تفاقمت الخلافات بين القوى السياسية الشيعية في العراق خلال الشهور الماضية، ما دعا إيران إلى التوسط بينها، فأرسلت مسؤولَين رفيعَي المستوى إلى بغداد، هما رئيس «مجلس تشخيص مصلحة النظام» هاشمي شاهرودي، والأمين العام للمجلس محسن رضائي اللذين عقدا سلسلة لقاءات مع زعماء «التحالف الوطني».
والتقى شاهرودي رئيس «التحالف الوطني» عمار الحكيم الذي أكد «رغبة العراق في استثمار مكانته الإقليمية ليكون جسراً بين المختلفين في المنطقة»، في إشارة إلى التقارب مع الخليج الذي يتبناه شخصياً، إضافة إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي والزعيم الديني مقتدى الصدر، ويقف ضد هذا التوجه زعيم «ائتلاف دولة القانون» نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، وعدد من قادة «الحشد الشعبي».
وأكد المسؤول الإيراني ضرورة «عدم السماح للقضايا السياسية والخلافات المحتملة بين السياسيين أن تؤثر سلباً في معنويات الشعب». وقال بعد لقائه العبادي: «إن الانتصارات المتتالية في العراق أذهلت العالم». ودعا خلال لقائه المالكي المسؤولين العراقيين إلى «التركيز على القضايا الثقافية بعد اجتيازهم العقبات الأمنية». وأضاف أن «العراق يمكن أن يحقق نجاحاً مضاعفاً من خلال الانتفاع بالتجارب الإيرانية في هذا المجال».
وهناك اعتبارات خاصة بشخصية شاهرودي دفعته إلى الحوار مع القوى الشيعية في هذه المرحلة، فهو من المؤسسين الأوائل لحزب «الدعوة» الذي يقوده اليوم نوري المالكي ويعد العبادي أحد قادته، كما أنه تزعم في بداية الثمانينات «المجلس الإسلامي الأعلى»، إضافة إلى كونه رجل دين لديه مكاتب في النجف وكربلاء، ويمتلك نفوذاً في الأوساط الشيعية ولديه الجنسية العراقية بالولادة، لكن لا يُعرف إذا كان تخلى عنها بعد تسلمه منصبه الرسمي.
وتقول مصادر مطلعة على طبيعة الحوارات التي أجراها رجل الدين الذي يصنف إيرانياً بأنه الأكثر قرباً من المرشد علي خامنئي لـ «الحياة»، إن «وقف الانقسامات التي تواجه التحالف الشيعي كان الهدف الأول للزيارة». ولم تستبعد إجراءه حوارات مع مرجعيات دينية وقوى سياسية مؤثرة، إضافة إلى قادة «الحشد الشعبي».
إلى ذلك، حذر رضائي من أن استفتاء الأكراد على الانفصال هو «تقسيم للعراق وسيمتد إلى سورية وتركيا ويؤدي إلي حروب تزعزع أمن المنطقة». وأضاف أن هذا هو السبب وراء معارضة طهران.
واعتبر امتناع الأمم المتحدة والدول الأوروبية عن مراقبة العملية «أكبر فشل لهذه الفكرة، وإصرار القادة الأكراد على إجرائه يعود إلى أحد سببين، إما لدوافع شخصية أو أن هناك أيادي خلف الستار، وستنكشف هذه الأيادي مستقبلاً».
ويقول مسؤولون عراقيون إن «البيئة الإيجابية التي رافقت التحسن الأمني وطرد داعش من معظم الأراضي التي احتلها عام 2014 رافقتها بيئة سياسية إيجابية على مستوى مضي الحكومة العراقية مدعومة بقوى شيعية دينية مثل المرجع الأعلى علي السيستاني والصدر، إضافة إلى الحكيم، أدت إلى تحسن علاقات العراق الخليجية والعربية، وتحييده في الصراع الذي تخوضه إيران».
وأكدت أن تلك القوى أبلغت طهران بأن رغبتها في ضمان وحدة «التحالف الوطني» الشيعي يجب أن تقترن بتخفيف الضغوط التي تمارسها على الحكومة وأن الانفتاح في العلاقات العراقية- الخليجية يجب أن تنظر إليه باعتباره خياراً استراتيجياً غير موجه ضدها.
التعليقات