&مختار الدبابي

تمضي تونس في معركتها ضد الجماعات الإرهابية بمقاربات مختلفة وعلى وتيرة متفاوتة، ذلك أن ما يعرف بـ”الذئاب الشاردة” مصيرها محصور في التصفية الأمنية والعسكرية، ما يجعل الأولوية للتركيز على الظاهرة المتشدّدة في الداخل.

&

السلاح علاج مؤقت

تونس -&نجحت تونس في صمت، ودون إمكانيات عسكرية نوعية، في محاصرة الظاهرة الإرهابية التي سعت لاجتياح البلاد بعد الثورة والاستفادة من المناخ السياسي الهش في بسط سيطرتها بالقوة، لكن هذا النجاح يظل في حاجة نوعية إلى تضافر عناصر أخرى اجتماعية وسياسية لتجفيف منابع التطرف ومنع انتشاره مجددا.

وكشفت الطريقة التي تم من خلالها تصفية أحد العناصر المسلحة المتورّطة في عمليات إرهابية عن حقيقة لافتة هي أن القوات التونسية نجحت في تفكيك المجموعات المتشددة، وأن العناصر المتبقية تتحرك كذئاب شاردة في الجبال القائمة على الحدود مع الجزائر، فضلا عن مواصلة تفكيك نويات صغيرة لمجموعات احتياط أغلبها ينشط على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأعلنت وزارة الداخلية التونسية منذ أيام أنها نجحت في القضاء على “الإرهابي الخطير مراد الغزلاني”، وأن المسلح، وهو مختص في صناعة المتفجرات، “هدد عند محاصرته باستعمال حزام ناسف قبل أن يتم القضاء عليه”.

وسبق للغزلاني أن نفذ عمليات اغتيال وتصفية لأحد أقاربه العسكريين في نوفمبر 2016، بعد أن ترصّده لأسابيع. كما قام بذبح الراعي خليفة السلطاني في 2017، بجبل المغيلة في محافظة سيدي بوزيد، وسط البلاد، وهي الجريمة التي هزت الأوساط التونسية وقتها لبشاعتها، ودفعت الدولة إلى التحرك بأكثر فاعلية لضرب المجموعات المتشددة.

وتراجعت، بشكل لافت، الهجمات التي دأبت المجموعات المتشددة على تنفيذها في تونس بسبب العمليات النوعية لقوات الأمن، فضلا عن أن العناصر المسلحة خسرت في السنوات الثلاث الأخيرة ليبيا باعتبارها إحدى أهم الجهات التي تحصل منها على الأسلحة والدعم المالي، والمقاتلين الذين يتم إرسالهم إلى هناك ليتدربوا على الأسلحة ليذهبوا إلى سوريا أو يعودوا إلى تونس.

وساعد الاستقرار السياسي في تونس بعد انتخابات 2014 على تقوية التنسيق الأمني مع الجزائر التي تمتلك خبرات واسعة في التعاطي مع المتشددين الذين تتبع خطاهم منذ تسعينات القرن الماضي. وتقول تقارير إن المسلح، الذي تولت قوات الأمن التونسية تصفيته، تردّد على دكان بالمنطقة مرات عديدة في فترة محدودة للحصول على الأكل، ما سهّل الإيقاع به، مشيرة إلى أن العناصر الإرهابية الهاربة صارت محدودة العدد، كما أنها لم تعد تمتلك الإمكانيات التسليحية والمالية المعهودة التي أرعبت بها السكان المحيطين بالجبال، وأغرت البعض منهم للتعاون معها.

ويعتقد خبراء أن السلطات الأمنية والقضائية نجحت خلال السنوات الأخيرة في تفكيك شبكات الدعم والتموين التي بناها المتشددون، وتضم في أغلبها عناصر من عائلات ينتمي إليها المسلحون، وكانت تمثل حزاما يحول دون انكشاف الإرهابيين أو اختلاطهم بالناس، ويصنع حولهم هالة من الرعب.

