جميل الذيابي

عادت للظهور مجدداً أزلام «الفزاعة» والوجوه المحروقة؛ إذ استفزعت قناة «الميادين» الإيرانية بالمحلل «الخنفشاري» أنيس النقاش، ليعلق على راهن دول الخليج، خصوصاً في أعقاب تصريحات أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الأسبوع الماضي، التي انحاز فيها إلى إيران. وكشف فيها للمرة الأولى أن بلاده محتفظة بالقاعدة الأمريكية في العديد لكي تحميها من «دول مجاورة»! وطبعا كان لابد لأنيس النقاش المشهور بتسويق الأكاذيب وبث الأحقاد تجاه دول الخليج أن يشتم السعودية كعادته، فهو من الحاقدين عليها، لأنها لا تحترم أمثاله من «البواليع» المستأجرة. ومن يعرف خلفيته يدرك لماذا؟

يفاخر النقاش، وهو من الجنوب اللبناني، بأنه هو من اقترح على النظام الإيراني إنشاء «الحرس الثوري»، الذي غدا الأداة الرئيسية للإرهاب الإيراني في أرجاء العالم. وهو منفذ عملية اختطاف وزراء نفط أوبك في فيينا، عام 1975، التي يقول إنه اختار لها الفنزويلي كارلوس واجهةً. وهو منفذ أول محاولة لاغتيال آخر رئيس وزراء لشاه إيران شهبور بختياري في باريس، وهي الجريمة التي أودت به إلى الحبس في السجون الفرنسية لمدة 10 سنوات. ولن يغفر له دوره القذر فيما قال بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في عام 2005، وما واكبه من مهزلة شريط «أبو عدس» الذي بثته قناة الجزيرة مباشرة وقبل أن ترفع الجثث من موقع التفجير، اتهم السعودية عبر القناة القطرية، مدبرا الدسائس، والمؤامرات ضد السعودية ومستخدمة إياه الجزيرة «محللا» آنذاك؛ بوظيفة شتم السعودية والتلبيس على المشاهدين بمعلومات مفبركة لصرف الأنظار عن جرائم إيران وممارساتها في المنطقة.

في الوقت نفسه لا تزال لعنة أحمد تيسير أبو عدس (اتهم بأنه الانتحاري الذي نفذ العملية وبرأته المحكمة) تطارد الإعلامي السابق في قناة الجزيرة ومدير قناة الميادين المتحدثة باسم ملالي طهران حاليا غسان بن جدو.

وعلى رغم محاولاته التنصل من «التسجيل»، تضعه المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في جريمة اغتيال الحريري، من أركان الجريمة، باعتبار أن بن جدو و «الجزيرة» سعيا إلى تضليل العدالة عن القاتل الحقيقي، من خلال الترويج لـ «أبو عدس» وإظهاره على أنه المنفذ، وتلفيق الاتهامات للمملكة من على شاشة «الجزيرة» بحبكة إيرانية - سورية مفضوحة!.

والفارق بين «نقّاش أبي عدس» والحركيين السعوديين الذين يخجلون عن الدفاع عن بلادهم بوجه من يهدد أمنها أنه شخص متاح للبيع والشراء، ويعرف كيف يقدم بضاعته مدعياً الثقافة، ومعاصرة قادة العرب والفرس. ولهذا تجد تجارته رواجا لدى القنوات الإيرانية المنار و «الميادين» و «العالم» الإيرانية، إضافة إلى «الجزيرة» القطرية. وتستغل هذه القنوات جهل الأجيال الناشئة بالماضي الملطخ بالدم والتآمر الوقح لأنيس النقاش وأمثاله من بيّاعي الكذب ليقبض مقابله مالاً. وماذا لدى النقاش غير تسويق سياسات النظام الإيراني، والدفاع عن «حزب الله» وزعيمه زلمة إيران حسن نصر الله.

لكن معضلتنا أكبر في الحركيين السعوديين الذين تدثروا، بمساندة من يستهدف وطنهم، بالتواري والصمت إزاء سياسات طائشة، تهدف لشق الصف الخليجي، وتهديد دول الخليج قاطبة. وهو لجوؤهم إلى «التقية»، لأن هؤلاء لن يستطيعوا فكاكاً من انتمائهم العميق للفكر الإخواني والسروري. ففي منهاجهم الكذب حلال، والنفاق جائز، ولهذا لم يجدوا من يصدق أنهم قاموا بمراجعات في فكرهم الخطير الذي لا يعترف بحدود الدول، ولا يحترم التعددية، ولا يعرف للوسطية سبيلاً وإنما ديدنهم النفاق وتدبير المؤامرات.

وأكثر ما يثير العجب أن بعض هؤلاء الحركيين يحاولون التذاكي من خلال إلقاء تساؤلات مفتوحة، كأنهم لا يعرفون الإجابات. فلا ترى «تغريدة» من حساباتهم في «تويتر» إلا وهي مدججة بالأسئلة من أجل التنصل، وليتظاهروا بأنهم باحثون عما يحفظ للخليج أمنه، وهم أكثر من سددوا الطعنات للخليج وفِي التاريخ شواهد عدة، لا يمكن نسيانها. بل هم أكثر من طعنوا العالم الإسلامي من خلال تبنيهم وترويجهم أفكاراً انتهت بالشبان المسلمين إلى العنف والتطرف والسجون، والمآسي التي تشهدها البلاد العربية هم من أحد أسبابها الرئيسة.

الأكيد أن على الحركيين السعوديين أن يفهموا أن الوطن أكبر منهم، ومن أحلامهم التعيسة، وأن أبناءه لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء «ألاعيبهم»، لئلا يغرق الوطن في مستنقع مؤامراتهم، وينخدع الناس بـ«تقيتهم» وأفكارهم السوداء.