علي أحمد البغلي

 رجل دين تركي يُدعى نور الدين يلدز، أدلى بتصريحات الأسبوع الماضي حول المرأة، يقول فيها: «إنه من الممكن لفتاة في سن ست سنوات أن تتزوج، كما أوصى المرأة بشكر ربها، لأنها تتعرّض للضرب من قبل زوجها»!.. الأمر الذي أثار رد فعل شديدا لدى المجتمع التركي.. كان ذروته رد أردوغان الرئيس التركي الشجاع، خلال حفل أقيم بمناسبة يوم المرأة العالمي، قال فيه: «يُدلي رجال دين بتصريحات ويصدرون فتاوى حول المرأة لا مكان لها في ديننا».. مضيفا «إنهم لا يعيشون في عصرنا، إنما في عالم آخر، هم عاجزون لدرجة أنهم لا يعلمون بأن الإسلام يحتاج تحديثاً.. حيث انه لا يمكن تطبيق الإسلام بأحكام صدرت قبل 14 ـــ 15 قرناً، وتطبيق الإسلام يختلف وفق المكان والزمان والظرف، وهنا يكمن جمال وعظمة الإسلام».. انتهى.

ونحن نكبر في أردوغان الرئيس التركي شجاعته في ذلك القول، مع أنه ينتمي إلى حركة قريبة من فكر الإخوان، لكن من يحكم أمة تحوي مختلف الاعتقادات والأخلاق والثقافات والأصول العرقية، يجب عليه أن يكون تفكيره وتصرّفه بذلك المستوى الراقي الذي يستوعب الكل، ولا يفرض ما يعتقده على كل الآخرين..

* * *
وفي ذلك درس نتمنى على بعض ساستنا.. خصوصاً المنتمين منهم الى الحكومة الرشيدة أن يستوعبوه جيداً، فلا يجفلوا من صرخة صبيان الأصولية المتشددة في مجتمعنا، كلما صدرت إليهم الأوامر من دهاقنة تلك القوى، بوجوب الصراخ بالفاضي والمليان.. العالم كله احتفل يوم 8 مارس الجاري بالمساواة بين الرجل والمرأة، والمقصود المساواة في الحقوق والواجبات المدنية، وليس بالالتزامات الشرعية المنصوص عليها بنصوص قطعية!.. حيث أعلنت الحكومة الرشيدة مشاركتها باحتفالات رمزية عن ذلك الموضوع في مبنى البورصة وحديقة الشهيد.. ليزعق في وجهها عن طريق «تويتر» عدد أقل من أصابع اليد الواحدة من نواب الأمة.. فوضعنا أيدينا على قلوبنا خوفاً من رضوخ «الرشيدة» المعتاد لذلك الزعيق، خوفاً منا على هيبة الحكومة، ليس إلا!!.. لان هؤلاء لا يملكون غير الصراخ.. وقد تحقّقت مخاوفنا للأسف، ورضخت الحكومة للتهديد، فغاب ممثلوها الوزراء من احتفال حديقة الشهيد، كما أعلمتنا القبس في صدر صفحتها الأولى من خلو مقعد الوزير.. أما احتفال البورصة فإنه يدل اسمه من «المساواة بين الجنسين» إلى «التمكين»! وهذا أمر لا يعني إلا مزيداً من إهدار الهيبة والسلطة، متوقعين أن يزداد زعيق هؤلاء بمناسبة وغير مناسبة على الحكومة، ليكسبوا مزيداً من النقاط أمام دهاقنة أحزابهم وشارعهم وقواهم الأصولية، التي حجمت في كل بلدان العالم المتحضّر والبلاد الشقيقة، ما عدا دولة الكويت وحكومتها الرشيدة، التي لا تزال تخضع وتخنع لأي صرخة لهؤلاء المفلسين! والتي فشلت في الرد على القوى الأصولية بالطريقة «الأردوغانية»، كما عودتنا مرة ومرة بعد أخرى..!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.