عبد الله المعيلي

من مسلمات الأمور وطبائعها المتواترة، أن الضدين لا يجتمعان، أينما بحث في الصفات التي لكل منها خصائها لا يمكن حتماً أن تجتمع في آن واحد، الليل والنهار، الحب والكره، وقس على ذلك كلها أمور لا تجتمع في وقت واحد.

ولهذا يستحيل أن ترى عاقلاً جمع بين أمرين اجتمعت فيهما هذه الصفة نفسها، ومن يتسم بهذا وهم قلة قليلة، يقال عنه هذا (أبو وجهين)، أي يحدث هؤلاء بمعلومات وأخبار، ويحدث آخرين بمعلومات وأخبار مناقضة للسابقة تمامًا، بطبيعة الحال هذه صفة ذميمة لا يمكن أن يتصف بها كرام الرجال الذين لهم كرامة ويحترمون أنفسهم، فالعاقل يدرك أين تكمن مصالحه، ومن الفطرة أن يسعى في السبل المحققة لهذه المصالح، ويتجنب سبل الشر وآلغي لا سيما إذا كانت دلائلها واضحة، ويقال في الأمثال: (من جرب المجرب فعقله مخرب)، الخبرة الشرية كنز ثمين، فطالما أن هناك من جرب خيار كانت نتائجه خراب ودمار، فلماذا أكرر ما مر به الحكمة تقتضي أن استفيد منه وأخذ العبرة من تجربته ولا أكررها، العاقل لا يمكن حتماً أن يقدم على خيارات رأى دلائل فسادها وتدميرها وسلب إرادة من يتعامل معها.

شواهد التاريخ تزخر بالكثير من العبر، فكل من تحالف أو تعاون مع قوى الشر، كلها انتهت إلى مآسٍ وسلب إرادة، واستيلاء على الحكم ومقدرات البلد، والبرامكة أحد الأدلة، والحاضر كذلك يشهد، الكل يعرف بما آل إليه العراق عندما تحالف بل سلم رقبته لإيران الصفوية، في البدء فرضت المالكي حاكمًا للعراق، واستخدمته أداة ينفذ أوارها، فدمر العراق بشريًا وعسكريًا وماليًا، وأوسع السنة قتلاً وتدميراً، وجاءت إيران بحاكم من وراء الستار، جاءت بالمجرم قاسم سليماني ينفذ أجندة إيرانية في العراق، وكون عصابات وشظى العراق لتكون الغلبة فيه للشيعة، ولم يكتف بذلك بل صال وجال في المدن السنة يقتل أهلها، ويشردهم ويجردهم من كل شيء، ولم يعد لهم سلطة ومشاركة في إدارة الحكم في العراق.

قال تعالى: (وهديناه النجدين) سورة البلد الآية 10، أي طريقي الخير والشر، بينا له الهدى من الضلال والرشد من الغي، فمن رحمة الله بعباده أن بين لهم طرق الخير ومؤشراته وسبله، وأن الإنسان حر إن أراد أن يسلكها فهو الرابح، كما بين لهم طرق الشر ومؤشراته وسبله، وأن الإنسان حر إن أراد أن يسلكها فهو الخاسر حتمًا.

بعد هذا البيان لا يلومن الإنسان إلا نفسه أن سلك سبل الشر، واختارها سبيلاً وخيارًا.

فيا أحبابنا في قطر، كيف تفكرون مجرد تفكير في اعتبار إيران الصفوية المجوسية التي لا تخفي عداء للإسلام، وليس هذا بأمر طارئ بل إن العداء فيهم متجسد ممارس عبر التاريخ، ومنذ أن قضى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على حضارتهم وحطم تاج كسرى والعداء فيهم معلن معروف.

كيف تعدونهم أصدقاء وأنتم ترون ما حل بالعراق من تخلف ودمار؟، وما الذي حل بسوريا بعد تدخلهم، الأسد مجرد دمية لا حول له ولا قوة، وما الذي حصل في لبنان، صار حزب اللآت هو صاحب الكلمة العليا، والحكومة عاجزة عن ردعهم ومنع تدخلهم في سوريا، وما الذي يحصل في اليمن الآن.

كيف تقدمون على هذا الخيار؟ وتتخلوا عن من بينكم وبينهم تعاون وصلات وعلاقات لم تروا منها إلا كل خير، وصدق الله تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) الحج الآية 46.