ومن الواضح أن هذه الذئاب الشاردة من الإرهابيين سيكون مصيرها محصورا في التصفية الأمنية والعسكرية طال الزمن أو قصر، ما يجعل الأولوية الآن للتركيز على الظاهرة المتشددة في الداخل، أي ما يتعلق بشبكات الدعم الإعلامي، أو الذئاب المنفردة التي يمكن أن تلتحق بالجبال، فضلا عن مراقبة جدية ودائمة للشبكات السلفية التي أنتجت ظاهرة الإرهاب المسلح، وهي شبكات تنشط بحرية كبيرة، وتسيطر على المساجد، وتهيمن على الأنشطة التجارية الهامشية، وتقيم علاقات اجتماعية مغلقة.

يقول خبراء في الحركات المتشددة إن المعالجة الأمنية مهمة لكونها تمنع تلك التنظيمات من تنفيذ عمليات تهدد الأمن والاستقرار، كما أنها تقدم صورة دقيقة للسلطة السياسية عن حجم أي جماعة أو تنظيم، وخططه، وأساليبه في التنفيذ، والجهاز السري الذي يمتلكه، بما في ذلك الخطط الفكرية والسياسية والمالية والإعلامية التي يتحرك وفقها.

لكن تلك المعالجة لا تقدر لوحدها أن تمنع المتشددين من الاستقطاب لأن المواجهة الأمنية تغذي خطاب المظلومية لدى هذه الفئة، وهو شعور من الصعب نزعه أو الحد من تأثيره لدى منتسبي التيارات الإسلامية بمختلف مسمّياتها، وكلما زاد الضغط عليها تعمق هذا الشعور.

المعالجة الأمنية لا تكفي

تقول بحوث محلية إنه في مقابل كل متطرف يزج به في السجن يظهر عشرة آخرون، في إشارة إلى أن السجون التونسية المكتظة تُمكّن المتشددين من التواصل مع بقية السجناء التقليديين واستقطابهم في مرحلة أولى عبر جذبهم للتعاطف معهم، وفي مرحلة ثانية محاولة استقطابهم فكريا واستثمارهم في تجديد روح المجموعات المتطرفة التي فككتها قوات الأمن.

الجهاز الديني الرسمي لا يمكن أن يقدر على "المناصحة" أو محاورة المتشددين، وعلى العكس سيجد صدودا منهم بسبب صورته المرتبطة بالسلطة كجهاز قمع ومنع

وأشاد معدّ دراسة نشرها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، مؤخرا، بنجاح تونس في “احتواء مشكلة الجهاديين”، لكنه حذّر من أن الخطر يبقى قائما وأن “مستقبل الحركة الجهادية في تونس يتبلور داخل نظام السجون المزدحم الذي يفتقر إلى البرامج الفعالة لإعادة التأهيل أو إعادة الدمج”.

ويقول أندرو مكدونيل، الباحث والمحلل في المركز الدولي للدين والدبلوماسي في واشنطن، إن السجون التونسية تعاني من تخمة في الأعداد التي تفوق قدرتها على الاستيعاب، ومن شأن تدفق المئات من السجناء المحكومين بتمضية فترات طويلة في السجن، أن يتسبب بإنهاك المنظومة ويُسهّل انتشار الأيديولوجيات المتشددة في صفوف المجرمين غير العقائديين.

ويدفع هذا الوضع السلطات السياسية إلى البحث عن صيغة لمواجهة هذا الاستقطاب، وأن تصنع لنفسها مقاربة لإعادة تأهيل هؤلاء السجناء نفسيا ودينيا وعمليا ما يجعلهم متمسكين بالحياة، خاصة أن أكثرهم تم استقطابهم بسبب حالة اليأس القصوى التي كانوا عليها بسبب البطالة والتهميش وغياب الخدمات الضرورية في المناطق والأحياء التي ينتمون إليها.

