ٍتبرز احتفالات العيد الوطني السعودي، منذ القدم وحتى الآن، بالعرضة السعودية، التي أصبحت أحد برامج الاحتفال الرسمي الذي يقام في مواقع الاحتفالات، وكذلك في السفارات السعودية في الخارج، إذ إن العرضة السعودية لون استهوى السكان، ويقام عادة في مواسم الأفراح والأعياد الوطنية، بعد أن كان مقصوراً على حالات الحروب والانتصارات.
وتعد «العرضة» فناً حربياً كان يُؤدّى في منطقة نجد وسط البلاد، وعرفت لعدة سنوات باسم «العرضة السعودية»، وكان هذا اللون يؤدى في المعارك الحربية قبل وفي أثناء توحيد أجزاء البلاد، وعرف الاسم لاحقاً بـ«العرضة السعودية».
ولعل أبرز مستلزمات العرضة: «الراية» أو «البيرق» والسيوف والبنادق إضافة إلى الطبول، في حين تتطلب العرضة صفوفاً من الرجال يتم تقسيمهم إلى مجموعتين؛ الأولى مجموعة منشدي قصائد الحرب، والثانية مجموعة حملة الطبول، حيث يتوسط حامل العلم صفوف المجموعتين ليبدأ منشدو القصائد في أداء الأبيات وترديدها ثم تليها الرقصة مع قرع الطبول لترتفع السيوف ويتمايل الراقصون جهة اليمين أو جهة اليسار مع التقدم لعدة خطوات إلى الأمام، في وقت يكون المنشدون في صف واحد ويستخدمون طبولاً مختلفة يطلق على الكبيرة منها «طبول التخمير»، أما الصغيرة منها فيطلق عليها «طبول التثليث»، ويتردد بصوت يسمعه الحاضرون: «خمر... ثلث»، ولعل طبول التثليث اكتشفت مع العرضة السعودية بهدف رفع المعنويات واستعراض القوة في أثناء الحروب. كما تعد الأزياء الخاصة بالعرضة ركناً أساسياً لإقامتها وأدائها بما يحقق عنصر الإبهار الجمالي للراقصين، حيث جرت العادة أن يلبس مؤدو العرضة زياً خاصاً صنع من قماش فضفاض واسع يسمح بسهولة الحركة للراقص، ويُصنع الزي من قماش أبيض اللون ويكون خفيفاً، وفوقه يرتدي المؤدي للعرضة قطعة سوداء تسمى «القرملية»، وهي ذات أكمام طويلة في العادة تلبس مع الشماغ أو الغترة والعقال.
ويشكل السيف عماداً للرقصة، حيث لا يمكن إتمام العرضة دونه، وفي الوقت الحاضر يلبس الراقص في العرضة «محزماً» يوضع فيه طلقات الرصاص الخاص بالبنادق، في حين يتطلب الأمر ضرورة تسخين الطبول إما بوضعها في الشمس أيام الصيف، وإما بتسخينها على نار هادئة إذا كانت العرضة تقام شتاء، وإما عند عرضها ليلاً في غياب الشمس حتى يكون وقع قرعها عالياً وجميلاً، وبالإيقاع الذي يتوافق مع إنشاد الصفوف.
وشارك ملوك الدولة السعودية الحديثة في تأدية العرضة في مناسبات مختلفة، أبرزها الأعياد الوطنية، حيث تعد أشبه بالاستعراض الرسمي للبلاد وذات حضور قوي في المناسبات الوطنية، معبرين بذلك عن أجواء الفرح والسلام.
واشتهرت الدرعية، العاصمة السابقة للدولة السعودية، بإتقان أهلها هذا الفن، وكانت فرقة الدرعية حاضرة في أغلب مناسبات الدولة، إضافة إلى أن أهالي محافظتي الخرج وضرماء اشتهروا بعشقهم وإجادتهم تأدية العرضة.
وغالباً ما يردد السعوديون في احتفالاتهم ومناسباتهم الوطنية وغيرها، التي يكون للعرضة حضور فيها، البيت الشهير: «نحمد الله جت على ما نتمنى / من ولي العرش جزل الوهايب»، وذلك في أثناء ترديدهم للبيت بشكل جماعي، كمطلع للعرضة مع قرع أصوات الطبول ولمعان السيوف، وقد كتب كلماتها الشاعر عبد الرحمن بن سعد الصفيان.
التعليقات