خالد الطراح
10 مايو 2017 من الأيام التي وثّقها التاريخ والإعلام وذاكرة المواطن، فهو يوم استجواب ماراثوني حشدت فيه الحكومة قوتها لتجمع استجوابين لرئيس الوزراء ووزير الإسكان في يوم واحد بدآ في حوالي العاشرة صباحاً وانتهيا فجر اليوم الثاني!
تم خلال الجلسة السرية للاستجواب، وفقاً لما تردد إعلامياً، أن تقنية تكنولوجية وليست سياسية تم استحداثها في جمع الردود للوزراء والمسؤولين المعنيين وعرضها ضمن تسجيل مرئي وصوتي لبعض المحاور التي وردت في استجواب الأخ العزيز الشيخ جابر المبارك، سمو رئيس الوزراء.
طبعاً، وكما هو معروف، ليس هناك سر في الكويت، خصوصاً حين تحاط السرية بقضايا هي أساساً من حق الشعب الاطلاع عليها وبتفاصيلها، فليست هناك معلومات ينبغي إخفاؤها عن الشعب، حيث إن معظم تفاصيل جلسة الاستجواب انتشرت وتم تداولها بما في ذلك صورة ضوئية لكتاب عدم التعاون موقع من ستة نواب، لكن تقديراً لظروف «السرية» سنتجاوز هذه الجزئية مع توضيح بسيط لوزير العدل وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة بأن صفقة طائرات «يورو فايتر» وتفاصيلها نشرتها الصحافة الإيطالية!
بعد انتهاء الاستجواب وعدم توافر العدد الكافي من النواب للتوقيع على عدم التعاون، تبين أن ثمة اتفاقاً أو صفقة حكومية مع بعض النواب تباينت الآراء حولها، لكن تصريحات بعض النواب كانت كافية للاستنتاج والتحليل بخصوص الصفقة الحكومية!
ولعل ما يؤكد وجود الصفقة هو التصريح الصحافي لوزير العدل الدكتور فهد العزب، الذي عبّر عن شكره للنواب الذين وقفوا مع الحكومة، لكنه لم يكن تصريحاً موفقاً في الاكتفاء بالشكر، فقد قال الوزير: «نقول للنواب، الذين وقفوا مع الحكومة، إننا سنرد التحية بيننا وبينكم»!
مغردون وكتاب من داخل الكويت وخارجها ركزوا باهتمام على تعبير الوزير برد التحية وتفوقت التعليقات السلبية والساخرة على أي ردود أخرى، فالتعبير عن الشكر حمل تساؤلات مشروعة تطرح نفسها في الساحة المحلية: هل هذه التحية ضمن النطاق الدستوري والقانوني؟
والسؤال الأهم هو: ما مصير العلاقة مع النواب الذين لم يكونوا من بين من وقفوا مع الحكومة؟ هل يعني ذلك إعادة تصنيف النواب حسب موقفهم من استجواب رئيس الوزراء؟
أما السؤال الثاني، وهو لا يقل أهمية عما سبق، فما الوسيلة الحكومية التي ستلجأ إليها الإدارة الحكومية في ترسيخ التعاون مع من وقف معها من نواب؟
هل المقصود في التعاون ترسيخ الدور الرقابي والتشريعي؟ أشك في ذلك!
تعزيز التعاون ينبغي أن يكون مع كل أعضاء البرلمان وليس محصوراً على عدد محدود من أعضائه، وهو أمر غير قابل للتجزئة أو المحاصصة أو المقايضة لا سمح الله!
واضح أن الأيام المقبلة من الوقت المتبقي من مجلس الأمة وكذلك العطلة البرلمانية، ستكون حبلى بمفاجآت «التحية الحكومية»، في حال إذا كان التعاون الحكومي خارج القانون والقفز عليه مقابل تلبية مطالب نيابية معينة، فلن تكون سراً بالتأكيد، وربما تقود إلى سلسلة من الاستجوابات البرلمانية كتحية نيابية من نواب لم يكن لهم نصيب من تحية الحكومة!
أما إذا كانت التحية الحكومية غير مرضية لمن وقف معها، فهذا سيكون له ثمن أيضاً والأيام المقبلة ستبرهن على ذلك!
التعليقات