ويشير الباحث الأميركي إلى أنه و”بغض النظر عن الجهة التي ستتولّى قيادة البرامج، يحتاج العائدون إلى مجموعة متنوّعة من الدعم المتخصص والمكيَّف بحسب احتياجات الأشخاص، بما في ذلك الرعاية النفسية، والتدريب على الوظائف، والمشورة الدينية، والذي يذهب أبعد من إمكانات القوى الأمنية أو تفويضها. والجهة الأفضل لتقديم هذا الدعم تتمثّل بالمنظمات والناشطين الذين هم جزء من المجتمعات المتضرّرة، مع حصولهم على الدعم من الحكومة”.

ولا شك أن الجهاز الديني الرسمي لا يمكن أن يقدر على “المناصحة” أو محاورة هؤلاء المتشددين، وعلى العكس سيجد صدودا منهم، بسبب صورته التقليدية المرتبطة بالسلطة كجهاز قمع ومنع، فضلا عن محدودية الإقناع لجهاز ممزق بين موقفين، علني داعم للتحديث والحريات، وخفي ملتزم بالنصوص القديمة.

ولا تتناسق مواقف الوجوه الدينية الرسمية مع توجهات الدولة، بدءا من مفتي البلاد الذي يكتفي بالصمت، ولا يظهر إلا في حالات نادرة لا تتجاوز زكاة الفطر، أو تحديد مواعيد ظهور الأهلة. وبالمقابل، لا يزال التعليم التقليدي يسيطر على المؤسسات الجامعية المتخصصة بشؤون الدين وعلى البحوث والدراسات الجامعية.

ويقول المتخصصون إن الحركات الإسلامية ستظل قادرة على الاستقطاب رغم تهافت الكثير من الأفكار التي تحملها، في غياب جهة فكرية قوية تخرج النص من القراءة التقليدية إلى قراءة مجددة ومنفتحة وسهلة قادرة على إقناع أجيال جديدة تستقي ثقافتها، ورؤيتها إلى الدين على وجه الخصوص، من وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن المهم توسيع دائرة ظهور المشتغلين بالحقل الديني في البرامج المخصصة للمجال، وزيادة عدد تلك البرامج بهدف كسر النموذج المشوّه والجامد الذي فشل طيلة 60 عاما، والتهيئة لنموذج أكثر قبولا وقربا من الشباب وثقافة العصر.

تفكيك الدور السياسي

تحتاج تونس إلى قراءة الأسباب التي فتحت الباب أمام التيار المتشدد للظهور بشكل مكثّف منذ الأشهر الأولى لثورة 2011، ليس فقط بسبب ضعف الخطاب الديني الرسمي، ولكن هناك خلفيات سياسية ارتبطت بتوسع دائرة الدول التي كانت معنية بالربيع العربي، ووجود جهات محلية ودول تريد أن تدفع بهذا “الربيع” إلى الأقصى، وربما يكون توافد الشباب التونسي على ليبيا ثم سوريا على علاقة قوية بهذه الأجندة.

والكشف عن هذا الغموض موكول للجنة التحقيق في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، التي لم تغادر إلى الآن مربع المناكفة السياسية، وهي لا تزال رهن الصراعات الحزبية بالرغم من التصريحات القوية والحديث عن “وثائق صادمة”، والزيارات التي قام بها أعضاء اللجنة إلى سوريا ولقائهم بالرئيس السوري بشار الأسد، وما يفترض أن يكونوا قد حصلوا عليه من معطيات استخباراتية مباشرة، أو ما راج عن لقاءات لهم مع متشددين تونسيين معتقلين لدى القوات الحكومية السورية.

ومن حق التونسيين أن يعرفوا: لماذا يتأجل تقرير اللجنة، رغم التصريحات القوية لرئيستها الأولى ليلى الشتاوي، والثانية هالة عمران. وسيكون الأمر مهمّا الآن لو أن اللجنة تنشر ما توصلت إليه من نتائج، قبل البدء في تنفيذ اتفاق إدلب بين الدول الضامنة في الملف السوري، وهو اتفاق قد يفتح باب عودة المقاتلين التونسيين إلى بلادهم، ما يجعل تحقيق اللجنة بلا معنى.

