ،وزيراً للثروة المائية والسمكية .
المعيار العالمي الثاني ، هو النزاهة ، ولا حاجة لي أو لكم ان يتحدث أحد عن مستويات الفساد في الاجهزة السياسية والحكومية ومدى أعماقها.
والمعيار الثالث حب الناس والتفافهم حول الشخص ، وهذا تقال فيه المجلدات ، حيث كان معظم القادمين لحكم العراق نكرات أمام الشعب لا تعرف لهم فضيلة في خدمة العراق سنوات الحصار مثلاً ، حيث عاملوا الشعب المحاصر المظلوم كمعاملة النظام السابق الذي يحكمه من دون تمييز ، واذا راجعنا الموروث من (منجزات) المعارضة ابان الحكم السابق في التسعينات مثلاً ، نجد بسهولة حصيلة من مكاسب لاتمتُ بصلة للوطن كمفهوم وبشرية وانتماء . بل انّ تلك الاحزاب لم تقف مع عراقي واحد رام الخروج من حصار العراق ووصل الى الخارج ،إلا اذا كان من الاتباع الحزبيين والطائفيين .
وحين أصبحوا في الحكم ، قال الناس ، ليأخذوا فرصتهم في اثبات حسن نياتهم لخدمة الشعب ، وكانت النتيجة الكارثية التي يعيشها العراقيون كل ساعة .
مرحلة ما بعد داعش ستكون كمرحلة ما قبل داعش التي تسببت في ظهور داعش ،إذا جرى تكرار النقاط الواردة في ماسبق ، وهي ليست من عند كاتبها ، وانما هي لسان حال الناس ، والكاتب ناقلها فحسب .
التعليقات