وتحتاج تونس للتحقيق في ما يتسرّب عن تزعم المتشددين التونسيين داخل داعش أو النصرة لعمليات القتل والاغتصاب والتعذيب المروّعة ضد المدنيين، وكيف يمكن لتجربة اجتماعية مدنية أن تنتج نماذج متناقضة معها جذريا مثل تزعم عمليات السبي والاتجار بالنساء.

حواضن التشدد

المقاربة الفاعلة في مواجهة التيار المتشدد، لم تعد تتحمل الاحتماء بالمعالجة الأمنية أو الاكتفاء بالزج بالآلاف من الشبان في السجون. وتحتاج الدولة التونسية إلى أن تحفّز جميع أجهزتها وخططها الاستراتيجية لتجفيف منابع التطرف.

ولعل أهم خطوة هو النظر إلى المشهد الديني بعين الدولة الباحثة عن ضمان أمنها، وأن تتخلى عن حسن النية الذي تبديه في مواجهة التيار السلفي التقليدي الذي يوهم بالوداعة والبراءة، وأنه يهتم بالعبادة، ويقصر دعوته على السلوك الديني المباشر من عبادات ولباس.

التسلح بالتعليم والثقافة لهزم الأفكار المتطرفة

وهناك مخاوف جدية من أن تمارس السلفية العلمية، التي تحرص على القول إنها تنأى بنفسها عن التعاطي في المسألة السياسية وإن شعارها طاعة الحاكم، لعبة التخفي والمراوغة، وأنها توفر حاضنة فقهية وروحية للتشدد، خاصة أن الكثير من الشباب الذي كان يهيمن على المساجد ويتصدى للأنشطة المسجدية قد انتقل في شكل هجرة جماعية نحو الخارج للالتحاق بأنصار الشريعة في ليبيا قبل أن تتقاسمه القاعدة وداعش في سوريا، فما الذي يحول دون أن تكون المجموعات التي تبدو الآن مسالمة إلى خلايا نائمة أو خلايا مستقبلية للعمل العنيف.

إن البحث العميق في أنشطة السلفية وغيرها من الشبكات الدعوية أو التربوية سيوفر الكثير من الوقت على الدولة وأجهزتها التي يفترض أن تكون جاهزة للتعاطي مع الطوارئ. كما أن الهاجس الأمني ليس هو المقياس الوحيد لتقصي أنشطة هذه الجماعات التي تستعيد تجربة الجماعة الإسلامية (الاتجاه الإسلامي الذي تحول لاحقا إلى حركة النهضة) في بناء كيان منغلق على ذاته يبني ما يشبه الغيتو ويشيع قيما تتناقض مع مدنية الدولة أو يقيم إمبراطورية مالية مجهولة المصدر.

انتشر التيار السلفي بشكل واسع في غياب أي مقاربة دعوية أخرى (في ظل حضور هامشي للدعوة والتبليغ، وانكفاء الصوفية على زوايا تقليدية منغلقة على ذاتها، وتركيز النهضة طاقاتها على الجانب السياسي، واعتماد المخاتلة في المسألة الدعوية لمنع تركيز الأنظار على منتسبيها الذين يتحرك أغلبهم تحت ستار وزارة الشؤون الدينية).

وفضلا عن السيطرة على المساجد، يبسط التيار السلفي سيطرته على قطاع رياض الأطفال والمدارس القرآنية، ويعتمد نوعا من التضامن الداخلي في مساعدة عناصره، وأغلبهم من مستويات علمية محدودة ويركزون على الحفظ والتلقين في الدعوة إلى نموذجهم التربوي، وسط مخاوف من أن يتحول الانتظام البسيط إلى شبكات مالية محلية أو عابرة، خاصة أن المحيط الاجتماعي يطرح السؤال بشكل دائم عن مصدر تلك الأموال التي تدور بين عناصر الجماعة، وهل أن الأجهزة الحكومية قادرة على مراقبتها؟ ورغم الهدنة المتبادلة بين التيار السلفي وأجهزة الدولة، فإن المنضوين صلب التيار لا يخفون في حملات الدعوة التي يقومون بها معارضتهم لقانون الأحوال الشخصية الذي يحد، وفق ما يقولون، من تعدد الزوجات كما أنه يربط الزواج بعقد قانوني يوجب الإشهار، فيما الأفكار الوافدة التي يحملها هؤلاء تسعى لفرض تعدد الزوجات وإعادة العمل بنظام الزواج على الطريق القديمة، أي زواج سري يشهد عليه فقط اثنان يكونان عادة من “الإخوة” الحاملين لنفس الأفكار. وتتسلل تسريبات عن وجود حالات من الزواج بـ”عقد شرعي” بين المنتمين والمنتميات إلى هذا التيار ولو بشكل محدود، لكنه يؤشر إلى ضرب هوّية الدولة المدنية المتسامحة معهم.

الساحة الرئيسية

المعركة الرئيسية مع الأفكار المتطرفة هي ساحة التعليم والثقافة التي تستطيع فيها الدولة أن تتغلّب على النماذج المستوردة، والتي تحرّم الموسيقى والرقص و”الجيم” والاختلاط بكل أشكاله. ولو استمر سكوت الدولة والمجتمع المدني على هذه الجماعات، فيمكن أن تعمل على فرض سلوكها المتشدد بالقوة مثلما يجري في بلدان قريبة من تونس، حيث تم منع الأعراس ووقف الحفلات في المهرجانات الصيفية، وبعثرة القبور.

ويراهن الخبراء على المؤسسة التعليمية، منذ مستوياتها الأولى في تركيز الاختلاط وتعويد البنات والأولاد على النشاط المشترك في حصص الموسيقى والرقص والمسرح والسباحة لإذابة ثقافة عدم الاختلاط التي يزرعها آباء متشدّدون في نفوس أبنائهم.

لكن، ليس واضحا وبشكل جلي أن برامج التعليم مشغولة ببناء جيل خال من العقد، منفتح على القيم الإنسانية، وفي نفس الوقت متأصل في هويته الإسلامية. وهناك مقاربة إصلاحية، تراوح مكانها لسنوات، تتعرض للكثير من النقد لكونها تستنسخ تجارب الآخرين ولا تتلاءم مع إمكانيات المدرسة التونسية. ويترك الأمر في النهاية لاجتهاد المعلمين ليضخم كل منهم مكونا تربويا على حساب الآخر، في مراوحة بين سيطرة النظرة المتشددة للدين وبين والعلمانية الفجة التي تسعى لإبعاد النشء عن هويته.

وفي ظل تأخر في التقدم نحو مشروع تعليم متوازن، تبقى الثقافة حاملا رئيسيا لمهمة استيعاب الأجيال وحمايتها من التشدد، لكنها إلى الآن غارقة في النخبوية وتحصر اهتمامها في ملفات بعيدة عن هموم الفئات التي يستهدفها المتشددون بالاستقطاب.

وتحتاج وزارة الثقافة التي تدعم التوجه النخبوي، وخاصة الثقافة الاستعراضية الهادفة للترفيه في المهرجانات، إلى أن تشتغل على ثقافة مغايرة تقوم على إعادة تفعيل دور الثقافة في المناطق الداخلية وإحياء تجربة النوادي، الخاصة بالسينما والمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية، لبناء شخصية طفل جديد يكتشف ثقافة النوع والقيمة بدلا من ثقافة السوق الاستعراضية، وهي ثقافة عاجزة عن مجاراة الثقافة التي تنتجها الأحياء الشعبية خاصة “الراب” الذي يهيمن على الوعي الجماعي لكونه يعالج قضايا الفقر و”الحرقة” (الهجرة غير المشروعة)، ويعبّر عن مشاعر الناس وخيباتهم.

وكانت تجربة النوادي نجحت إلى حدود تسعينات القرن الماضي في خلق جيل متوازن ثقافيا، لكنها تحتاج إلى مقاربة جديدة في ظل العالم الافتراضي الجديد.

&